باحثون يناقشون ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الشرقية
روائي ألماني يلتقي مترجمي نصوصه إلى الأوربية
بغداد- رزاق ابراهيم حسن
تعد اللغات الشرقية اكثر قرباً للغة العربية من اللغات الغربية، لانها عاشت في بيئة قريبة من بيئة اللغات الشرقية او مجاورة لها، ولان اللغات الشرقية قد عرفت الكثير من عناصر ومضامين اللغة العربية، وعرفت قسما من ثقافة الاديان السماوية كما ان بعض شعوب هذه الاديان قد آمنت بالاسلام، واصبحت من الشعوب الاسلامية ولذلك فان ترجمة القران الكريم الى اللغات الشرقية لا يمتلك صعوبة هذه الترجمة الى اللغات الاوربية الغربية، ويفترض ان تكون هذه الترجمة اكثر دقة وعمقاً وامانة من الترجمة الى اللغات الاوربية الغربية.
ويعزز ذلك إن المسلمين مازالوا ينظرون بريبة وعدم اطمئنان الى ترجمات القران الكريم الى اللغات الغربية لان الكثير من الذين يتولون هذه الترجمة ينطلقون من اهداف وتوجهات سياسية استعمارية ولان بعضهم يحاول انتزاع الثقافة الاسلامية من خصائصها واصولها،وجعلها تابعة لثقافات اخرى، ولانهم يريدون البرهنة على التاليف البشري للقرآن، وانه لا يمتلك مواصفات الكتاب السماوي المقدس.
ان الترجمة للقرآن الكريم الى اللغات الشرقية يمكن ان تكون من عناصر الرد على الترجمة المغرضة والمشبوهة للقرآن الكريم من العربية الى اللغات الغربية، ويمكن ان تساعد على توفير المصطلحات والمفردات الصالحة للترجمات العالمية للقرآن الكريم، ويمكن من خلالها دراسة ترجمات القرآن الكريم بشكل يعطي افضلية وارجحية لترجمات القرآن الكريم الى اللغات الشرقية.
وتؤكد الندوة العلمية التي عقدها قسم دراسات الترجمة في بيت الحكمة بعنوان (دراسة نقدية ولترجمة القرآن الكريم عن اللغات الشرقية) على وجود كثير من العناصر المشتركة بين اللغة العربية وهذه اللغات، فمع ان ابحاث الندوة لم تتوسع كثيراً في تناول هذه العناصر، ومع انها اقتصت على امثلة قليلة منها، الا ان هذه الامثلة تؤكد احتواء هذه اللغات على ما يقربها من اللغة العربية، وجعلها صالحة لترجمات القرآن الكريم.
فالمثل في اية ثقافة عنوان حياة وعلاقات وتقاليد وطقوس ومعايير، وقد كـــــــان عنوان البحث الاول في ندوة (دراسة نقدية لترجمة القران الكريم عن اللغات الشرقية) ينص على (ترجمة المثل القرآني الى اللغة العبرية).
وهذا البحث للاستاذ الدكتور طالب القريشي، فيما القى البحث الثاني الباحث احمد سامي جاسم وكان بعنوان (دور المترجمين المستشرقين في ترجمة معاني القرآن الكريم).
وجاء البحث الثالث بعنوان (بديع لف ونشر در قرآن كريم- ترجمة وتحليل) سامي عبد الحسن، وجاء البحث الرابع بعنوان (ترجمة اسلوب القسم في القرآن الكريم – ترجمة الهي قمشه اي انموذجا) بقلم الدكتور فاضل عباس المحمداوي، واختتم الدكتور رضا الموسوي الندوة ببحث عنوانه (ملاحظات ترجمة الافعال (كاد، يكاد) ، (لا يكاد لم يكد) في مجموعة من ترجمات القرآن الكريم الى الفارسية).
ومع اهمية هذه البحوث الا ان اغلبيتها اقتصرت على اللغة الفارسية، كما انها افتقرت الى دراسات عن الخصائص والعناصر المشتركة بين اللغة العربية واللغات الشرقية، ودراسة دور الثقافة العربية في تاهيل بعض مترجمي القرآن الكريم الى اللغات الشرقية ويبدو لي ان ترجمة القران الكريم بحاجة شديدة لان تكون جماعية وليس فردية، ولان تكون جهداً مشتركاً بين مؤسسات عربية واخرى مؤسسات غير عربية، ولكنها ذات ثقـــافة عربية.
وقد نقل عن الكاتب الالماني غونتغراس انه كان يلتقي مترجمي اعماله الروائية الى اللغات الانكليزية والفرنسية، الايطالية، الاسبانية، الروسية، البرتغالية لكي يناقش معهم المفردات الاكثر قدرة على نقل افكاره، ولكي يجيب على استفساراتهم واسئلتهم، لان بعض الجمل والمفردات ربما تكون غامضة او ملتبسة او عصية على الترجمة، وربما تكون بعض الجمل والمفردات بحاجة الى مزيد من الشرح والتفصيل وتكون اخرى اقرب الى الاختصار والايجاز.
ومثل هذا التعامل يحدث مع روايات يكون اغلبها غير مقترن باهداف وغايات سياسية وايديولوجية ودينية، او تكون بريئة من هذه الاهداف والغايات، ولكن الامر بحاجة الى التفكر والتأني عندما يكون الكتاب المراد ترجمته من العربية الى اللغات الاخرى هو القرآن الكريم، وينبغي ان تعقد ندوة او مؤتمر عن الجهود المشتركة في ترجمة القرآن الكريم من العربية الى اللغات الاخرى، وما ينبغي تحقيقه لتفعيل هذه الجهود على الصعيد العالمي.