دور العرض السينمائية ومكانها من الإعراب
قاسم المعمار
بغداد
يحسب لدور العرض السينمائية العراقية بشقيها الشتوية والصيفية مكانتها المرموقة اجتماعيا كونها احد القنوات المرئية لنمو ونضوج الوعي الثقافي عرفها جمهورنا منذ الاربعينات حيث تشير المعلومات الى ان هنالك اكثر من ثلاثين دار عرض عامة وعشرات قاعات عرض سينمائية خاصة في المنتديات والنوادي والنقابات والجمعيات المهنية والاجتماعية اسهمت بشكل فاعل في بث وعي فني سينمائي لدى المشاهد افراد او عوائل لمعرفة فنون الاخراج والتمثيل والتصوير والتأليف وحتى الشركات المنتجة واوجدت ارضية رحبة لتقبل وتميز الروايات الجيدة اجتمايا على الصعيد العربي منها على سبيل المثال لاالحصر ..الايام طه حسين وقصر الشوك وبين قصرين لنجيب محفوظ وفي بيتنا رجل لاحسان عبد القدوس وغيرها من الروايات التي عرفتها تلك الفترة فيها راحت روائع الادب الروسي والفرنسي والايطالي والهندي والاميركي والانكلليزي تستقطبها الاسواق المحلية فكانت دور العرض مليئة بمئات الرقوق (الاشرطة) السينمائية ولها جمهورها المتابع المحب لها ولابد ان اشير هنا الى المديات التاثيرية للافلام المصرية خاصة على البيئة العراقية اجتماعيا من خلال استخدام العشرات من مفردات اللهجة المصرية والمفاهيم والاعراف التي اصبحت دارجة في عاميتنا وحياتنا حتى راح الكثيرون منا يطلقون اسماء الممثيلين العرب على المواليد الجديده من ابنائهم وبناتهم .. واسهمت هذه السينما بما قدمته من مباهج السياحية وحياة فنية حافلة تستهوي المشاهدة حتى غدت مصر في النظرة العامة ام الدنيا ومحطة راحة واستجمام ومتعه تستهوي الجميع لزيارتها
وبعد نمو وترسيخ النهضة التكنلولوجية في كافة المجالات ومنها الاعلامية ووسائل الاتصال والانترنت وظهور التلفاز والاجهزة المرئية الحدثية الاان موقع السينما كمفهوم اجتماعي محبب للنفوس بقي راسخابل راحت الشركات العالمية المرموفة المتخصصة للانتاج تبذل جل جهدها الفني والتقني لانتاج روائع الادب العالمي والافلام العلمية والخيال في تسابق متميز مقترنا ذلك بظهور مبتكرات الحداثة والتشويق والاثارة
للابقاء على مستوى هذا التعلق النفسي بالشاشة الكبيرة
كما انشات دور عرض رائعة تتماش وطبيعة هذا التطور التقني الكبير في بلدان العالم
ولااريد هنا الخوض في مسبيات الانزواء الذي ركنت اليه دور العرض السينمائيه في بلادنا اليوم حتى غدت في خبر كان من هذا الموروث الثقافي الجميل حيث اصحابه منهم من رحلوا الى جوار ربهم وبعضهم هاجر والاخرين توسدوا بييوتهم للراحة والنسيان الافيما ندر لبعض الطلعات الخجولة ثم العودة الى ديارها وكانها هبة لمناسبة معينة
فاين نحن اليوم مما قدمته السينما العراقيه ابان الخمسيتات وماتلاها من افلام نالت الاستحسان محليا وعربيا ودوليا واين هي دور العرض المحلية التي كانت تزهو بعرضها اسبوعيا الى جانب ماكان يعرض من الافلام العربية والاجنبية
اضافة الى اطلاله نخبة من الافلام العراقية العربية المشتركة الانتاج والتمثيل ..وكانت بادرة خير للتطوير والاهتمام ..في تلك المرحلة ..
الاان اليوم اصبحت هذه الدور شبه خاوية ومشلولة تحولت الى مخازن لتكديس البضائع ونالها مال نال من اهمال واغلاق وتسيان
ان هذه محطات ثقافية مهمة في حياة المواطن لابد من معالجة معوقاتها بالشكل الاجتماعي المرموق ومن خلال قيام دائرة السينما والمسرح وبالتعاون مع الاجهزة الفنية المعنية للارتقاء بها واخذ دورها الطبيعي في هذا الخصوص لان السينما تعتبر مراة الشعوب وهذه الجارة ايران نجدها اليوم في مسيرة ابداعية حصدت من خلالها جوائز واوسمة تقديريه لانتاجها السينمائي ومشاركاتها العديدة في المهرجانات الدولية
واحب ان اقول هنا شيئا هو اني لست متخصصا فنيا بهذا المجال ولكن من المتابعين ولدي رغبة وحب ومتعة لما تقدمه دور العرض السينمائية ..حيث كنت منذالصغر مولعا بما يعرض من افلام عربية ومحلية واجنبية حتى كنت واصدقائي من هواة جمع صور الممثيلين ومعرفة اسمائهم وافلامهم وهذا في تصوري نوعا من رسوخ ثقافي يضاف الى موسوعتي الفكرية ..حتى غدت لدي قدرة اختيار المشاهدة ..
وبهذه المناسبة استذكر ان هنالك تخصصاً شبه نوعي لدور العرض للافلام اسبوعيا في بغداد على سبيل المثال كانت سينما القاهرة الصيفي موقع سوق الرصافي حاليا تقدم الافلام العربية فيما كانت سينما غازي حديقة الامة حاليا تقدم روائع الادب الروسي ..اما سينما علاء الدين فلها ولع مع الافلام الاميركية حتى نجد رموز ممثيليها في لوحات كبيرة مصورة تؤطر جدار قاعة العرض واصبحت سينما الخيام معروفة بعرض الافلام الايطالية ..اما حصة الافلام الهندية فكانت تخطى بها سينمات شهرزاد وغرناطة والوطني والرشيد والاعظمية وروكسي اوالثورة والبياع مع بقية الافلام العراقية والمصرية والاجنبية التي كانت تعرضها بقية الدور في بغداد
لقد كانت دور العرض السينمائية محطات راحة ومتعة لوافدي المحافظات لانجاز معاملاتهم او للعسكريين وهم يمضون فلمين اواكثر متواصللة بتذكرة واحدة ..
اذن تبقى الدعوة مخلصة للجهات المعنية لاعادة النظر في هذا الموضوع واحتراما لتلك الطاقات الفنية المبدعة التي اسهمت وتواصلت من اجل انضاج سينما عراقية متقدمه في حاضنة دور عرض محلية لائقة لجمهور متعطش لفن وطني جميل انتابته حالة سبات طارئة .