رئات جديدة كي لا نختنق

د. فاتح عبدالسلام

الفعاليات الثقافية والادبية والفنية والاكاديمية هي رئة المجتمع ودليل على سلامته. لو تفكر الدول العربية في دمج تلك الفعاليات من حيث الموازنات والدعم  حصراً بالجهد الاقتصادي و العسكري والأمني مثلاً، لاستطاعت أن تحصل على نتائج ايجابية في الحياة العامة لا توفرها اجراءات أمنية أو حكومية قسرية . ما موجود من مسميات في مجال الثقافة والفن والادب من اتحادات وجمعيات وملتقيات مسته ريح السياسة الصفراء، وهذا يتكرر في جميع العهود السياسية ، ويدعو عدداً كبيراً من المبدعين الى الهجرة او الاعتكاف والاعتزال احتجاجاً صريحاً أو ضمنياً على سطوة سياسية ليس للمبدعين الحقيقين الرغبة في مجاراتها او مواجهتها.

في عقود بعيدة ، كانت طباعة الكتب شحيحة في البلد، وكان المبدعون من شعراء وقاصين وروائيين وباحثين يعانون كثيراً من اجل الحصول على تعضيد مالي بسيط من وزارة الثقافة او جهات حكومية من اجل طباعة اعمالهم في الخارجة وكانت لبنان الوجهة المفضلة . اليوم النشر الحكومي لم يتطور منذ سنوات،. ولا يزال الكتاب العراقي مغيباً عن الترقيم الدولي بما يسمح بمحاولته وقبوله في اية مكتبة  بالعالم تعتمد الفهرسة الحديثة المتعارف عليها.هذا الواقع غبن كتباً كثيرة لها اهميتها ، كما انه نفس الواقع الذي مرت من خلاله كتب وفعاليات وانشطة ومهرجانات لا تمتلك مقومات الوجود لولا العنوان السياسي الذي يحتضنها .

اليوم الجامعات تنتشر في مدن عراقية عديدة وليس كما كان الامر في عقود ماضية، حين اقتصر وجودها على بغداد والموصل والبصرة والسليمانية. هذا الانتشار ايجابي من المفروض ان يوفر رئات جديدة ليتنفس منها المجتمع في العلم والثقافة والفن .

هل تقوم الجامعات بتخصيص جزء يسير من مداخيلها لطباعة الكتب او تمويل معارض تشكيلية تخضع لتقويم من لجان نوعية او اقامة معارض كتب دولية في رحابها من خلال الانفتاح على العالم العربي ، وعدم الركون الى تخصصات معينة في تشكيلات الحكومة. حتى ان توظيف خريجي كليات الزراعة في اقامة حديقة داخل غاباتنا الاسمنتية، هو فعل يعزز ثقافة المجتمع والسلم فيه،  كما كانت حديقة الشهداء في قلب مدينة الموصل في الخمسينات حتى دمار المدينة.

ثمة مجال للعمل وامكانات مادية لكثير من المؤسسات، لكن نحتاج الى التوعية والتخطيط والتحفيز . لنسرع قبل أن نختنق.

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com

مشاركة