
زمان جديد
يعتمد طريق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نحو ولاية ثانية في منصبه بشدة على الدعم الاميركي. ورغم ان الولايات المتحدة الاميركية هي صاحبة النفوذ الاكبر في العراق الا انها رضيت منذ عام الفين وثلاثة بتقاسم هذا النفوذ مع ايران. وايران تقف اليوم ضد رئاسة ثانية للعبادي في وقت يشتد عليها خناق العقوبات الاميركية وهو وضع يخلق تحديات كبيرة اقتصادية واجتماعية داخل المجتمع الايراني. تريد ايران حليفا واضحا في منصب رئاسة الوزراء في العراق, تريد احد اصدقاءها القادرين على التعامل مع واشنطن بطريقة مختلفة عن العبادي.
التحركات الميدانية الاميركية في العراق يقودها المبعوث الرئاسي لشؤوون محاربة تنظيم داعش بريت مكغورك. بينما يقود التحركات الايرانية وهي حاليا اقل نشاطا ووضوحا الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري.
واذا كنت في الفترة الماضية اقول بان سليماني اقرب لمركز القرار الايراني في طهران مقارنة بقرب مكغورك من مركز القرار في واشنطن فقد جاءت تغريدة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو على موقع توتير واضحة وحاسمة في تاييد المبعوث الرئاسي الاميركي بيرت مكغورك الموجود في العراق. وقد جاء نص تغريدة بومبيو كما ياتي:
تحدثت لتوي مع بريت مكغورك الموجود على الارض في بغداد ممثلا لي ولرئيس الولايات المتحدة وهو يقوم بعمل رائع . تشكيل حكومة عراقية قوية مبنية على اساس وطني هو امر جوهري من اجل إدامة هزيمة داعش .
رغم ان هناك نقطة نهاية جملة بين الجملتين اللتان تكونان التغريدة في النص الانكليزي الاصلي وفي النص العربي الذي وضعت انا ترجمته الا ان الربط بين القضيتين واضح. هو نفسه الربط في السياسة الاميركية بين الحرب ضد تنظيم داعش والوضع السياسي في العراق. لكن هذا طبعا ربط ياتي وفق المنظور الاميركي المستند لقراءة واشنطن للوضع وهي قراءة فيها الكثير من المباشرة والسطحية احيانا لكنها ايضا قراءة ثابتة لا تتغير بسهولة. عنوان القراءة الاميركية اليوم هو ولاية ثانية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
التفويض الذي يتمتع به مكغورك بات واضحا جدا في مستواه واصبح من الصعب على القوى السياسية العراقية ان تناور اكثر. كلام بومبيو لم يقتصر فقط على التغريدات فقد اجرى سلسلة اتصالات هاتفية كان اهمها مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ومع رئيس الوزراء السابق اياد علاوي.
نوعا ما يذكر المشهد بانتخابات الفين وعشرة وما بعدها حينما حسمت واشنطن الامر بمكالمة رئاسية مع البارزاني وعلاوي من اجل تاييد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حينذاك لولاية ثانية. لكن الموقف الايراني حينذاك كان واضحا في معارضته تولي علاوي الفائز بفارق مقعدين لرئاسة الوزراء. لكن المواجهة الحالية هي بين رغبة اميركية ضاغطة للتجديد للعبادي وفيتو ايراني عليه.
في ظل اجواء مثل هذه تميل طهران لاطالة امد المواجهة حتى تيأس واشنطن لكن الضغط الاميركي في هذه الايام قوي واكثر من يتاثرون به هم الكرد الذين جربوا عاقبة عناد الاميركيين في موضوع الاستفتاء على الانفصال من العراق والسنة الممزقين اجتماعيا وسياسيا. من المتوقع ان يوافق الكرد والسنة على الارادة الاميركية مقابل حصة مهمة من المناصب الحكومية. يبقى موقف التيار الصدري حاسما فعلا ليس لكونه فقط صاحب اكبر عدد من المقاعد في البرلمان فتلك يمكن تعويضها من هنا وهناك لتشكيل الكتلة الاكبر. لكن موقف زعيم التيار الصدري حاليا في دعم الولاية الثانية للعبادي ان تغير فسيجعل الجهد الاميركي في موقف اصعب اذ ستكون غالبية الاحزاب الشيعية ضد الولاية الثانية وهو الامر الذي قد يفتح المجال امام مرشح تسوية لكن دون ذلك موافقة اميركية ووقت طويل من اجل التوافق.



















