بغداد – عدنان أبوزيد
أثار تأجيل مؤتمر بغداد الثالث، ردود أفعال بين الخبراء والمحليين السياسيين، الذين عرضوا خيارات متعددة للمواقف من التأجيل وجدوى انعقاد المؤتمر بدورته الثالثة.
وكشف مصدر حكومي مطلع، الخميس الماضي، عن تأجيل عقد مؤتمر بغداد الثالث، الى اشعار اخر بعد ان كان مقررا عقده، نهاية الشهر الماضي.
وأرجع المصدر، التأجيل إلى ان الدول المشاركة في المؤتمر طالبت بتأجيل عقد المؤتمر بسبب ما يشهده العراق من أوضاع غير مستقرة بسبب تصاعد الهجمات ضد القوات الامريكية ومع وجود خشية لتصعيد هذه الهجمات والرد الأمريكي عليها، ومع التحذيرات من قبل بعض الدول من السفر إلى العراق .
ويقول د. غازي فيصل، استاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية، وسفير العراق الاسبق في باريس، لـ الزمان، ان «اندلاع الحرب في غزة والمواجهة الكبرى، يضع المنطقة امام اتساع الحرب في الشرق الاوسط مع دخول ايران وحلفاءها فيها، وهو أمر أثر على انعقاد النسخة الثالثة من المؤتمر»، معتبرا أن «عقد المؤتمر، بشكل عام، يشكل فرصة حقيقة لانفتاح العراق في سياسته الخارجية، ومشاركة فرنسا في المؤتمر الأول والثاني الذي انعقد في عمّان، تجسد الدعم الاوربي لاسيما فرنسا، لإخراج العراق من هيمنة ايران، طبقا لتصريح ساركوزي في وقت سابق عن ضرورة انعتاق العراق من هيمنة ايران والانفتاح على الدول العربية وجلب استثماراتها، إلى جانب الفرنسية والاوربية».
يرى فيصل ان «المؤتمر يشكل نقطة تحول في سياسة العراق الخارجية من اجل تحقيق التنمية، اما التأجيل فهو بسبب عدم الاستقرار واحتمال مواجهات كبرى بين الفصائل المسلحة المتحالفة مع ايران و القوات الأمريكية إضافة إلى قوات التحالف، والاستهداف المحتمل للسفارة الأمريكية في بغداد، وقد تتسع المواجهات نحو سوريا و القواعد الأمريكية في الكويت والبحرين والخليج كما ان الحوثيين يقصفون من اليمن صواريخ اراو، الذي يمثل إشارة رمزية تدل على اصرار هذه التنظيمات المرتبطة بإيران للمشاركة في الحرب على كافة المستويات، فضلا عن التصعيد في جنوب لبنان واحتمال اتساع الحرب وفتح جبهة سوريا للفصائل العراقية والأفغانية إلى جانب الحرس الثوري». يعتقد فيصل انه «لا يمكن الحديث عن مؤتمر تحضره الزعامات من اجل شراكة في وقت نحتاج فيه الى مؤتمرات امن اقليمي بدل الحرب»، مشيرا إلى أن «فرنسا كدولة لعبت دور اساسيا خلال حقبة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ولاحقا خلال حقبة رئيس الوزراء الحالي، محمد السوداني لتشجيع الاستثمار العالمي و الفرنسي في الغاز والطاقة البديلة، وهو أمر يجعل الشركات الفرنسية تلعب دورا مهما في العلاقات مع العراق، فضلا عن دور فرنسا في تطوير التسليح للجيش العراقي».
وقال رئيس مركز التفكير السياسي، احسان الشمري لـ الزمان، أن «مؤتمر بغداد بنسخته الاولى والثانية وحتى الثالثة تنفع من ناحية عودة العراق الى محيطه العربي والإقليمي، ونيل الدعم الغربي، وبالتالي فانّ مثل هذه الطاولة تنتج الكثير من التقارب بين الدول الحاضرة للمؤتمر، وعلى ما يبدو فان المؤتمر نجح في هذا الاتجاه وبالتحديد في التقريب بين وجهات النظر، ما يمثل دبلوماسية فعالة، لكن على مستوى الارتدادات الداخلية لم ينتج فعلا، أو أثرا داخليا على مستويات الحياة العامة للمواطن العراقي، خصوصا ان مستوى الحضور في الدورة الاولى كان يمثل انتقالة كبيرة بحكم زعماء الدول الذي حضروا للعراق، كما ان فرنسا استطاعت من خلال دعمها لهذا المؤتمر، ان تحقق عقد شراكة مع العراق، فيما يتعلق بصفقة توتال».
يرى الشمري ان «الاهم في ذلك ان موضوع النسخة الثالثة يرتبط بالملف الامني بالقدر المتعلق باستهداف البعثات لكنه في الحقيقة يتعلق بالنهج العام الذي لا يريد انجاح هذا المؤتمر، ومن ذلك ان الذين يتقلدون الأمور وصناع القرار في المعادلة كانوا من قبل، ضد عقد المؤتمر وقالوا لا فائدة منه، ووقتها كانت تمثل إشارات خاطئة، فضلا عن ان الظرف تغير مع حرب غزة وصعود مشاعر العداء ضد الغرب، وهذه جميعها القت بظلالها على المؤتمر». يعتقد الشمري انه «لا يوجد استقرار سياسي في العراق، وهناك ازمة عميقة، وحتى بعد تشكيل أي حكومة، فان الاستقرار السياسي النسبي تتخلله صراعات واتهامات». يشير الشمري إلى أن «فرنسا لديها توجه نحو العراق في ظل انشغال امريكا بحرب أوكرانيا واسرائيل لذا تجد فرصة لها كي تستثمر في الأرض العراقية وتعزيز مصلحة سياسية واقتصادية وامنية»، معتبرا ان «تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر، لا يؤثر على المصالح الفرنسية التي سوف تستمر حتى وان تأجل المؤتمر».
ويقول الاكاديمي والباحث السياسي، غالب الدعمي، لـ الزمان، ان «المؤتمر لو انعقد في هذه الظروف لصار دعما لبغداد، لكن العاصمة العراقية اليوم اصبحت مصنفة ضمن محور الممانعة وهذا ما لا يعجب الدول»، معتبرا ان «مواقف الدول العربية هي ضد حماس، وحضورها الى العراق يعني دعم حماس، وبالتالي فان هذه الدول لا تريد لهذه الحكومة المحسوبة على خط الممانعة، ان تنجح في اي انفتاح خارجي، يرسخ وجودها».