روسيا لن تتخلى عن الأسد بسهولة
محمد علي بيرانت
ترجمة سناء عبدالله
شهدت مؤخرا الأحداث ذات الصلة بالشأن السوري مواجهة تهدف إلى الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتكتسب الأسباب الكامنة وراء الرغبة بالإطاحة بنظام الأسد أهمية خاصة بالنسبة لتركيا. اعتقد أن ثمة سببين يدفعان بروسيا إلى مساندة الزعيم السوري الأول، حماية القاعدة البحرية في ميناء طرطوس السوري التي توفر لروسيا منفذا لمياه البحر الأبيض المتوسط. أما السبب الثاني فيكمن في مصلحة روسيا في مواصلة بيع الأسلحة لسوريا، وبالتالي الحفاظ على دور مؤثر لها في منطقة الشرق الأوسط. وكانت تصريحات عديدة قد صدرت مؤخرا بهذا الشأن، واحدا تلو الآخر، وآخرها صدر في مقالة على درجة عالية من الأهمية كتبها روسلان بوخوف، مدير مركز الدراسات والتحليلات الاستراتيجية والتكنولوجية الذي يقع مقره في موسكو. رأى التقرير المذكور أن الأسباب الواردة أعلاه لم تعد ذات أهمية، بل أن الإسلام المتطرف هو بالحقيقة ما يزعج الرئيس بوتين. أشار بوخوف أيضا إلى جوانب هامة أخرى تتعلق بالأوضاع في روسيا. إن ما جاء في تلك المقالة يستدعي انتباه خبرائنا في تركيا قبل كل شيء تأتي حقيقة أن القاعدة البحرية في طرطوس لا تحمل أي أهمية كما كان يُعتقد في السابق. وفيما يوجد في هذه القاعدة حاليا نحو خمسين عسكريا روسيا وبعض الثكنات، فهي لا تحتوي على مزايا استراتيجية سوى رفعها العلم الروسي. من جانب آخر، يشكل حجم مبيعات السلاح ما يعادل خمسة بالمائة فقط من إجمالي حجم المبيعات الروسية سنة 2011. إضافة إلى ما تقدم، فقد توقف الروس منذ فترة طويلة عن بيع التكنولوجيا المتطورة والأسلحة ذات الكثافة النارية العالية إلى دمشق. كما أعلنوا أيضا بأنهم لن يوقعوا أية عقود عسكرية جديدة مع سوريا.
على صعيد آخر، تكتسب مسألة حماية نظام الرئيس بشار الأسد من السقوط أهمية من زوايا مختلفة تماما إن الإطاحة بنظام الأسد من جانب الغرب، كما حدث تماما للقذافي في ليبيا، يعني زوال الحليف الأخير لروسيا في الشرق الأوسط، ورغم أن هذا الزوال ليس سوى مسألة ذات دلالات رمزية، فانه يعني أيضا بأن مكانة روسيا كدولة عظمى قد تلاشت تماما ولم يبق لها أي وجود. وعليه، فان موسكو لا ترغب في رؤية سقوط النظام السوري وهي تسعى جاهدة ألا تترك مصير الأسد بيد الغرب.
ويبدي بوتين انزعاجا شديدا على نحو خاص من حقيقة أن الغرب بوسعه أن يتصرف بسهولة بالغة في الشرق الأوسط، وأن الربيع العربي قد قلب المنطقة رأسا على عقب. لقد سقطت الأنظمة العلمانية في المنطقة، فيما هيمن الإسلامويون على الأوضاع في المنطقة. ويرى الروس في ما يحدث تطورا لا يخدم المصالح الروسية. لقد كانت الأنظمة الاستبدادية العلمانية عاملا هاما في توفير الحماية ضد وصول الإسلامويين، وفي هذا السياق، فإن الأسد لم يكن دكتاتورا سيئا. وهكذا ينظر إلى الدعم الذي تقدمه تركيا وقطر والسعودية إلى المعارضة السورية بوصفه ضغطا إسلاميا. وتبدي روسيا غضبها أيضا حيال الغربيين ، وحيال الولايات المتحدة على نحو رئيسي، لأن بوسعها الإطاحة بتلك الإدارات متى ما شاءت على حساب تحريف قرارات الأمم المتحدة عن مضامينها. وتُساق في هذا الصدد الحالة في ليبيا كمثال على ما تقدم. خلاصة القول، أن روسيا لن تتخلى بسهولة عن هذا الأمر. وإذا ما تكمن الأسد من تهدئة المعارضة الداخلية وإيقاف سفك الدماء، فلن تكون هناك مشكلة، لكن في حال تواصلت الأحداث بذات الوتيرة التي تشهدها الأوضاع هذه الأيام، فان موسكو ستضطر إلى التخلي عن الأسد إن آجلا أم عاجلا.
رسالة البرزاني قد تغير المعادلة
إذا كان العامل الخارجي قد مكن الاسد من المقاومة لفترة طويلة طالما بقي يحظى بالدعم الثلاثي الروسي ــ الصيني ــ الإيراني، فان العامل الداخلي يتمثل في الدعم الذي يحظى به النظام من قبل المسيحيين وقطاع مهم من الشعب الكردي. وتكمن مخاوف هؤلاء بأن يحتل الإسلامويون محل الأسد وأن يزول النظام العلماني من البلاد. ويلعب الأكراد دورا هاما في هذه المعادلة. وفيما يدعم البعض منهم الأسد، فإن آخرين يعارضونه، ويخدم هذا الانقسام في المواقف مصالح نظام الأسد. وكانت الحكومة الاقليمية لكردستان التي يترأسها مسعود البرزاني قد أشارت مؤخرا إلى سبل تغيير هذه المعادلة إذا ما توحد الأكراد واتخذوا قرارا موحدا. ويحاول البرزاني وضع استراتيجية مشتركة، ولا نعرف حتى الآن إن كانت مساعيه ستحظى بالنجاح، لأن مهمة القضاء على الخلافات في وجهات النظر بين الأكراد أمر ليس هينا.
صحيفة حريت التركية
/7/2012 Issue 4250 – Date 14 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4250 التاريخ 14»7»2012
AZP07