دور النشر بين الاموال العامة والخاصة

تلك الكتب

 

دور النشر بين الاموال العامة والخاصة

 

 

عندما يتولى باحث او شاعر او مفكر او قاص مسؤولية ادارة مؤسسة ثقافية فان الانظار تتجه الى الكتب الصادرة عن هذه المؤسسة في عهده، هل يوجد فيها عدد من مؤلفات المسؤول؟ وهل اعاد طبع ونشر عدد من مؤلفاته؟ وهل يجوز ان تصدر للمسؤول العديد من المؤلفات في مدة وجيزة وتهمل او تؤجل مخطوطات مرت عليها سنوات ولم يتم حسم امرها؟ او انها قطعت مراحل عدة للوصول الى مرحلة الطبع والنشر، ولم تزل متوقفة  عند ابواب هذه المرحلة.

 

وهناك من يشعر انه كان يامل من المسؤول الجديد ان يلتفت الى المخطوطات المتوارثة من المسؤولين السابقين، وان  يسرع في  طبعها ونشرها بعد ان حصلت على موافقة لجنة النشر والخبير المكلف بمطالعتها واقتراح طبعها او عدم طبعها، ولكنه يشعر بخيبة الامل لان المسؤول الجديد يشغل نفسه بمحاولة التعرف على المؤسسة، واعادة النظر بالمخطوطات، ووضع اولويات جديدة لها، ووضع عناوين جديدة للاصدارات، قد تكون متضمنة في خطط وبرامج ستراتيجية بعيدة المدى، وقد تكون خطوة على طريق خطوات جديدة، مختلفة عن الخطوات والاساليب السابقة.

 

ان المؤسسات الرسمية سواء  كانت ثقافية او غير ثقافية  تحاول ان تكون مختلفة عن وضعها السابق عند تعيين مسؤول  جديد ويحصل ان يتولى المسؤولية شخص من خارج الوسط الثقافي، وليس في اهتماماته ما يدفعه الى اصدار كتب تحمل اسمه، كما انه يجد ان مسؤوليته تتحدد  بطبع ونشر مخطوطات الكتاب والادباء الاخرين، واصدار اكبر عدد منها وليس  في اصدار ما ينجز من مؤلفات ومخطوطات.

 

وبعكس هذا المسؤول يظهر مسؤولون تكون لمخطوطاتهم الاولوية، واعادة الطبع، وهناك مسؤولون يصدرون بعض المؤلفات ولكنها قليلة ولا تثير الاهتمام والتساؤل، ويمكن ان  تقارن باقل المطبوعات الصادرة لهذا الاديب او ذلك الناقد، اوهذا المفكر او ذاك الشاعر والباحث.

 

 ان وجود احد المثقفين على رأس مؤسسة ثقافية لا تبرر له تعبئة كل طاقاتها وامكاناتها لصالح مؤلفاته ومخطوطاته، ولا تدفعه  الى حرمان نفسه من هذه الطاقات والامكانات، فهو في المؤسسة يمتلك حقوق المؤلفين الاخرين فيها، وليس كل الحقوق، وليس  من حقه ان يستحوذ على هذه الحقوق والتصرف بها.

 

وقد يبرز المسؤول الثقافي انشغاله باصدار مخطوطاته ومؤلفاته بحصول ما يشبه ذلك في دور  النشر الاهلية، اذ تشكلت دور نشر يتركز كل نشاطها على اصدار مؤلفات  اصحابها واعادة طبع، ونشر ما يكتب  عنها، وما يكرس لها من ندوات وحلقات نقاشية ومؤتمرات ، ومع ان هذا التصرف ليس مريحا ومرضيا عند البعض من المثقفين الا انه تصرف مشروع، لان مالك دار النشر هو الذي ينفق عليها، وهو يتحمل خسائرها وارباحها، ومن حقه تكريس امكاناتها وطاقاتها لطبع ونشر مؤلفاته، وهناك ادباء ومفكرون لجأوا الى اقامة  دور نشر تحمل اسماءهم لانهم تحملوا الكثير من الخسائر والاحباطات الناجمة من اطماع وتصرفات دور النشر التجارية.وهناك دول وحكومات  تخصص لدور النشر امكانات مادية تساعدها على تحمل بعض تكاليف طبع ونشر مخطوطات الادباء والكتاب، وفي هذه الحالة لا يحق لدار النشر ان تكرس كل مطبوعاتها  لشخص معين، وان توازن بين العائدات  التجارية وحقوق  الادباء  والكتاب في الاموال العائدة للدولة، ويمكن لدار نشر اهلية ان  تكرس جهدها لنتاج اديب او باحث او قاص معين على ان تعلن عدم حاجتها للاموال العامة.

 

 

رزاق إبراهيم حسن