خمس إضاءات من القوميين العرب (2)

خمس إضاءات من القوميين العرب (2)
يُلاحظ بأن من يتحدث باسم المعارضة السورية، إنما يستجر عوالم افتراضية سابقة عاشها أفرادها، فما سبق وسمي معارضة في سوريا، أو من كان يدعيها لم يكن يرتكز على أسس شعبية أو واقعية.. ولا على قواعد بشرية اجتماعية صاحبة رأي موحد، أو حتى ظروف اقتصادية واجتماعية واحتجاجية يمكن أن تنشئها في مواجهة السلطة، كانت المعارضة أقرب إلى الحالة الفردية الشخصانية .. وفردية كهذه وأمثالها: كانت تدعي بأنها تمثل الغائب (أغلبية صامتة أو ما شابه)، أي كانت تمثل من موقعها ما هو غير موجود..؟ بعض المعارضات بقايا أوضاع سياسية سابقة، حيث كان الحراك السياسي يتوزع حول مشاريع سياسية ترتبط في دول مجاورة أو إقليمية وأجنبية..
فالمعارضة المفترضة الآن تجسد الغائب، البديل لما يسمى الجسم المعارض، وهذا الوضع يجعلها والجسم الغائب المعارض المفترض واحد، وكأنه حقيقي، بينما هو وهمي، وهذا ما ينافي العقل والمنطق، وأبسط المعطيات التي يمكن أن تسمى سياسة، لذا نراها ترفع من صوت خطابها، وكذبها الغبي المفضوح في محاولة لتأكيد ذاتها، وتؤلف روايات، دون أن تجعل أحدا ممن تخاطبهم يصدقها..؟ لقد نسي أشخاص المعارضات، واقعا ممارسا يعرفه الشعب في المنطقة ويعرفوه: أن كل ما هو ظاهر لامع أمام الشعب، مصنع، غير حقيقي، وغير ذات أهمية بالنسبة له، تصنعه السلطة أو بديلها.. الفكر، والثراء، والانتماء، والأديب اللامع، والسياسي المشهور، والاقتصادي، والمفكر العبقري وحامل جائزة نوبل الخ، فإذا احتاج الأمر إظهار الشعبية لفلان أرسل له من الطرف المهيمن القادر: المصفقين والمطيبين، والهاتفين وحرسه المرافق الحامي..؟ هكذا تسير الأمور وهي ابتكار أمريكي أوروبي، وليس عربي متخلف فقط ..؟
وفي النهاية نقول: إلى من يقبلوا أن يطلق عليهم لقب (المعارضة السورية)، من أين لكم هذا الشعب المعارض، ومن أين أتيتم به..؟ ومن أين لكم هذا الجيش الحر، ومن أين لكم هذا السلاح، وهذه البطولات والخبرات العبقرية العسكرية القتالية، التكتيكية أو الستراتيجية.. نحن نعلم بأنه قد تم تصنيع كل شيء حولكم، وأنكم تتغاضون عن هذا كله، وأنه ليس لكم، ولا تمثلونه ولا يمثلكم، لا من قريب ولا من بعيد.. (العلية ولو على الخازوق) ، ومع هذا تصرون على الشرشحة وعلى مخاطبة العالم وشعب العرب والسوريين بأعلى الأصوات عن المعارضة وعن الجيش الحر وكأنهما حقيقيان.. كفى كذبا ، كفى قتلا للناس، كفى هوانا بهم، وإهانة لهم ، كفي خيانة للأوطان..؟
4 – *مفتري ممن يدعون المعارضة يدافع عن القتلة المخربين ويعدهم محررين.. يكتب في وقاحة ضد أهل الصلاح ممن يحاولون البحث عن حلول في العقل لأزمة الوطن..؟
يا سيد، يا من تدعي أنك عربي حر، فلا أنت عربي ولا حر، وربما لا يُعرف لك موطنا، لأن من تتهمه بالكذب يتكلم الصدق وفي موضوعية علمية، ويبحث عن حل لأمور معقدة لا تعرفها من أجل الخلاص وقد زج الشعب السوري في مشاكلها ولا علاقة له بها، فجأة كما يروي معظم أهالي حمص السورية، فجأة هجم اللصوص الهمج المسلحون يكبرون ويقتلون العزل.. فهل هؤلاء من تدافع عنهم؟، أم أنك تتكلم فقط الكلام للبرهنة على أنك موجود .. هكذا تصرف يخرجك عن المسؤولية ويمنعك عن الكلام.. كيف تقلب الحقائق، وتطلب من الجيش أن لا يدافع بالرد على من نصبوا أنفسهم ثوارا وجاءوا لقتله، قتل الشعب في كل مكان؟.. أهكذا يصبح المدافع عن الحق والحياة قاتلا ومن جاء للقتل وسفك الدماء مسكينا أو محررا؟، لا.. فالجيش وهو من أبناء شعب الوطن، لا يتسلي بقتل الناس، كما أخبروك، وهم إخوته وأقاربه وأبنائه، فمن أخبرك كاذب؟ أو أنك كاذب، وفي هكذا موضوع ليس لنا أن نقول سوى: أن لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، نجنا يا الله من الأعظم واللطف بنا / فإنك القدير، نسأل: هل المشاهدات اليومية التي نقلها إلينا من يعيشون في سوريا كاذبة.؟ وأنت الصادق ومن معك….لربما أدمنت ومن يسير في ركبك الخيال والأوهام حتى غاب عنكم الواقع.. ولم يتبقى لديكم سوى الافتراء ، إذ لا يستطيع أحد أن يحجب الشمس في غربال، ها هي ذي الوقائع تتكشف بعد كذبكم الفاضح وتخليق الروايات ، فلا أحد يصمد أمام الحقائق أمام إرادة الحياة، وحتما لمهزومون، دعوكم من موضوع النظام وابحثوا في واقع الحال، فعن أي ثورة تتحدثون؟ تلك التي تنهب وتدمر العمران، وتقتل الشعب وتعده عميلا للنظام.. فبمثل هكذا ثورة سيبقى النظام وسيعده شعب سوريا جنة .. أرحم بما لا يقاس من جحيم هكذا ثورات…؟
5 – الجهاديون التكفيريون والجماعات المؤمنة ، ومن هم في نهجهم من العلمانيين..؟
من المفارقات غير المنطقية والمثيرة للاستغراب، أن لا يعتقد التكفيريون وجماعات الأخوان، أنهم يمارسون اضطهاد طائفي طغياني تجاه مجتمعات تتواجد في أوطانهم: (إسلامية وغير إسلامية وعلمانية)، تصل بهم إلى استسهال الإبادة، ويعدونــــــها مشروعية وطنية وأخلاقية، فيوزعون الناس كيفيا ببن عالمين: شرير وصالح، طاغي وديمقراطي، دار جهاد وحرب ودار إسلام وسلم؟، كما يحدث في سوريا وغيرها،
وأن هذا قد يتجاوز الإيمان الديني الشكلي بينهم لينغرس في النسيج الحيوي والأحاسيس والعقل اللا واعي، المترجم إلى أعمال، ولا يقتصر هذا على زعمائهم ووجه البسطة والعمامة منهم، بل اخترق حتى إلى من ينتمي لبيئتهم العصبوية (العشيرة والعائلة) وان اتخذ شكلا متحررا متأوربا متغربا، ويحسب نفسه حضاريا..
بل أن ما يعتقدونه في موضوع الاضطهاد هو العكس تماما وهو الصحيح لديهم، وأنهم المستهدفون والمضطهدون، ومن منطلقهم الذهني المشوش المقلوب على أنهم الأوصياء، لأنهم يمتلكون الصواب المطلق، يعدون رفض الشعب لسلوكهم والاحتجاج عليه من الكبائر والمعاصي، التي لا يجوز السكوت عنها..
ومن منطلق أجواء الرفض لهم والجحود لما يقدمون واعتقادهم الخير فيه والصواب ، تستفحل المعاناة حتى الانفجار، فكل منهم مشروع متفجر دموي قاتل، ويحسبون أنفسهم مجاهدين في سبيل الله أو العدالة وصلاح الإنسان، وهكذا يصنفون أنفسهم بأنهم المضطهدون المستضعفون وأنهم المجاهدون، ربما لاعتقـــادهم أنهم وحدهم الذين أنعموا بنعمة الارتباط بالمطلق، والملائكة تلعب بين أيديهم دون غيرهــــــم وتؤتمر، وأنهم المختارون وحدهم، ليرثوا الأرض وما عليها، وهذا بالطبع لا يجعلهم يرون أن على الأرض من هو غيرهم أيضا، ولا يري رؤيتهم، بل يرفضها ويشجبها..؟
عادل سمارة – بغداد
AZPPPL

مشاركة