رمضان… ذاكرة الزمان والمكان

جديد محمّد رجب السامرّائي

 

رمضان… ذاكرة الزمان والمكان

 

 

دبي- الزمان

 

 يأتي كتاب” رمضان ذاكرة الزمان والمكان” لمؤلفه الإعلامي العراقي محمّد رجب السامرّائي، ثالث كتاب ألفه عن شهر رمضان الفضيل عقب كتابه الأول” رمضان والعيد عادات وتقاليد” الصادر عام 2001 عن نادي تراث الإمارات في أبوظبي، وكتابه الثاني” رمضان في الحضارة العربيّة الإسلاميّة” الصادر عام 2002م في دمشق.

 

وقد صدر الكتاب الثالث للسامرّائي” رمضان ذاكرة الزمان والمكان”  ضمن سلسلة كتاب المجلة العربيّة الشهرية التي تصدر في الرياض بالمملكة العربية السعودية، ويضم أثنا عشر فصلاً، وبواقع 177 صفحة من القطع المتوسط، ليستعرض للقارئ الكريم فصولاً وصور وحكايات عن شهر رمضان الكريم.

 

 

رمضان خير وبركة

 

  وها هو شهر الصيام قد أزف على الرحيل ليجزي الله الصائمين والقائمين الأجر والثواب والغفران، يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” أتاكم شهرُ رمضان خير وبركة يغشاكم الله فينزِّل فيه الرّحمة ويحطُّ الخطايا، ويستجيب الدّعاء، فأروا الله فيه من أنفسكم خيراً فإنّ الشقيَّ مَن حُرِمَ فيه رحمة الله عزَّ وجل”.

 

 

  رمضان والصوم

 

   حظيّ اسم رمضان والصوم العديد من الاهتمامات التي سطرها المُؤلفون العرب في مؤلفاتهم التي تركوها خلال العصور الإسلامية، لاسيما في كتب التاريخ والتراجم وفي دواوين الشعراء، وفي معاجم اللغويين والكُتّاب وأصحاب البلاغة والبيان.  وهنالك اختلاف في اسم رمضان عند علماء اللغة السمحة. فيعني الفعل رَمَضَ: الحجارة، والرَمْضَاء هي: الأرض الشديدة الحرارة من وهج الشمس. وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ” صلاة الأوّابين إذا رَمَضَتْ الفصال “، أي إذا أحرقت الرمضاء لِخِفَافِها فَبُورِكت من شدة الحرِّ. وتكون صلاة الأوّابين في وقت الضحى. وقد شاءت المصادفات أن كان الوقت حاراً عندما أرادت العرب تسمية الشهور فسميّ الشهر ذاك بشهر رمضان. ويقال رَمَضَتْ النصل، إذا دفعته بين حجرين لِيَرُّقَ، وسميَّ رمضان لأن العرب كانوا يَرْمِضُوْنَ فيه أسلحتهم استعداداً للقتال في شهر شوال الذي يسبق الأشهر الحرم. وقد أطلق رَمَضَانُ على شهر الصيام لأنه يَرْمِضُ الذنوب أي يحرقها أما عند الخليل بن أحمد الفراهيدي فإنه: مشتق من الرمضاء وهو: مَطرٌ يأتي قبل فصل الخريف.

 

   أما كلمة الصوم فقد اشتُقَت في لغتنا العربيّة من المصدر، صامَ يصوُمُ ومن مصادره: الصيام فتقول: رجل صائم وصَوْمَان على الوصف بالمصدر، وهو ما يوصف به المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع. ويجمع الصائم على: صُوّام وصِيّام وصُوَّم وصِيَّم وصَيامَى، وتدور جميعها حول الأصل، ففي قولنا: صامَ الرجل، امتنع وفي قول الحق تعالى على لسان مريم في سورة مريم/26 :(إنّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إنْسِيَّا)، بمعنى امتنع، لأن المراد بالصوم بالآية المباركة هو الصمت والامتناع عن الكلام.   كما أنّ لشهر الصيام طعماً يتذوقه المسلمون الصائمون طيلة أيامه الكريمات. ولهُ عند السلف الصالح في ماضي أيامه أثار عن فضائله وتفرده عن سائر شهور السنة كلها. فقال وكيع في تفسير قوله تعالى: ” كُلُوا واشْربُوا هَنِيْئاً بِمَا أَسْلَفْتُم في الأيَّام الخالية”. إنّها أيام الصوم تركوا فيها الأكل والشرب. وروي عن قتادة انه كان يقول:  “مَنْ لم يغفر له في شهر رمضان فلن يغفر له في غيره”.

 

 

رمضان في العربيّة

 

    اسم رمضان والصوم والصيام يردده المسلمون عند قدوم الشهر المبارك أو عندما تحلّ علينا أيامه المباركة، وحظي شهر رمضان بوافر من الذكر والحديث عند المصنفين العرب، أو ما دبجّه  الشعراء حول معانيه ولياليه الشعراء في غرر القصائد، أو ما كتب فيه الأدباء العديد من المقطوعات النثرية البليغة، عبر العصور الأدبية الماضية، ومازال شهر رمضان يحظى بنفس المكانة والاهتمام على المستويين الرسمي والشعبي.

 

 

  القدر المُباركة

 

    يحفل شهر رمضان الكريم خلال أيامه الكريمات على مناسبات وليالٍ يحرص  الصائمون على أدائها لما فيها من أجر كبيرنحو: صلاة التراويح التي يؤديها المسلمون عقب صلاة العشاء والتي وحد صلاتها على إمام واحد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضيّ الله عنه. وهناك طعام السحور الذي يعدّ من أبرز سمات ليالي الصوم المبارك حيث يستعد الصائمون خلال وقت السحر وقبيل أذان الفجر لتناول طعام السحور في الهزيع الأخير من الليل ليتقووا به على صيام يوم رمضاني جديد.

 

    ويحيي الصائمون في العشر الأواخر من شهر الصيام لياليها بالذكر والعبادة وتلاوة ومذاكرة القرآن المعجز والتسبيح والتحميد والتمجيد، ويحيون ليلة السابع والعشرين منه لتاج الليالي ” ليلة القدر “المباركة التي أنزل فيها للحق الجليل قرآنه الكريم على نبي الرحمة والهدى محمد بن عبدالله صلّى الله عليه وسلّم، ثم يستعد الصائمون لاستقبال عيد الفطر السعيد ولينهوا صيام الشهر الكريم بالطاعات ونيل الخيرات والأجر العميم من الله سبحانه وتعالى.

 

   وبرز في التراث الجغرافي العربي وعبر القرون الإسلامية المتعاقبة رحالة مسلمون جابوا الآفاق ودوَّنوا بقلمهم ما وصلوا إليه من مدن وبلدان تجاوز بعضهم فيها رقعة الخلافة العربية الإسلامية، فسجلوا لنا تفاصيل عديدة عن عادات وتقاليد الحياة الاجتماعية لتلك الأقوام والمِلَل والنِحَل التي وصلوا إليها. ودوّن أولئك الرحالة الذين قصدوا جزيرة العرب ما شاهدوه من احتفالات تقام خاصة في استقبال الأشهر العربية، وحكوا في رحلاتهم للقرّاء بصور ناطقة حيّة عن احتفالات المسلمين وهما الرحالين العربيين ” ابن جبير، وابن بطوطة”.

 

 

فصول الكتاب

 

   لقد عقدنا مادة الكتابî” رمضان ذاكرة الزمان والمكان” من اثني عشر فصلاً، تناولنا فيه سيرة شهر رمضان الكريم في رحاب الزمان والمكان، حيث جاء الفصل الأول بعنوان” التهنئة بشهر رمضان” الذين هنئوا الحكام والولاة والأصدقاء بمقدم الشهر الفضيل، بينما عرض الفصل الثاني لـ: “رمضان مكة المكرمة في أدب الرحلات”، أعقبه الفصل الثالث للحديث عن: “رمضان دمشق والقاهرة عند الرحالة”، في حين أفردت الفصل الرابع لتناول:” المجالس الرمضانية”، أما الفصل الخامس فهو عن: ” الطعام عند العرب”، أعقبه الفصل السادس الذي أشرت إلى” التراويح وفوانيس رمضان”، تلاه الفصل السابع للحديث حول:” السحور في ليالي الصيام”، كما تحدثت في الفصل الثامن في موضوع:” الحُلويات الرمضانية”، وألحقته بالفصل التاسع عن” “مُفاكهات الصائمين”، تلاه الفصل الحادي عشر” شهر رمضان خليجياً”، وختمت فصول الكتاب بالفصل الثاني عشر عن” عيد الفطر السعيد”، ثم أوردت قائمة المصادر والمراجع التي اعتمدتها.