خيارات صعبة (2-2)
يضيف الدكتور شوارتز ” حينما تختار ان تقوم بشئ ما ، فانك تختار عدم القيام بأشياء اخرى وتلك الاشياء ربما تحمل العديد من المزايا المغرية ستجعل ما تقوم به في اللحظة اقل تشويقا “
والشئ المهم الاخر هو ما يسميه (زيادة التوقعات ) وهو “عندما تختار الافضل قد تشعر بشعور أسوء والسبب هو مع كل الاختيارات المتاحة توقعاتنا عما يجب عليه ان يكون الشئ الجيد ارتفعت والمفروض انه لدينا توقعات منخفضة ، خاصة اذا كان لدينا نوع واحد مثلا . واضافة بدائل لحياة الناس لا تساعد الا على رفع التوقعات لديهم عن مدى جودة هذه البدائل والنتيجة هي قناعة اقل بالنتائج حتى وان كانت النتائج جيدة.”
ويقول “ان سر السعادة هو بالتوقعات المتواضعة ً ويقول ًان نتائج شراء نوع وحيد متوفر وتكون غير مقتنع به فان السؤال هو من المسؤول فالجواب هو انه لست انت المسؤول ، اما اذا كان هناك الكثير من الاختيارات واخطاءت بالاختيار فان المسؤول هو انت وحتى في حال كانت نتائج القرارات جيدة ” ويقول ان ذلك ادى الى انتشار مرض الاكتئاب انتشاراً واسعاً في العالم الصناعي في الجيل السابق “
ويضيف “ان ما يتيح كل هذا الخيارات في المجتمعات الصناعية هو الثراء المادي ، بينما هناك الكثير من الاماكن في العالم حيث المشكلة ليست أن لديهم فائض بالاختيارات وانما لديهم اختيار محدود جداً ، اذاً المشكلة تخص المجتمعات الغربية الغنية والحديثة ، واذا نقلنا بعض ما يتيح للناس في مجتمعاتنا الحصول على كل هذه الخيارات الى المجتمعات حيث خيار الناس فيها محدود جدا ، فان حال المجتمعات الغنية والفقيرة سيكون افضل ، اي ان اعادة توزيع الدخل يحسن من وضع الجميع ، وليس فقط حال الفقراء “
اشارت الاية (61) من سورة (البقرة)الى الصبر على الطعام الواحد ،حيث انه الخيار الوحيد ، هو افضل من التعددية في الاطعمة ، رغم ان بقية الاطعمة هي ايضا جيدة لكنها ادنى من الطعام الواحد ، ونلاحظ ان الاطعمة المذكورة في الاية (وهي البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل) هي خمس انواع ، وهذه الاطعمة قد تكون اكثر مما نتصور فالبقل هو كل نبات عشبي يغتذي الانسان به او بجزء منه كالخس والخيار والجزر وقيل هو الحبوب الجافة لبعض الخضروات كالفاصوليا، والفوم فيه قولان قيل هو الثوم المعروف وقيل هو الحنطة ، واما القثاء فقيل هو الخيار او شبيه الخيار او انه البطيخ ، ومن ذلك نلاحظ الانواع الكثيرة والمتعددة في اختيار الطعام و التي تسبب الحيرة وبالتالي الذلة والمسكنة ، كما اشارت اليه الاية الكريمة.
اما في اتخاذ القرارات فقد اشارت الآيات من (67) الى (71) من سورة (البقرة ) الى قصة ذبح البقرة وكيف تعددت الاسئلة حول نوعها ولونها وطبيعة تلك البقرة ، وكيف ان البقر قد تشابه على السائلين رغم وضوح الطلب ولكن كثرة وتعدد الخيارات ادى الى الحيرة و الارتباك والتردد في ذبح البقرة .
اذا تقليل الاشياء وتقليل الخيارات والزهد باضافة الى التوزيع العادل للثروات يزيد من رفاهية الغني والفقير ويزيد الرضا لجميع الناس على حدٍ سواء.
غلام محمد هايس – البصرة