رياضة خارج الزمن – عمار طاهر

في المرمى

رياضة خارج الزمن – عمار طاهر

ما تزال تصرفات اللجنة الأولمبية تثير الشفقة، فهي لا تستوعب الدرس، ولم تستفد من التجربة، وتصر على التمسك بخطاب اعلامي بائس، أصبح مستهلكا ومجترا من فرط التكرار، وكأنها لا تعي ما يدور حولها من متغيرات قسرية، لتغدو كالنعامة تدس راسها في التراب، وتتوهم ان ذلك يمكن ان يستر عورتها، فالتعامي عن واقع جديد لا يعني حذفه أو التخلص من تداعياته وتبعاته.

الأولمبية تردد عبر تعميمات فقدت محتواها، وتبدد تأثيرها، عن اعتذار بعض الاتحادات عن المشاركات الخارجية، او تلوح بين الحين والأخر بفرض عقوبات دولية، وهي لا تدرك ان رياضة الإنجاز أضحت خارج الزمن منذ سنوات، فالشارع الرياضي الذي أدمن فضائحها وهزائمها، لا يكترث بإيقافها، لأنها ببساطة.. لم تعد موجودة.

الأولمبية في دفاعها عما تبقى منها، تختزل صراعها الوجودي بالتمترس خلف مستحقات الموظفين البسطاء، لتحول القضية من فشل ذريع، وشبهات فساد، وملفات نزاهة، الى عاملة تطالب براتبها الشهري لدفع ايجار (المولدة)، ولا نعلم لماذا لا تبادر الى اسعافها وبقية الموظفين من منحة شهري كانون الثاني وشباط التي تتجاوز المليار دينار؟ او من الأموال الممنوحة من اللجنة الأولمبية الدولية! او عقاراتها التي تدر عليها مبالغ طائلة!.

ما يثير الأسى موقف رئيس اللجنة الأولمبية الذي جرده قرار مجلس الوزراء من المنصب، فبات مجرد اسم ليست له دلالة، ليخسر اعز ما يملك.. نجوميته.. رمزيته.. تاريخه الكبير، لم ينصت الى نفسه وقد نصحناه في أكثر من مرة، قلنا له في رسالة من القلب.. مقعد الرئاسة فارغ منذ ان شغلته، فأرجوك اجعله مأهولا بك، وان فشلت يكفيك شرف المحاولة، فبعض المعارك في خسرانها شرف.. قلنا له.. أنك سيد الحضور، والكل على موعد مع الغياب، ولسوف يذكرك التاريخ.. أنك قد مررت في هذا الزمن الرديء مرور الكبار، ولكن جميع نداءاتنا كانت بلا صدى.

البيان الأخير لما يسمى بالاجتماع التشاوري للاتحادات الرياضية يكشف الوضع المزري للجنة الأولمبية، فقد احتوى العديد من المتناقضات، اذ يشيد بالحكومة وإجراءاتها، ويقاضي وزير الشباب، وكأن الرجل مسؤول في دولة أخرى.. وكأنه لا ينفذ تعليمات الحكومة ذاتها، ثم هل الوزير الحالي هو من عطل قانون الأولمبية خلال 16 سنة الماضية؟ ان الشخصنة وحصر العداء وتبرئة الحكومة واتهام المسؤول الحكومي أسلوب معلوم، لم يعد ينطلي على أحد.

اسوأ ما في الصراع القائم حاليا في المشهد الرياضي انه السبيل الوحيد للتغيير، وانقاذ الرياضة من براثن الفساد.. واسوأ ما يحرك نزلاء البيت الأولمبي هو غريزة البقاء، فهم يعتقدون انها ملك لا يبالى.. نذكرهم بالآية الكريمة التي استهل بها بيانهم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) وان يردوا الرياضة الى أصحابها الحقيقيين، ويغادروا من الباب الخلفي، فهم مجرد أسماء عابرة في ثنايا الزمن.

مشاركة