خرائب

خرائب

عبدالرزاق صالح

عندما يأتي الفيضان

تتحطم الأسوار

تتصدع الجدران

تُقْتَلعُ الأشجار.. تَغْرَقُ البيوت

تطفو الأواني المعدنية

وتغصُ بعيداً أواني النحاس

سيلُ العرم.. يجرفُ ملحَ البارود

ويطفأ النار

الأمُّ تهرولُ نحو الكوخ

يسبقها وليدها.. يجبُ أنْ أُضحي بنفسي

ذلكَ بِرُّ الوالدينِ

لكنَّ المحظورَ وقع.. وتلاشى البنيان

في برهةٍ من الزَّمن

ترنحَ الإناء البلوري

رقصَ السَّاحرُ.. وتلاشتْ آلهةُ الشَّرِ

النجوم ـــ المصابيح

شاهدةٌ على خرائب الزَّمان

يتلوى ألماً شاهدُ العصر

من قارورتهِ السِّحرية

يسكبُ إلهُ الخير

النور على الأرض.. ويُحارب الظَّلام

يُصارعُ آلهة الشَّر

وبناتها السبع الغاويات

اللواتي يقعُ في شِباك حُبِّهنَ الفتيان

حيثُ تمصُ أُمُّهنَّ دمائهم

كم من الضحايا سقطوا في حبائلهنَّ!؟

وبدمِّ الشباب تُجدَّدُ الشريرةُ دمها

بدلاً من الدمِّ الفاسد!

هذه خرائبُ الجِن.. خرائبُ المدن

خرائبُ الجنس البشري

في زمن الصَّراع الأزلي

بين الخير والشَّر

مدائن صالح

خرائب بلقيس

أطلالٌ وقبور

آثارُ بابلَ

وفي اللوحةِ

خرائطُ بلا مدن

خرائطُ بلا أنهار

أنهارٌ مُنْدَرِسَةٌ

خطوطُها على خرائبَ البصرةِ

بعدَ خرابِ البصرةِ

أيُّها القادمُ من بلدِ الأشجانِ

هل تركتَ النائمَ في الظِّلِ

ينتظرُ الغائبَ؟

هذا الزَّاهدُ يتمنى ثلاثَ أُمنياتٍ!

تحتَ الشجرةِ

في ظلِّلهِ الظَّليلِ

صاح الماردُ: ماهي أُمنياتكَ الثلاث؟

عادَ الزَّاهدُ إلى زوجتهِ القبيحةِ!

وكَشَفَ سرَّ الماردِ!

قالتِ الزوجةُ: الأمنيةُ الأولى أنْ أصبحَ أجملَ النساءِ!

ورَجَعَ الزَّاهدُ إلى ظلِّهِ وأخبرَ الماردَ

في اليوم الثاني أصبحتْ زوجتُهُ أجملَ النساءِ

وتركتْ زوجَها ؛ انصرفتْ لحياةِ المجونِ!

ذهبَ الزَّاهدُ مرَّة ثانية للماردِ، طالباً أنْ يُحَقَّقَ لهُ الماردُ الأمنيةَ الثانيةَ!

راجياً منهُ أنْ تكونَ زوجتهُ أقبحَ النساءِ!

وفي اليوم التالي أصبحتِ المرأةُ أقبحَ النساءِ!

طار عقلُها؛ تولولُ ذهبتْ إلى أبيها ؛ صارخةً مسخني الماردُ!

أطلبْ من زوجي أنْ يطلبَ من الماردِ الأمنيةَ الثالثةَ ويرجعني كما كُنْتُ!

أصبحتِ المرأةُ في طبيعتها الأولى

وضاعتِ الأُمنياتُ الثلاث!

خرائبُ ……..

الطرقُ خرائبُ

الأحلامُ خرائبُ

الدور خرائبُ

الأماني خرائبُ

وتبقى الحكاياتُ

الأساطيرُ

الأمثالُ

القصاصونَ

الشعراءُ

وعينا الطائرِ الأزرقِ تَرْقبُ

ينحسرُ الظَّلُ

يرجعُ الزَّاهدُ إلى صومعتهِ

في كلِّ ركنٍ؛ شكوى

تلاشتِ الأُمنيات.. وشاختِ امرأة البلوى!