دروس من مسلسل الأزمات العراقية ـ عبد الستار رمضان
كثيرة هي الدروس والعبر التي يمكن للمرء ان يتعلمها من الازمات و المصاعب التي تعترض حياته، واول وابسط هذه الدروس هو عدم تكرار الاخطاء المرتكبة حتى لا يصل به الحال الى ذات النتائج التي يعاني منها، والتي يمكن تفادي الكثير من آثارها السلبية واضرارها في حالة المراجعة والتقييم لهذه الازمات، فاذا كان هذا الامر في مجال بسيط وفرد واحد او حالة خاصة، فكيف يكون الحال مع مشكلة عامة او ازمة كبيرة تتولد او تنتج عنها ازمات اخرى عاصفة؟ ان قراءة بسيطة للعديد من الازمات التي تعصف بالعراق والتعامل معها وطريقة حلها او مراجعتها واسلوب التأجيل في حسمها لفترات طويلة يفرض على من يتابع ويعاني من هذه الازمات ان يفكر ويتأمل ويحلل الدروس والعبر التي يمكن ان يتعلمها من هذه الازمات. فهناك العديد من الدروس والتوجيهات الهامة التي تتخلل بعض الفقرات والأحداث الهامة والتي لا يمكن لرأي منفرد او توجيه لشخص محدد ان يؤسس منهجاً للتعامل مع هذه الازمات بل يجب علينا أن نستفيد بشكل كبير من آليات العمل الجماعي في صنع القرار والمناقشات والتي يمكن من خلالها بناء منهج او تاسيس هيئة ما او مجلساً خاصاً لمعالجة الازمات، لان الواقع الموجود في العراق يقول بشكل واضح وصريح انه بلد الازمات الحقيقية والمفتعلة والتي لا بد للجميع ان يتوقع في اي لحظة نشوء او بروز ازمة او عدة ازمات.
ضمن هذا السياق جاء بيان رئاسة اقليم كردستان الصادر يوم الاربعاء الاول من مايس والذي تضمن قرار قيادة اقليم كردستان في الاجتماع الذي عقدته برئاسة مسعود البارزاني رئيس الاقليم وبحضور كوسرت رسول نائب رئيس الاقليم وارسلان بايز رئيس برلمان كردستان ونيجرفان البارزاني رئيس مجلس وزراء الاقليم مع ممثلي الكتل الكردستانية في مجلس النواب العراقي والحكومة الاتحادية، وقد درس الاجتماع نتائج زيارة وفد الاقليم، وقدم رئيس الوفد نيجيرفان البارزاني نتائج زيارته وتقريراً عن اللقاءات التي جرت في بغداد مع مختلف القوى السياسية العراقية، وكذلك المباحثات التي جرت مع رئيس مجلس الوزراء الاتحادي نوري المالكي. وتقرر عودة الوزراء والنواب الكرد الى بغداد، معلنا دعمه للحوار مع الحكومة الاتحادية وتأييد الاتفاق المبرم في 29»4 بين وفد حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية، واعتباره خطوة ايجابية للوصول الى حل بعض القضايا السياسية العالقة، وعده مدخل مناسب لحل كافة القضايا بين مختلف الكتل العراقية. وقد درس الاجتماع مواد الاتفاق، مؤكداً ان الازمة الحالية العميقة في العراق، يتم حلها فقط من خلال الالتزام بمبدأ الشراكة، التوافق، التوازن وتطبيق الاتفاقات المبرمة بين الاطراف السياسية والالتزام بالدستور وحقوق جميع المكونات .
وحسب ما أعلن فان النقاط التي تم الاتفاق عليها بين وفد حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد شملت
1 ــ تشكيل لجنة مشتركة لحسم قانون النفط والغاز على أساس الاتفاق السابق الذي ابرم في شباط 2007 بين الجانبين.
2 ــ تعديل قانون موازنة العام 2013.
3 ــ معالجة مشكلة قيادات عمليات دجلة ونينوى والجزيرة، حيث ستكون إدارة الملف الأمني في المناطق المتنازع عليها مشتركة بين الإقليم وبغداد.
4 ــ العمل المشترك للمصادقة على مشروع قانون ترسيم الحدود الادارية للمدن والمناطق والتي تم تغييرها في زمن النظام البائد ضمن سياسات التعريب وتخريب الأوضاع الأثنية والمذهبية.
5 ــ ادارة ملف تأشيرات الدخول والمطارات بصورة مشتركة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.
6 ــ قيام الحكومة الاتحادية بتعويض ضحايا القصف الكيمياوي والمؤنفلين والانتفاضة الشعبانية والمرحلين الكرد الذين نزحوا الى دول الجوار.
7 ــ تعزيز التعاون وتبادل المعلومات وسيتم وفقه تعيين ممثل لإقليم كردستان في بغداد وممثل للحكومة الاتحادية في إقليم كردستان. لقد اثبتت الازمة الحالية بين الحكومة الاتحادية والاقليم والتصعيد الذي رافقها خلال الاشهر السابقة والوصول الى الاتفاق الاخير المؤمل ان يتم تنفيذه بايمان وارادة وتصميم على تجاوز كل الخلافات والتشنجات السابقة اننا بحاجة الى دراسة وتقييم مسلسل الازمات العراقية والاستفادة من بعض الدروس العبر منها واهمها
اولاً الموقف الواحد للقوى والاحزاب الكردستانية كفيل بان يجعل اي طرف او خصم مقابل بمراجعة حساباته والرجوع الى منطق الحق والعدل والمرسوم باحكام الدستور والاتفاقيات المبرمة السابقة.
ثانياً مبدأ التشاور والمشاركة في إدارة الملفات والمناقشات مع مختلف الاحزاب والمكونات يجعلها جميعا في موقف الطرف المسؤول عما هو واقع وجاري في الساحة وبالتالي يخفف من المهاترات الاعلامية التي قد تستغلها بعض الاطراف التي تحاول الاستفادة من كل ازمة.
ثالثاً ان المصلحة العليا لاقليم كردستان تتقدم وتعلو على كل مصلحة حزبية او شخصية ولابد ان يتشارك الجميع في القرار كي يكونوا جميعاً مسؤولين في تحمل النتائج والآثار المترتبة عليه.
رابعاً التأكيد ان مسؤولاً كردياً في الحكومة الاتحادية او مؤسساتها في بغداد انما هو وكيل عن شعب كردستان وممثل لمصالح ابنائها وعليه فان وجوده ومشاركته في الحكومة الاتحادية او مجلس النواب مرهون بقرار القيادة الكورية التي تملك من الحكمة والمسؤولية ما يمكنها من اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب. خامساً واخيراً فان نجاح القيادة الكردية الشابة المتمثلة بالسيد نيجرفان البارزاني في الوصول الى هذا الاتفاق يفرض على كل القيادات الكردية ان تفكر جدياً بالاعتماد على الشباب وتاهيلهم للوصول الى المراكز القيادية في الاحزاب والحكومة والمؤسسات والمنظمات والنقابات والاتحادات المهنية والاجتماعية لان الجمود وتكرار ذات الاشخاص في بعض المواقع والمناصب يكرر ذات الآليات في حل الازمات. ان المهم والاهم في الاتفاق الاخير هو الموقف الكردي الواحد الذي كان حازماً واميناً ومتزناً في تقديمه للحقوق والمصالح الخاصة بالاقليم والتي هي في جوهرها تطبيق احكام الدستور والاتفاقات السابقة وصولاً لما فيه الخير والسلام للعراق وجميع شعبه.
AZP07