دعوة للخروج – نصوص – سعد عودة
العمرُ لن يستمرَ طويلا ايها الحثالة,ايها النكرة,ايها الجاحد بكلِ شيء ,لن يستمرَ طويلا ولابد ان تتحركَ الان وان تستمرَ في المشي ,تستمر حتى تتهرأ قدميك ويفضُ اسفلتُ الشارع بكارةَ حذائك الرياضي ,استمر, انتَ الان مجرد كفنٍ يحاولُ التخلصَ من جثتهِ,مجرد هراء كوني بقدمين يستطيعان المشي ,مجرد كينونة ضائعة القاها الربُّ في ساعة كآبة .
استمر في المشي ايها الحثالة ,انت من اخترتَ طريقك وأنت من اضعت عالمك من اجل وهم فائض عن الحاجة ,استمر في اللطم حتى تظهر فقراتُ قفصكَ الصدري وتتحول الى هيكلٍ عظمي معلق في غرفة طبيب يعيش أيامهُ الاخيرة .
تحركْ الان,اخرجْ,العنْ كل شيء يصادفكَ ,الحقول,الاشجار, حتى الارصفة المصابة بفسادِ المعدة,ودوائر الدولة قبل ان تنزلَ دورتُها الشهرية وتضعُ حفاضاتها الملوثة بدمِ الابرياء ,لم تكن اكثرَ من زاويةٍ منفرجة جدا ,زاويةٍ تقوسَ ضلعاها وتحولا الى انصاف دوائر كل واحدة منها تلعن اختها مع انهما خرجا للتوّ من بطن واحدة .
هيا ..تحركْ ايها الحثالة,ايها النكرة,تحول الى ايقونة للأمل,ايقونة يرفعها الراحلون نحو الحرية,يجب ان تصدقَ ذلك وألا ستنتهي في ركن كريه الرائحة ,لن تكونَ اكثر من مزبلةٍ تنتظرُ راتبَها في نهاية كل شهر ,والراتب قد يأتي وقد لايأتي حسب قناعة ذلك العضو الذكري المُحمل بالنياشين والأوسمة ,الم تتعب من جلوسكَ هكذا بلا معنى ,بلا التفاتة ,بلا ضجيج ,بلا شعور انك كائنٌ ممكن ان يلدَ املا ما,من دون حتى ان تشعرَ بوجودكَ داخل جمع مهمل لاينفع لأيِّ شيء.
هيه..انت …نعم ,نعم…انت ..لاتلتفت عني ,لاتزحْ بوجهكَ بعيدا ,اصبعي سيبقى يلاحقك في جميع الجهات ما دمتَ ستبقى هكذا ,ببنطال مثقوب تحاولُ سدَ ما يمكن ان يخرجَ من مؤخرتِك التي تعبت من الجلوس وتحولتْ الى كيسين من النخالة لايصلحان إلا لإطعام الاحصنة التي تقود عربات بيع النفط
نفط ……….نفط ………نفط
حسنا الان سأخبرك ما أنت
انت كيسُ الملاكمة الذي تعودَ على تلقي كل اللكمات من دون ان يصرخ او يحاول السقوط لأنه معلقٌ على الدوام باحزم خائنة تجدها كل ليلة بفراش رجل اخر ..نعم اخر ..ليس انت ..هل تفهم ايها الغبي ,ايها الحثالة ..ولا مرة واحدة صادف وان نامت معكَ ومنحتكَ ماتمنحهُ لحصان النفط هذا
نفط…نفط….نفط
ها..عرفت الان من انت
انت تلك الحاجة المركونة في دكانٍ قديم لم يعدْ احد يشتهيكَ او يتقدم لشرائِك ,انت لاتستحق ولا حتى فلس واحد .. لاتستحق شيء.
انت رائحة السمك الذي سيحاولون ازالتها بكل مواد التنظيف لتستقرَ بالنهاية داخل مجرى كبير ,تنظرُ طوالَ النهار الى غطاءِ المنهولة من دون ان تجرؤ على الوصول اليه
نعم ..انت ..انت الذي يبكي ليل نهار فقط كي يغادر هذا الموت الذي أدمنهُ والذي يجدهُ في كل زاوية من هذه الغرفة ,موتٌ اسود كالإسفلت لن تستطيعَ مفارقتهُ إلا اذا خرجت ..
ألم اقل لك ..العمر لن يستمرَ طويلا ..وعليك ان تخرجَ الان ,نعم ..سأكفُ عن شتمكَ ,عن وصفكَ بأي شيء ..فقط اخرج..اخرج ..
هل تعرف..في المرة القادمة سأبتكرُ اساليبَ لايعرفها الشيطان نفسه اذا لم تخرج..
ماذا تنتظر..اخرج ..قلت لك اخرج..يا أبن ال……


















