رسائل إعتزاز إلى بغداد

رسائل إعتزاز إلى بغداد

الرسالة التسعون

إيه يا بغداد

حين اتجهت اليك من مدينتي طالب علم، ودرست في ربوعك بدار المعلمين الابتدائية وكلية الآداب، كانت هناك ستة أحزاب سياسية تعمل في الساحة.

الأحزاب هي: الحزب الدستوري- حزب الأمة الاشتراكي- حزب الاستقلال- الحزب الوطني الديمقراطي- الحزب الشيوعي- حزب البعث العربي الاشتراكي.

الحزب الدستوري وحزب الأمة الاشتراكي يمثلان رجال السلطة، من وزراء وسفراء وأعضاء في مجلس النواب والأعيان.

يرأس الحزب الدستوري، نوري السعيد السياسي المخضرم، المسيطر على سياسة وإدارة العراق، حتى لو كان خارج تشكيلة أية وزارة تستوزر.

حزب الأمة الاشتراكي يرأسه صالح جبر، الذي بزغ نجمه في السياسة، في عقد الأربعينيات من القرن العشرين.

كلا الحزبين تقليديان، ينتمي الى كل واحد منهما مجموعة من رجال السلطة، الذين يتعاقبون على تولي الوزارات أو يكونوا نواباً في مجلس النواب أو مجلس الأعيان.

لا علاقة للشعب في هذين الحزبين، إذ لا يقترب منهما أي شاب، بله التفكير بالانتماء الى أي منهما.

ينظر الشعب العراقي الى رجال الحزبين، أنهم يملأون السياسة البريطانية، ويضحون بمصالح الشعب العراقي، من أجل تربعهم على كراسي الحكم ومساندة الإنكليز لهم.

انتهى صالح جبر سياسياً، حين عقد معاهدة (بورتسموث) الجائرة ضد مصالح العراق عام 1948، فثار الشعب ضده وأقصاه نهائياً عن كرسي الحكم.

نوري السعيد، الذي واكب السياسة العراقية على مدى أربعة عقود من السنين، حتى قتل في الأيام الأولى من انقلاب 1958.

حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي، أجيزا في عام 1946، يرأس حزب الاستقلال محمد مهدي كبة، ويرأس الحزب الوطني الديمقراطي كامل الجادرجي.

الحزبان انتمى اليهما أو يؤيدهما الشباب المثقف المتطلع الى غد أفضل، من محامين ومدرسين وشباب من الطبقة المتوسطة.

حزب الاستقلال جذب اليه الشباب من ذوي الميول القومية، أما الحزب الوطني الديمقراطي، فاتجه اليه اليساريون واحتمى تحت مظلته الشيوعيون.

تسرب أغلب شباب حزب الاستقلال الى حزب البعث العربي الاشتراكي، فانتهى فعلياً عام 1958. الحزب الوطني الديمقراطي ذاب في بوتقة الحزب الشيوعي، وانتهى فعلاً عام 1958 بسبب مواقفه الانتهازية.

الحزب الشيوعي، أسسه يوسف سلمان يوسف (فهد) في بدايات الثلاثينيات من القرن العشرين، يعمل سرياً تحت الأرض ويصدر منشوراته السرية، فيتناقلها الشباب. اجتذب اليه اليساريون، وصارت له قوة في الشارع العراقي، ولاسيما بعد انقلاب 1958.

الحزب الشيوعي العراقي، تابع لكل ما يقوله الحزب الشيوعي الروسي. أدبيات الحزب الشيوعي ضد أمريكا وضد كل ما هو من أمريكا عدوة الشعوب. بعد سبعين عاماً من العمل السياسي، ينتهي الحزب الشيوعي العراقي بالتعامل مع أمريكا، حين صار يشاهد علناً في دهاليز واشنطن. بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 صار رئيسه يجلس عضواً في مجلس الحكم، تحت رئاسة الحاكم الأمريكي للعراق المدعو بريمر، وهكذا انتهى الحزب الشيوعي في العراق.

أسس حزب البعث العربي الاشتراكي فؤاد الركابي عام 1947. استبشر الشباب القومي بمبادئ هذا الحزب، الذي يدعو الى الوحدة والحرية والاشتراكية. حكم أربعين عاماً 1963- 2003 ولم يحقق فقرة واحدة من مبادئه، بل تميز أعضاؤه بركوب السيارات الفارهة وامتلاك المزارع، فصاروا هم في واد والشعب العراقي في واد آخر، الى أن انتهى عام 2003.

ناجي التكريتي

مشاركة