روبوتات بشرية للسيطرة على العقول – كمال جاسم العزاوي
حب الانسان للنفوذ والسيادة دفعه الى البحث عن وسائل لكسب المؤيدين وجرّهم الى دعم وتحقيق نهجه التوسعي ومن هنا نشأت فكرة امتلاك ناصية هذا
الانسان والاستئثار بقوته العقلية وتوجيهها من قبل الانسان نفسه لتحقيق مشاريع وأهداف يعجز عنها (الروبوت الآلي) بسبب كلفته المادية مما يعني امكانية تجنيد أعداد هائلة من البشر بأقل التكاليف وذلك باسلوب السيطرة على العقول أو ما يعرف بعملية (غسل الدماغ) التي قد تخضع لها أمم وشعوب كبيرة كما في المانيا النازية ابان الحرب العالمية والاتحاد السوفيتي السابق حيث فرضت الاحزاب الحاكمة آنذاك نوعاً من الانظمة الشمولية المستبدة قدمت نفسها كثورات وطنية منقذة للبلاد والعباد عن طريق الدعاية والترويج لحكمها باسلوب افتراض المؤامرات وتقديم الأعداء الوهميين خدمة لتلك الأنظمة وأجندتها الغير مشروعة
حروب كورية
{ ما معنى (غسل الدماغ) وكيف يكون ؟؟
– اطلقت هذه التسمية منتصف القرن العشرين بعد الحرب الكورية وهي نوع من العمليات التي يقصد منها تغييير القناعات العقلية بمحو الذاكرة السابقة للانسان واحلال قيم ومبادئ جديدة محلها تخدم الجهة المتبنية لهذه الفكرة ولربما بدأت العملية بحجز الأفراد وقطع صلاتهم بالانتماءات الماضية وتوجيههم من جديد بكل وسائل الترهيب والترغيب وبنفس الخطوات تتكرر العملية لمجتمعات وشعوب بأكملها بعزلها عن العالم الخارجي وتسليط ماكنة الدعاية لمحو ذاكرتها وتهيئتها
نفسياً وفكرياً للقبول بالقناعات الجديدة والولاء للمباديء المطلوبة
{ ماهي مداخل السيطرة على العقول ؟؟
لا شك أن مواطن الضعف في النفس البشرية تدفع الى التصديق والتسليم بالأمر الواقع والتي يسيرها الجهل وغياب الوعي الفكري وكذلك تأثير ما يعرف في
علم النفس ب(الايحاءالاجتماعي) الذي يبدأ بالتقليد وينتهي بالتوحد الجماعي اللاارادي اضافة الى العامل الروحي أو العقدي الذي ينتج عنه الانقياد الأعمى
للسلطة الدينية وكل ما ذكرنا هي مقومات تجعل عقل الانسان عرضة للاختراق ومشروعاً مغرياً ل (الانسان المبرمج) عقلاً وعاطفة وسلوكاً
{ ما هي مظاهر السيطرة على العقول ؟؟
هناك سمات واضحة للأفراد أو المجموعات الواقعة تحت تأثير الدعاية النفسية وعمليات غسل الدماغ اللاانسانية يمكن تمييزها من خلال المواقف التالية :
– ضيق التفكير والتمسك بشعارات اعلامية وأهداف محددة واعتبارها خطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها مهما كلف الأمر – توحد المواقف والتشبث بها وعدم التراجع مهما كانت بعيدة عن الواقع وتقاطع العقل والمنطق
– الانسلاخ من الاصول القومية والوطنية والارتماء في أحضان الجهة المروّضة حتى النهاية
مؤشرات ونتائج
لاشيء في هذا العالم أسوأ من عمليات غسل الدماغ والتحكم به لصالح الشر وجعل ولاءه المصطنع حقيقة مسلم بها وهو أشد خطراً على الشعوب والأوطان
من غسيل الأموال ومن القنابل الذرية فهي عملية ابادة ممنهجة للعقل البشري الباني للأوطان والمطور للحياة وهي خسارة مضاعفة للمجتمع لأنها تغتال العقل المفكر النافع وتزرع محله مخلوقاً شريراً معادياً ومدمراً لكل شيء وليس خافياً ماحصل في التاريخ الحديث لدول وشعوب من تبعات كارثية لم تتخلص من آثارها الى زمن قريب وما نعيشه ونلمسه اليوم من فتن وحروب بالنيابة وقطيع من القوى البشرية المنزوعة الألباب والذمم تجتاز الحدود الآمنة لتشيع الخراب والدمار أينما حلت في أراض غير أراضيها و بلدان غير بلدانها تحت شعارات دينية باطلة لا تقبلها العقول السوية لكنها تستقر في العقول المغيبة كما تروض الوحوش في السيرك مع اختلاف المهمة طبعاً.