درس من عشرية الجزائر – شامل بردان

درس من عشرية الجزائر – شامل بردان

قُتِل في الجزائر اكثر من مائة الف انسان، جراء تطور العصيان الذي جاء نتيجة الغاء جولة الانتخابات التشريعية التي فازت بها جبهة الانقاذ بـ 188مقعدا قبالة 15 مقعدا لجبهة التحرير التي تنبثق عنها السلطة هناك منذ الاستقلال سنة1962 .

لم يكن للجبهة الاسلامية ان تتشكل سنة 1989 لولا قيام الشاذلي بن جديد(1929-2012) بسن التعددية.

والشاذلي ضابط سابق في الجيش لم يكن من ضمن المعدودين لخلافة الهواري بومدين ثاني رئيس واول منقلب على احمد بن بلة.

بومدين كان حاكما اوحدا لا ينازعه ولا يسمح لأحد بمنازعته، ومثل هذا النوع عربيا، يخلفه في الاغلب من يكون لينا (انور السادات كان لينا قياسا بجمال عبدالناصر وعبدالرحمن عارف الين من اخيه عبدالسلام وفيصل بن عبدالعزيز الين من سعود) ، ومع اللين تكبر الممنوعات وتتسع ومن ضمن اللين  الاصلاح السياسي الذي يعني اخيرا القدح بالسلف، ومن الاصلاح المفترض تنط تعددية يرددها مطلبها العرب لكن التجارب لم تثبت فقط عدم استعدادهم للتعدد بل عدم توفيرهم اي جولنموالتجربة.

تجربة اسلامية

لا اردُّ فقط على تجربة الاسلاميين في السلطة، بل على اكثر العقائديين ممن اساءوا عبر السلطة للناس وللسلطة، فأنسحبث ثقة الناس منهم وراحت تبحث بخيبة عن اخرين لمنحهم الثقة، ومن ضمن مننوحي الثقة عن قلة دراية شعبية اومن طمع اوخوف هم الاسلاميون، الذين اسرعوا بحرق ماضيهم وربما قصروا عمرهم الباقي بقدر استعدادهم للنهب واللغووالتخدير والتجهيل، هذا لا يعني ان الاخرين افضل، فالاخرون لا يمانعون الاستفادة من قوة الاسلاميين بالتحالف معهم وتشارك التستر المتبادل عن الجرائم وكذلك يستفيدون من التقدم اعتمادا على تراجع الاسلاميين وكراهة جمهور عريض لهم، فذلك يعطي كامل المبرر-حتى لقطاع كبير من الشعب- بتأييد الضرب الحكومي على الاسلاميين واعادة تثبيت صورتهم الراسخة بأذهان الناس- وهي صورة ليست كلها كاذبة فهم مستعدون لسلوك العنف مثل الدولة وهذه هي احدى نتاجات الاشتراك بجريمة تشويه الاسلام المدانان فيها هم السلطة واسلاميوالسياسة-.

فرق تجربتنا عن الجزائر في خصوص العشرية فقط ان التعددية جاءت مع الاحتلال الامريكي، فالتعددية العراقية الجمهورية تعددية ترنحت بين الصورية وبين الامر الواقع، وكلا المثالين زالا الاول تلاشى والثاني جرى قمعه.

فرق ثانٍ ان الجزائر تنازلت السلطة فيها واصدرت لاحقا تعليمات عفولتخفيف لتجاوز المرحلة، لكنها لم تمكن للاسلاميين تسيد الموقف.

حرق شارع

تشترك التجربتان بتبيان استعداد السلطة والخصم الاسلامي لحرق الشارع بمن فيه هي للبقاء وتلك للوصول للحكم، ودائما حجة الاسلاميين هي الشريعة ومحاربة الفساد رغم انها نفسها لا تخلومن فساد، ورغم ان السلطة نفسها ليست بريئة من الفساد، فمع لين الشاذلي واتهام مقربين منه بالفساد وبخاصة العائلة التي اذا دخلت مع الحاكم وعملت على مسك السوق فقد فقدت وفقد معها الحاكم كثيرا من مناعته وصار موضوع نكتة ونقد وكره.

احترق في نزاع التعددية العراقية الوف الناس خلال سنوات مابعد الاحتلال، وضرب فيها الكلُ الكلَ، من الجار الى قمة السلطة، واستجلب التاريخ بكل رواياته ليضرب الحاضر ويصيب المقبل، لكن ابطال عشرية العراق هم الاسلاميون في السلطة والاسلاميون المشكلون للسلطة والاسلاميون المؤيدون للسلطة والاسلاميون المعارضون للسلطة من اجل الوصول للسلطة والاسلاميون الرافضون بقاء السلطة ويطالبون بعودتها لهم، على اعتبار ان السلطة كانت فيهم وان كان اصحابها قوميون( سلام ورحمن عارف والبكر وصدام)!.

من نتائج الصراع، توسع المقابر، اقتراب زوال الطبقة المتوسطة، ارتفاع الديون وفوائدها، تكرس امكانية مصانعة اي قوة للفوز بموقع يمكن من الاثراء، تشكيل فصائل مسلحة، تراجع نفاذ القانون وانحسار تطبيقه على من لا حامي له، اهمال مصالح الناس، بروز جيل وارث للثارات وارث للمديونية عاطل عن العمل.

مشاركة