دخان المبادرة


دخان المبادرة
فاتح عبدالسلام
بعد أسبوعين.. كابوسيين دمويين، تفجّرت فيهما ما يقرب من سبعين سيارة مفخخة في بغداد والمدن الرئيسة، وقّع قادة أحزاب سياسية وممثلوهم وثيقة شرف للسلم الاجتماعي في العراق توعدت بنودها ضمناً مَنْ يخرج عن الالتزام بالتوقيع.
هكذا فجأة بات الجميع منساقين إلى ما قيل إنّها مبادرة لم تتوافر على بنود تختلف أو تتفوق في إلزاميتها بنود وثيقة مكة التي وقّعها الفرقاء قبل سنوات، في ذلك المكان الشريف ولم يلتزم بها أحد لساعات وليس لأيام.
الطبخات المستعجلة، تحتاج إلى تأمل مَنْ يريد أن يرى بوضوح عناصرها ومكوناتها.
ثمّة حقيقة، من المكابرة تجاهلها، هي إنَّ أية خطوة سياسية كبيرة في العراق هي صدى لموافقة ايرانية على مسار معين. وما أحوج إيران وما أعجلها في هذه الأسابيع إلى هذه الهدنة في العراق الذي يقع في صلب عمليات فيلق القدس المتخصص بالعمليات الخارجية في الشرق الأوسط. حيث تتقدم إيران بسرعة مذهلة على صعيدين صعبين للغاية، مع تسهيلات واضحة ومبادرات شفافة، لحسم قضيتين عالقتين هما الأزمة السورية والملف النووي الايراني.
وكانت استجابة واشنطن سريعة وكذلك فعل الرئيس الأمريكي المهرول المزنوق وراء أية إشارة إيجابية من روسيا أو إيران ما يدل على إنّ كل شيء يسير في اتجاه حل المسألتين في سوريا وايران أو بالأصح إظهار النفوذ الإيراني في تحقيق مبادرة جدية تخص سوريا مقابل التقدم على المسار النووي الذي تريد طهران منه أولاً الغاء العقوبات المالية والاقتصادية من قبل أمريكا وأوربا ضدها.
هل يعقل أنْ تتقدم إيران على صعيدي سوريا ووضعها النووي وتترك الملف العراقي خلفها مبعثر الأوراق يوحي بالإساءة لاسمها أكثر مما يحقق من فوائد كانت قد قطفت ثمارها مبكراً ولم يعد بها حاجة الى أشواكها وأوراقها المتساقطة .
هذا السؤال، هو مرآة واحدة من بين عشرات المرايا التي يمكن النظر عبرها إلى ما ينعكس على سطحها من سلوك سياسي في بغداد.
FASL