ديمقراطية القردة – شمخي جبر
كتب الكثير عن كيفية تنظيم الحيوانات لحياتها ، ووصل الامر الى عجز الانسان هذا المخلوق الراقي عن محاكاة بعض الانظمة الحيوانية لدقتها او لاحتواء بعضها على اسرار مهمة. نظرية النشوء والارتقاء التي تحدثت عن تطور المخلوقات ورقيها ومن ثم وصولها الى مرحلة الانسان الحديث، تصبح معكوسة اذا اكتشفنا ان هناك انظمة لدى بعض الحيوانات وبخاصة الراقية منها تتفوق على ما اخترعه الانسان من انظمة. دراسات كثيرة اجريت لايجاد التشابه والاختلاف والفروق الموجودة بين دماغي القرد والانسان، بل وصلت بعض التقارير الى نتائج تشير الى تفوق قردة الشمبانزي على البشر في اختبارات الذاكرة. وفي بحث جديد توصل علماء فرنسيون إلى إن احدى مستعمرات القردة من نوع ماكاك تنظم العلاقات بين أفرادها على وفق نظام ديمقراطي راقٍ، وهذا يعني ان الانسان اكتسب النظام الديمقراطي من المستعمرات الحيوانية وتحديداً مستعمرات القردة من نوع ماكاك . مجتمع “الماكاك” يتفق فيما بينه على تنفيذ أي عمل من الاعمال عبر عملية استفتاء وانتخاب جماعي، فإذا حدثت مشكلة ما، فإن قيادة الجماعة تجتمع وتتخذ القرار لحل هذه المشكلة، وإذا كان لدى احدها رأي أو فكرة للحل، فإنه يقوم بطرح فكرته هذه على الآخرين، ثم يخرج من الاجتماع، بانتظار الحل، لكن الحل الأخير يبقى محصورا بيد اللجنة أو المجلس القيادي. والقردة التي تستحسن الفكرة أو المقترح، ولديها رغبة لتحقيق الحل المطروح، تعبر عن موافقتها من خلال الإشارة، وإذا حصل المقترح الأصلي على أكثرية نصف الاعضاء، فإنه سيحظي بالموافقة، أما الأقلية البرلمانية، فإنها تخضع لإرادة الأكثرية من دون أية شروط، ويصبح القرار خاضعاً للتنفيذ، وأثناء تنفيذ هذا القرار، يجب على الجميع احترام طبيعة القوانين السائدة في المستعمرة، فضلاً عن مشاركة الجميع في تنفيذه، ولا يستثنى من ذلك الإناث أوالذكور وحتي الصغار، ويجب علي هؤلاء جميعاً الالتزام بالقواعد الديموقراطية، لأنها تستخدم من قبل مجتمع المستعمرة الحيواني بصورة منتظمة ومستمرة. ديمقراطية القردة ترفض التوافق السياسي الذي يضحي بمصالح الاغلبية لكسب رضى هذا القرد او ذاك ، بل تتبع نظاما ديمقراطيا يأخذ برأي الاغلبية ويحترم رأي الاقلية ومصالحها. كما لا يوجد في ديمقراطية القردة زعماء كتل او أهل الحل والعقد الذين يقتصر القرار عليهم ، كما ان القردة لا تدافع عن مصالح فئوية او حزبية ضيقة. فهل نستفيد من درس الـ( الماكاك) لتنظيم حياتنا الديمقراطية؟
{ عن مجموعة واتساب