رئيس جمهورية العراق الجديد – عبدالكريم يحيى الزيباري
أزمة رمزية مصدرها التناقضات والأزمات والنتائج الثانوية لعلاقات السلطة غير الثابتة والعرضة للتغيير، التي تعمل توجيه سلوك الحكومة تجاه الشعب الذي تزعم وتتمسك بفكرة أنَّها تحكمه وتريد مصلحته، وليس المصالح والمكاسب الشخصية لبعض المسؤولين، كإحدى الطرق التي تقلب الحقيقة ضد ممارسات السلطة!
هذه التناقضات دفعت المواجهة الدائمة بين البارتي والاتحاد، لأنْ تصبحَ ربما أكثر رمزية وتمدناً، من حربٍ ساخنة كلاهما فيها خاسر، إلى حربٍ باردة كلاهما فيها رابح، بالانغلاق على المؤيدين، والانفتاح على تحديات التمسك بتوفير الأمن والعدالة واللذين يتطلبان حكومة لا مركزية قوية، تجيد الفصل بين الاقتصادي والسياسي والثقافي، كمنع السياسي من تأييد الهذر الثقافي والجهل العلمي باستخدام سلطته البوليسية لتقرير ما هي القصيدة الجيدة، أو ما هي الرواية الجيدة، أو منح المنصب الثقافي والإعلامي لسياسي ليس له غير نِضال والدهِ، فلا ينجز لنا على تعبه وأناقته المُكْلِفة في الثقافة أو الإعلام شَرْوَى نقير!
هذه الأزمة ربما كانت نافعة في التغطية على أزمة البنزين والمعاشات المتأخرة وإدارة الإقليم المنقسمة والقصف الإيراني لأربيل، وكل هذا مصدره غياب اهتمام حقيقي بمعاناة فقراء الإقليم أمام طموحات أصحاب المولدات الخاصة وتجار المواد الغذائية وارتفاع أسعار الوقود وتأخر دفع المعاشات!
وهذه الأزمة ربما كانت ضارة، بفرض رؤية شخصية بصيغة قوانين صارمة على رجال ذوي ضمائر حيَّة، ومن باب قوله تعالى (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى? وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد) غافر 72. كممارسة الأب كامل سلطته على ابنه الوحيد، إلى الحد الذي يدفعه إلى أنْ يشنقَ نفسه أو يرمي نفسه من أعلى شاهق.
رأس مال السلطة يتكون بشكلٍ كبير من الرموز التي تحيلنا إلى رموزٍ أخرى أكثر تجريداً، كتحول القيمة النقدية للعملات الذهبية والفضية القديمة، إلى نقود ورقية تعتمد الثقة والقيمة الرمزية، وإلى النقود الالكترونية المخزونة في بطاقات الماستر كارت.
يرى غرامشي ضرورة الجمع بين تشاؤم المثقف وتفاؤل السلطة، باستغلال حجم كل أزمة جديدة، للقضاء على ظاهرة مستفحلة، وبهذا قد يحلمُ البعض: إذا انتهت أزمة رئيس الجمهورية العراقية لصالح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، سيكون إنذاراً بنهاية محاولات حزب البارتي للقضاء عليه، وإذا نجحَ البارتي في تسمية مرشحهم رئيساً للعراق، سيكون إنذاراً بقرب نهاية حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وهذه الأحلام التي تغذي هذا الصراع العقيم كأيَّة حرب عبثية، المواطن البسيط هو الأكثر خسارةً ومعاناة، هو المظلوم الوحيد الذي لا يَجِدُ أحداً ينصره ولا يهتمُّ لمعاناته!
هل يهتمُّ المواطن الكردي البسيط الذي يعيش على الكَفاف وقد لا يجده، بتســــميَّة رئيس جمهورية العراق؟
برتراند رسل حُبِسَ ستة شهور الحرب العالمية الأولى بسبب دعوته للسلام سنة 1918 وفي التسعين من عمره بسبب معارضته إنتاج القنابل الذرية 1961. هل ثَمَّة صوتٍ لمثقف غير منحاز للسلطة؟
إذا كان بوتين يعتبر الروسي الذي يقف ضد حربه في أوكرانيا، خائناً، فهل كان بوش متسامحاً مع المثقف الذي أدان غزوه للعراق؟
المنجزات التي حققتها البشرية، مصدرها نُصرة المظلوم، والأخذ على يد الظالم، وهو هدف جميع الأديان السماوية، وقادة الدول العظمى الذين يزعمون في حروبهم أنَّهم يتدخلون لتقليل معاناة الناس، كتبرير كلنتون وتوني بلير: إنَّ زيادة القصف والغزو والاحتلال، سيقلِّل أعداد اللاجئين ويخفف من معاناة الناس.
ومزاعم بوش وبلير: إنَّ غزو العراق سيجعل العالم والعراق مكاناً أفضل وأأمن!
ليست إلا أحلام عصافير أمام معاناة العائلات التي اقتلِعت من بيوتها وأوطانها لن تعود أبداً.