رسالة مختصرة إلى أمي
سأكتبُ ..
سأكتب أني مازلت حياً
أتنفس ما يتنفسه الآخرون
وأشرب ماء معدنياً
وأمشي بحذائيّ جلدٍ
وقميص قطنْ !
سأكتبُ
بأني ما زلت عادياً
كأي يومٍ نصف غائم
كأي قطار
يصل بعد موعده بقليل
سأكتبُ بأني ما زلت طفلاً
أفرح بالعيد
وأحزن حين أرى النساء
يتسربلن بالسواد
ويبكين موت الحسين ..
سأكتب أن الأيام ما غيرتني
وأن الذكريات صديقتي دوماً
واني ما بكيت في حياتي
إلا على لعبة كُسرت
أو مكان مظلم كنت وحيدا فيه
سأكتب بأني صغيرٌ كي أعشق
فالحب لعبةٌ أكبر مني !
و لن أكتب ..
لن أكتب أن جسدي
صار خارطة ضياع
وروحي زهرة تناثرت بتلاتها
لن أكتب أن الذكريات
شفراتٌ تحزُّ في رأسي
وأن كل صوت يؤلمني !
لن اكتبَ أني أسكرُ كل ليلة
حد البكاء !
ويبكي معي الليلُ
في الكأس الأخير ..
لن اكتب أني أحزنُ
كل ما أزاح الشتاء ربيعٌ
وتنفستُ عطر القداح
لن أكتب إني مجنون
غريبٌ أحمل قلبي بين العواصم
وقلما لأدون فيه خيباتي
ولا غد لي إلا ما يخبئه لي المطر
أمي ..!
أنسي كل ما كنت سأكتب ..
أو لا اكتب
ستعرفين كذبي فيه
سأكتب لك باني أشتقتك
آه أشتقتك جداً
إشتقت لتقولي لي إذهب من هنا
فأعاندك .. وأذهب من هناك
وأعود مكسورا بعد حينٍ
أبكي إليك ..
أمي ..
إشتقتك !
هذا كل ما في الأمر
لهذا أنا أكتب الآن .
مازن العطار- بغداد
