دكاكين السلطة – عدنان عودة الطائي
قد يبدو للوهلة الاولى ان عنوان المقال غريب بعض الشيء لكنه الواقع الذي نعيشه…
لم تتعرض دولة او شعب في العالم قديما او حديثا كالذي تعرض له العراق بعد سقوط بغداد 2003 من هجوم قاس شمل تغيب الدولة العراقية بالكامل من خلال السرقات المنظمة والاجهاز على مصارفه بطرق شتى كالسرقات الممنهجة وتحويل الاموال بطرق غير قانونية وغسيل الملايين من الدولارات التي تعدت في حجمها المليارات ولم تمر سنة او شهر دون ان نسمع او نقرأ اونشاهد ان سرقة للمال العام قد حدثت وكل ذلك يجري للاسف الشديد تحت انظار الحكومات المتعاقبة وما سرقة القرن الا واحدة منها…
والمشكلة ليست بالسرقة وضياع مئات الملايين من الدولارات بل المليارات وانما يتبع ذلك انحطاط سمعة العراق كدولة بين دول العالم والذي ترتب عليه احجام المؤوسسات المالية من قبيل البنك الدولي للتنمية والاعمار وصندوق النقد الدولي من تقديم الاعانات والمنح والقروض للعراق من اجل عودته دولة ونهوضه من جديد…
والامر لم يلزم الجانب المالي فقط وانما تعداه الى تخريب دعائم الدولة من خلال تنفيذ المشاريع الكبرى والبنى التحتية بطرق فاشلة اذا ماعلمنا ان هذه المشاريع تدخل ضمن سيادة الدولة وتعصيدها كما في انشاء المصافي والموانئ والمدن الحديثة والمصانع وغيرها… بل يذهب التخريب الى اقصاء اي جهد وطني وتهميش اي طاقات خلاقة مخلصة تريد بناء مفاصل الدولة…
تجهيل متعمد
وهناك ايضا حالة لاتقل خطورة عما سبق وهي حالة التجهيل المتعمد الذي تمارسه الحكومات العراقية منذ احتلال بغداد إلى يومنا هذا والذي تمثل بانهيار منظومة التعليم من خلال المدارس المكتظة بالتلاميذ والطلبة ناهيك عن قدمها وتهالكها ورداءة طرق التعليم فيها وقدم مناهجها وعدم مواكبة طرق التعليم الجارية في دول العالم والمقصود هنا مايخص الكادر التعليمي…
ويتعدى الحال ذلك الى ادارة موسسات التعليم من مدارس ومعاهد وجامعات من اشخاص غير كفوئين فقط هم مع ركب احزاب السلطة…
وهكذا الحال للواقع الصحي الذي جاء به العراق لان يكون فاشلا بكل ماتعنيه هذه الكلمة فكل المستشفيات تكاد تكون خالية من العلاجات ومهملة ورديئة والقسم الاخر منها خارج الخدمة اما بخصوص الاطباء فانهم سبب موت الكثير من المواطنيين لعدم اهليتهم العلمية في هذا الجانب بعد ان كان العراق متربعا في قمة دول الشرق الأوسط في مجالي التعليم والصحة…ويتعدى الامر الى الطرق والمواصلات التي باتت منتهية الصلاحية وغير صالحة للسير بل انها السبب المباشر بموت المئات يوميا في حوادث السير التي كانت هذه الطرق السبب في حصولها…اما واقع حال الصناعة والزراعة وهما مكينتا الاقتصاد العراقي اذا ما تركنا انتاج النفط فنرى العجب اذا ان المئات من المصانع والمعامل مقفلة بالاتها وادواتها توزع الاجور والرواتب لعمالها دون انتاج يذكر وهذا لم ولن يحصل في كل انظمة العالم الانتاجية سواءا كانت اشتراكية ام راسمالية اوغيرها.. واذا ماتركنا كل هذه الامور وغيرها جانبا ونبحث عن السبب المباشر الذي قاد الى هذا الذي يحصل لوجدنا ان الحال وصل إلى بيع المناصب ولكل الاختصاصات عسكرية اومهنية على حد سواء…وعلى لسان اكثر من مسؤول يقول ان المدير الفلاني اوالعلاني بكذا سعر بل وصل الحال الى ان بعض الوزارات يتم بيعها والكل شاهد كيف بيعت وزارة التربية والدفاع والكهرباء وغيرها في اكثر من مرة… والتي خلدها ابا مازن باستلامه المقسوم من الوزير الذي اقسم له باغلظ الايمان من انه سبكون جنديه المطيع…ويقال ان صفقات في اماكن عدة تجري من ورائها بيع العديد من المناصب والادارات لاشخاص غير جديرين بقيادتها او ادارتها… وسيبقى حال العراق بل تراجعه واضمحلاله من خلال هذه الممارسات البعيدة عن اخلاق وشيم اهله… فلم يتعرض العراق لانتكاسة طيلة تاريخه كالتي تحصل الان فقد كان هولاكو رحيما بنا عندما قتل العراقيين وشردهم واحتل عاصمتهم بغداد اذا ماقورن بما يحصل الان…