ذكرى النكسة
عبد الله محمد القاق
في الذكرى الخامسة والاربعين لنكسة حزيران واحتلال مدينة القدس، والمسجد الاقصى المبارك والذي يواصل فيه الاحتلال ذات السياسات العدوانية من قهر وتدمير وتهجير للاراضي الفلسطينية والاعتداء على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية والسيطرة على مصادر المياه وغيرها من الاعتداءات التي تستهدف الوجود وطمس الهوية العربية.. تمر علينا الكثير من الذكريات الحزينة والاليمة التي وقعت للأمة العربية باستمرار الخلافات، وعدم تحقيق التضامن العربي وتراجع القضية الفلسطينية أمام المحافل الدولية، وتفاقم النزاعات بين الفصائل الفلسطينية فتح وحماس بالرغم من الوساطات الاردنية والعربية الايجابية والبناءة، وتعثر خريطة الطريق، والدعوة الى عقد مؤتمر جديد لحل أزمة الشرق الأوسط بعد أن ضربت الولايات المتحدة عرض الحائط في كل القرارات الدولية بانتظار الانتخابات المقبلة والتي يتبارى فيها مت رومني المرشح الجمهوري صديق نتنياهو وباراك اوباما في دعمهما اللامدود لاسرائيل والتي أسهمت الادارة الامريكية في المزيد من الدعم الاسرائيلي لمواصلة عدوانها على الشعب الفلسطيني كما هو الحال في الاعتداءات المستمرة في غزة وأمعنت اسرائيل في زيادة وتيرة الاعتقالات الفلسطينية من وزراء ونواب ومقتل الشيوخ والأطفال والنساء وتدمير كل ما يمثل عنواناً للسلطة الفلسطينية في رام الله وغزة ونابلس وجنين واريحا انطلاقاً من سياستها العدائية بأن لا شريك فلسطينياً يمكن أن يفاوض اسرائيل في هذه الظروف الحرجة.
ان هذه الذكرى تجيء وهي تلقي بظلالها الحزينة والكئيبة على الشعب الفلسطيني والامة العربية فيما اسرائيل تواصل التعبئة وتجييش الجيش وتزويدها بالأسلحة المتطورة للاستعداد للانقضاض على بعض الدول العربية او الاسلامية ومنها او ايران نظراً لكون الولايات المتحدة تصف هذه الدولة بأنها تدعم الارهاب وهي التي تقف شوكة أمام التمدد الاسرائيلي في الوطن العربي، فضلا عن مواجهتها لبقايا الاحتلال الامريكي للعراق الذى اسهم فى تمزيق الصف العربي وزاد من الفرقة والشقاق الأمر الذي ادى الى عدم استقرار في المنطقة جراء وقوع الولايات المتحدة أمام مأزق تاريخي في هذا الاحتلال. ولعل الكتاب الذي أصدره مؤخراً مايكل اورين حول الشرق الأوسط الجديد او حرب الأيام الستة قد اشار الى ثقة العرب الكبيرة بالنصر ضد اسرائيل فى الخامس من حزيران وشعورهم آنذاك بأنهم قادرون على الحاق الهزيمة باسرائيل غير عابئين بأية تهديدات اسرائيلية تجاه العرب لامتلاكهم أسلحة وصوارخ القاهر والظافر، وقيام الدول العربية بالسعي لتكثيف جهودها عبر اتفاقية الدفاع المشترك لمواحهة العدوان الاسرائيلي.. غير أن هذه الثقة سرعان ما تبددت جراء الخيبة بالأمل العربي.
اننا ننظر الى هذه الذكرى المشؤومة والتي احتلت اسرائيل خلالها ثلاث دول عربية الاردن ومصر وسوريا بعد نكبة 1948 والعدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 بمزيد من الألم والحسرة حيث يختلف الفلسطينيون في غزة هاشم.. مع فتح وتواصل اسرائيل بناء المستوطنات الاسرائيلية وتسمين البعض الآخر.. وتقع أحداث مؤسفة في سورية ولبنان. ان هذه الأوضاع المؤلمة التي يمر بها العالم العربي وما نراه يجري في سورية تزيد الأمة تمزقاً وتفتيتاً.. نظرأً لغياب الاستراتيجية العربية التي ينبغي تطبيقها من أجل الخروج من هذا المأزق خاصة وأن المبادرة العربية التي أقرت في قمة بيروت عام 2002 وتم تكريس تفعيلها في قمة الرياض عام 2007، لم توافق عليها اسرائيل والولايات المتحدة لكونها تتضمن فقرات جوهرية ورئيسية في شأن عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194.. وهو ما ترفضه اسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأميركية والتي استخدمت حق النقض للعديد من القرارات التي أعدت في شأن ادانة اسرائيل لمجزرة جنين وغيرها من المجازر التي لم تنفك اسرائيل على مواصلتها والقيام بها سواء في فلسطين أو لبنان.
واذا كانت حرب تموز التي اندلعت بين حزب الله واسرائيل، قد أسهمت في اعادة الثقة للمواطن العربي خاصة بعد تقرير فينوغراد الذي دان الموقف الحكومي الاسرائيلي جراء تقصيره في هذه الحرب التي استمرت 32 يوماً ضد حزب الله وكذلك معركة الكرامة الخالدة التي انتصر فيها الاردنيون والفلسطينيون على العدو الاسرائيلي في عام 1968. فان مثل ههذين الانتصارين يعيدان للأمة العربية الأمل والنشوة والثقة في أن ما يقال من أن قوة اسرائيل لا تقهر.. قد بدّد تلك الأقاويل.. وأكدا أن اسرائيل يمكن أن يمرغ أنفها في التراب اذا ما عزمت الدول العربية على مواجهتها.. والوقوف أمام اعتداءاتها وغطرستها وصلفها الكبير على الأمتين العربية والاسلامية في ضوء ثورات الربيع العربي والتي لا تخفي اسرائيل انزعاجها منها خاصة وأن اسرائيل بدأت تدرك أن تطبيع العلاقات العربية معها أو لا لن سوف لن يمكنها من القوة والسعة في استمرار هذه الغطرسة والعربدة على الوطن العربي، غير أن سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية أكد في أكثر من مناسبة موقف السعودية الوطني الداعم لمبدأ المبادرة وكذلك الدول العربية الأخرى بأنه لا اعتراف ولا تطبيع مع اسرائيل الا بعد انسحابها الشامل من الأراضي العربية المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينين الى وطنهم وديارهم المغتصبة وأن أي اجراءات تخالف ذلك لا يمكن الركون اليها أو الموافقة عليها لكونها تعتبر انتهاكاً لهذه المقررات واجهاضاً للجهود العربية الالزامية الهادفة الى اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف تعيش جنباً الى جنب مع اسرائيل بعيداً عن الصلف والفطرية والضجة وسياسة القمع الاسرائيلية التي تنتجها ضد الشعب الفلسطيني وممارسة كل أساليب الحصار الظالم على هؤلاء المواطنين، فضلاً عن تكريس الموقف الأمريكي بأن لا تعامل مع حكومة الوحدة الوطنية لأنها تضم قادة من حماس علماً بأن هذه الحكومة منتخبة ديمقراطياً.
اننا نتطلع الى هذه الأحداث التي تعصف بالأمة العربية بالكثير من الاحباط وعدم الثقة بالنفوس لكننا وفي نفس الوقت نؤمن ايماناً قوياً بأن عزيمة هذه الأمة لا يمكن أن تتأثر أو يفت من عضدها استمرار هذا الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية، ومواصلة النهج التوسعي والاستيطاني والقمع ضد الفلسطينيين والتهديدات الاسرائيلية بحرب جديدة مقبلة ضد الدول العربية لأن هذه الأمة سوف تنطلق مجدداً من عقالها وتعيد توحيد صفوفها لمواجهة هذا الصلف الاسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية،
نامل ان تكون مناسبة هذه الذكرى بمثابة دعوة للامتين العربية والاسلامية لرص الصفوف والتضامن وبلورة الجهود الرامية الى انهاء الخلافات بين فتح وحماس لمواجهة الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية والعمل على اعدة القضية الفلسطينية الى القها ووهجها ودورها لدى المحافل الدولية بعد تراجعها مما ادى الى المزيد من الصلف والتعنت والغطرسة الاسرائيلية في الاراضي المحتلة وبالوطن العربي بشكل عام.
رئيس تحرير جريدة الكاتب العربي الاردنية
/6/2012 Issue 4218 – Date 5 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4218 التاريخ 5»6»2012
AZP07