رسالة سعودية الى اثيوبيا وخيار العقوبات الدولية يرجح على المواجهة العسكرية لدى مصر والسودان

‭ ‬القاهرة‭- ‬مصطفى‭ ‬عمارة

كشف‭ ‬مصدر‭ ‬دبلوماسي‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬خاصة‭ ‬لمراسل‭ ‬الزمان‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬امس‭  ‬أن‭ ‬انسحاب‭ ‬وزير‭ ‬الري‭ ‬الأثيوبي‭ ‬من‭ ‬مفاوضات‭ ‬أمس‭ ‬الاول‭ ‬التي‭ ‬ترعاها‭ ‬الكونغو‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬إصرار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬المفاوضات‭ ‬ليشمل‭ ‬أطرافاً‭ ‬أخرى‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬إتفاق‭ ‬ملزم‭ ‬وفق‭ ‬تواريخ‭ ‬محددة‭ ‬يحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬المائية‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث‭ ‬وأضاف‭ ‬المصدر‭ ‬أن‭ ‬المراوغات‭ ‬الإثيوبية‭ ‬ومحاولة‭ ‬كسب‭ ‬الوقت‭ ‬للوصول‭ ‬للملء‭ ‬الثاني‭ ‬سوف‭ ‬يدفع‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭ ‬وسوف‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬ورغم‭ ‬المراوغات‭ ‬الإثيوبية‭ ‬سوف‭ ‬تطرقان‭ ‬كل‭ ‬الحلول‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لإلزام‭ ‬أثيوبيا‭ ‬باتفاق‭ ‬يحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬المائية‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬كشف‭ ‬مصدر‭ ‬أمني‭ ‬مصري‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬خاصة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بعثت‭ ‬مؤخرا‭ ‬رسالة‭ ‬للجانب‭ ‬الأثيوبي‭ ‬أعلنت‭ ‬فيها‭ ‬تضامنها‭ ‬مع‭ ‬مصر،‭ ‬وأن‭ ‬السعودية‭ ‬وكل‭ ‬العرب‭ ‬سوف‭ ‬يقفون‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوقها‭ ‬المائية،‭ ‬لأنها‭ ‬تمس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬أنتقد‭ ‬د‭. ‬عبدالله‭ ‬الاشعل‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬خاصة‭ ‬موافقة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬على‭ ‬استئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬دون‭ ‬تعهد‭ ‬أثيوبي‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬المائية‭ ‬لمصر‭ ‬والسودان،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الجانب‭ ‬الأثيوبي‭ ‬أبدى‭ ‬سوء‭ ‬النية‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الري‭ ‬الأثيوبي‭ ‬عن‭ ‬عزم‭ ‬أثيوبيا‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬القادم،‭ ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬أوضح‭ ‬اللواء‭ ‬نصر‭ ‬سالم‭ ‬المحاضر‭ ‬بأكاديمية‭ ‬ناصر‭ ‬العسكرية‭ ‬أن‭ ‬اللجوء‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬بعد‭ ‬استنفاد‭ ‬كل‭ ‬الطرق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬يعد‭ ‬الخيار‭ ‬المحتمل‭ ‬لفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬على‭ ‬أثيوبيا‭ ‬بسبب‭ ‬تهديدها‭ ‬للأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬قبل‭ ‬حلول‭ ‬موعد‭ ‬الفيضان‭ ‬الجديد‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬نستبق‭ ‬الأحداث‭ ‬فقد‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الملء‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬أكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬اللجوء‭ ‬للحل‭ ‬العسكري‭ ‬لحل‭ ‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬أمر‭ ‬له‭ ‬مخاطره،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أكدت‭ ‬الخبيرة‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬مروة‭ ‬كدواني‭  ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬حاليا‭ ‬بالحلول‭ ‬العسكرية‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬سهلا‭ ‬أمام‭ ‬الناس‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬ستنجم‭ ‬عنه‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أشد‭ ‬ضررا‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬ولابدّ‭ ‬من‭ ‬التريث‭ ‬الشديد‭ ‬قبل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬اللجوء‭ ‬إليه،‭ ‬وأتفق‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬د‭. ‬عبدالله‭ ‬هدية‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬بجامعة‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬مؤكدا‭ ‬صعوبة‭ ‬ضرب‭ ‬السد‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الدولية‭ ‬الراهنة‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬تخريبي‭ ‬ضد‭ ‬السد‭ ‬دون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬أثيوبيا‭ . ‬وهو‭ ‬خيار‭ ‬يشبه‭ ‬اعمال‭ ‬الحرب‭  ‬بحسب‭ ‬خبراء‭ ‬آخرين،‭ ‬وسوف‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬هائلة‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سقوط‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬المصري‭ ‬قد‭ ‬تثير‭ ‬الشارع،‭ ‬لأنّ‭ ‬الاثيوبيين‭ ‬قد‭ ‬وضعوا‭ ‬في‭ ‬حسبانهم‭ ‬هذه‭ ‬الاحتمالات‭ ‬،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬تدرب‭ ‬جيشهم‭ ‬المتمرس‭ ‬في‭ ‬الحروب‭.‬

واستأنفت‭ ‬إثيوبيا‭ ‬ومصر‭ ‬والسودان‭ ‬الأحد‭ ‬في‭ ‬كينشاسا‭ ‬المفاوضات‭ ‬حول‭ ‬السد‭ ‬الإثيوبي‭ ‬الضخم‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭ ‬المتمثل‭ ‬ببناء‭ ‬محطة‭ ‬كهرومائية‭ ‬تعتبرها‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬حيوية‭ ‬فيما‭ ‬تنظر‭ ‬إليها‭ ‬القاهرة‭ ‬والخرطوم‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تهديد‭.‬

واجتمع‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬والمياه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬بحضور‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديموقراطية‭ ‬فيليكس‭ ‬تشيسيكيدي‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬الرئاسة‭ ‬الدورية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬منذ‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭.‬

وقال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬سامح‭ ‬شكري‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬تُعتبر‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬بمثابة‭ ‬فرصة‭ ‬أخيرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقتنصها‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬على‭ ‬ملء‭ ‬وتشغيل‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة‭ ‬وقبل‭ ‬موسم‭ ‬الفيضان‭ ‬المقبل‮»‬‭.‬

واضاف‭ ‬شكري‭ ‬ان‭ ‬مصر‭ ‬‮«‬تفاوضت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬بإرادة‭ ‬سياسية‭ ‬صادقة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬يحقق‭ ‬لإثيوبيا‭ ‬أهدافها‭ ‬التنموية‭ ‬ويحفظ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬حقوق‭ ‬ومصالح‭ ‬دولتَي‭ ‬المصب‮»‬‭.‬

وتابع‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬والنوايا‭ ‬الحسنة‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬الأطراف،‭ ‬فإنه‭ ‬سيكون‭ ‬بوسعنا‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬للاتفاق‭ ‬المنشود‭ ‬الذي‭ ‬سيفتح‭ ‬آفاق‭ ‬رحبة‭ ‬للتعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوبها‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهته‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الكونغولي‭ ‬‮«‬يهدف‭ ‬اجتماع‭ ‬كينشاسا‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬دينامية‭ ‬جديدة‮»‬‭.‬

مشاركة