رئيس لأمة مصرية لا أمة عربية

رئيس لأمة مصرية لا أمة عربية
فاتح عبدالسلام
لا يوجد حدث سياسي له تأثير مستقبلي على أحوال العرب في ظل تحولاتهم المثيرة للجدل مثل الانتخابات الرئاسية في مصر. ولا يبالغ اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة المتاخمة لمصر حين يقول إن مستقبل القضية الفلسطينية سيتحدد من خلال نتائج انتخابات رئيس مصر. حيث العيون تتجه إلى نوعين من المرشحين إمّا إسلامي خرج من ثوب الإخوان المسلمين أو ما زال يتدفأ فيه أو مرشح يجب أن لا يخضع لتسمية علماني أو ليبرالي أو ما شاكل ذلك، حيث يليق به أنْ يحمل تسمية مرشح جسم الدولة المصرية منذ تأسيسها الحديث.
التيار الإسلامي في مصر صعد إلى قيادة البرلمان وعيونه على رئاسة الجمهورية، ولا يزال أي من برامجه غير واضح التطبيق في مصر أو إزاء ملف السياسة الخارجية المرتكز على المثير والجدلي في العلاقة مع أمريكا وإسرائيل والفلسطينين على نحو خاص. هنية يعرف أنَّ مجيء الإسلاميين إلى الرئاسة يعني شيئاً جديداً في المعادلة المتداولة مع اسرائيل. لكن تصريحه ينطوي على أهمية النظر إليه من خلال امكانية فوز مرشح من جسم الدولة المصرية وما يترتب على ذلك من استئناف لخطوات المصالحة الفلسطينية أو الحوار مع اسرائيل حول ملفات مشتركة كثيرة له اهمية استراتيجية عند مصر وستنعكس اهميتها مباشرة على الفلسطينيين.
أي فائز يحوز على منصب رئيس الجمهورية سيكون أمام استحقاق العمل بنهج جديد يظهر فيه افتراقاً عما كان سائداً من مواقف وسياسات لدى الدولة المصرية في عهد مبارك الذي استغرق ثلاثة عقود وتجمّد حول صيغ استنزاف لطاقات مصر باتجاه استهلاكي سياسياً قبل أن يكون الاستهلاك مواردياً واقتصادياً ومن دون بناء ذخيرة نوعية كاحتياط لمصر في وقت الأزمات. ولولا وجود الجيش كمانع أخير للانهيار الكلي لكانت مصر في خبر كان الآن.
لكن الحقيقة المشتقة مما يحدث في مصر الآن، تؤكد أنَّ الاستقرار الكامل لن يعود للمصريين بمجرد انتخاب رئيس جديد لهم حيث لا تزال الشهية مفتوحة للنزول الى ميدان التحرير في أي وقت.
وفي كل الحسابات فإن الإسلامي المصري هو غيره لدى الدول العربية، مثلما كان السياسي المصري طوال عقود مختلفاً عن السياسيين العرب في كثير من النقاط لا مجال لذكرها، لكن أهمها أن المصري يعمل منذ عقود من خلال مفهوم الأمة المصرية وإليها وليس من خلال مفهوم الأمة العربية.. ذلك المفهوم الذي ليس له وجود سوى في شعارات وخطابات بائدة لزعماء وأحزاب ودول سيأتي عليها دور التغيير الحتمي. وليس منتظراً من العرب أن يتعاملوا مع رئيس خارج مفهوم الأمة المصرية، فهو أدرى بمصالح مصر وسيكون عبر تلك المصالح مراعياً لمصالح العرب كجزء من منظومة عالمية وليس منظومة عربية لأنَّ التجارب السابقة اثبتت فشلها.
هموم مصر وأزماتها الكبرى ستجبر الرئيس الجديد على التزام مفهوم الأمة المصرية.
/5/2012 Issue 4208 – Date 24 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4208 التاريخ 24»5»2012
AZP20