ذكريات خالد القصاب مع عبد الكريم قاسم

ذكريات خالد القصاب مع عبد الكريم قاسم

دبي – محسن حسين

شائت الصدفة ان يكون الفنان خالد القصاب ” وبحكم تخصصه كجراح ” على تماس مباشر مع عبد الكريم قاسم وفي ظرف حالك حيث كان هو الذي انتزع الرصاصات التي استقرت في جسد الزعيم اثر محاولة اغتياله عام 1959 ويسجل عن تلك الايام   تفاصيل تبدو  “رغم دمويتها” كشريط سينمائي اقرب الى الكوميديا … فقد كان د. خالد اول من وصل الى المستشفى بعد الحادث مباشرة :

(اجتزت جمعا كبيرا من الناس كانوا يتباكون ويصرخون . اسرعت الى قاعة العمليات في الطابق العلوي حيث وجدت عبد الكريم قاسم تغطيه الدماء . وكان يتكلم بحماسة وكانه يخطب بين الجماهير :”ماذا عملت؟ حررت البلاد من الاستعمار ، وانسحبت من الاحلاف العسكرية ، وأنصفت العامل والفلاح ).

وبعد الانتهاء من عملية الزعيم ينتقل د. خالد الى قسم آخر ليسعف مرافق الزعيم  قاسم الجنابي الذي كان وجهه ملطخا بالدم وكان يردد : ” قلنا له لا تعدم الضباط لكنه لم يسمعنا ” .

ويتذكر ايضا بعض احاديث الزعيم خلال فترة علاجه التي تجاوزت الشهر فيقول : ( كان عبد الكريم يحب التحدث الى لجنته الطبية ، ويطيل الكلام شارحا خطاباته الجماهيرية ، مفتخرا بصياغته جملها ، معيدا علينا فقراتها عدة مرات . وفي احد الايام ارانا مفكرة صغيرة قال إنه حصل عليها من جيب السفير البريطاني ترفيليان)، وهذه القصة تذكرنا بالجاسوس الالماني (سيسرو) الذي كان خادما للسفير البريطاني اثناء الحرب العظمى الثانية في انقرة، وسرق منه اسرارا في غاية الاهمية.

و مما يذكر القصاب  من حديث الزعيم وهو يشرح  تصميم شعار الجمهورية للجنة الاطباء : ( لافتا انظارنا الى لون النجمة المثمنة : ” هذا اللون ليس احمر ، بل هو بني محروق ، وهذا يعني ان لنا لوننا الخاص من الاشتراكية ، يختلف تماما عن اشتراكية الاتحاد السوفيتي ).ثم يعلق د. خالد : ( من مآسي الفكر السياسي أن ضابطا عسكريا في الجيش العراقي تدفعه مغامراته إلى الاعتقاد بقدرته على ايجاد فلسفة اشتراكية جديدة).

ولعل اكثر ما يرويه القصاب طرافة كان افتتاح الزعيم معرضا للفنون على نفس القاعة التي اقيم عليها قبل اشهر معرضا آخر كان الاكثر نجاحا في حينه افتتحه الملك فيصل فيذكر :

( افتتح في أيار 1959 م معرض فني سمي “معرض الثورة” ، في النادي الرياضي في ساحة عنتر . وهي البناية نفسها التي شهدت معرض عراقي شامل قبل اشهر . وجاء زعيم الثورة عبد الكريم قاسم وسط حماسة عظيمة ليفتتح المعرض . هيأ منظمو المعرض فكرة اصيلة للافتتاح ، ذلك انهم وضعو ا تمثالا كبيرا من الجبس لرجل يداه مكبلتان بالقيود . وكان على الزعيم ان يكسر القيود ويضربها بالعصىا ، كناية عن تحرير البلاد . لكن الزعيم لم يتمكن من كسرها حتى بعد ضربها عدة مرات . عندئذ اخذ العصا من يديه مرافقه الاقدم وصفي طاهر ، وضرب الاصفاد بقوة و(عنترية) ، واذا بذراعي التمثال تنكسران . وهنا قال الزعيم مخاطبا وصفي : ” نحن جئنا لتحرير الإنسان العراقي يا وصفي لا ان نكسر يديه ” كان تعليقا ذكيا ومناسبا).

وعن مستوى المعروضات يذكر القصاب ( احتوى المعرض على المئات من المعروضات : جنود ورشاشات وإعدامات ومسدسات . افكار سطحية بدائية تخلو من أي شعور عميق ، ومن أي لمسة إنسانية أو اي حس فني خاص . كان المعرض فاشلا حقا).

{ المصدر : ذكريات خالد القصاب

مشاركة