قصتان قصيرتان
خارج نطاق الخدمة – نصوص – نجاة معلة
في شوارعِ أكتظتْ بالناسِ والعرباتِ وصفيرِ شرطي المرورِ ونقاطِ التفتيشِ حلقت بها سيارة التكسي الصفراءالتي يقودها رجل كبيرالسن يناغي مقود السيارة بأعصاب هادئة كأنه يركبها للمرة الأولى , راقبته بأعصاب مشدودة وهي تشتاط غضباً للإسترخاء الذي يمارسه بالسياقة
ها قد وصلت بعد توتر نفسي دام أكثر من نصف ساعه مع الطريق وجدتهُ يقفُ على الناصيةِ بأنتظارها مبتسماً . خفق قلبها بجنون وأرتجفتْ يدها ,صافحته حتى شعرَ ببرودة أناملها التي كأن حرارةِ الحياةِ غادرتها ,كعادتها تبلدتْ وتبدد صوتها فلم يسمعها وهي تقول “السلام عليكم ” بشفاه ترتجف وأنفاس لاهثة , حدقت بعينيه طويلاً منحها فرصة لأسترداد هدوئها , بعد ذلك ضجَ الرصيفُ بكلماتهِ التي أيقظَتْ كلَ حواسها الشاردة .
بدأت الحياة تدب في روحها من جديد وهي تمتلئ من عذب روحهِ أستمرا يوشمان الطريق بخطواتهما وصدى أنفاسهما المربكة . مر الوقتِ سريعاً لم تنتبه الا وهو ينظر بساعة معصمهِ ويقول حبيبتي تأخرالوقت يجب أذهب , أهتزت من أعماقها حتى شعرت بميلان محور الأرض , ليت عقارب الزمن تتوقف , كيف سيفارقها بعد أن أدمنت وجوده في حياتها , كيف ستتجرع مرارة الغياب , هل هوالقدر يجبرنا الخضوع لأرادتهِ أم أنها الحياة لاتمنحنا كل مانحب.؟؟
هكذا أحتضنها بعينين قالتا الكثير وهو يمسك يديها بقوة كأنه لايريد أن يغادرها, تنهدت بعمق وهي تراه يبتعد ليستقل تلك السيارة التي وقفت محاذية للرصيف تنتظره , ستأخذه الى المطار ومن هناك الى المجهول حيث اللاعنوان “أنها الهجرة “
أنتهى الوداع غادر وحمل مـــــعه كل شيء , تركها واقفة لاتملك إلا شريــــــــــط صور وذكريات مرسومة بكل ذراتها .
عادت أدراجها تجر أذيال الوحدة وأكداس من كلماته وضحكاته ترن في مسامعها , مشت خاوية لاترى الشارعِ والبشر حولهاِ ,غيبوبة نفسية غيبتها , أخذتْ نفساً عميقاً وهي تستنشق بقايا عطرهِ الملتصقُ بأطراف أناملها لعله يوقظها ويعيدُ اليها بعض بعضها الذي رحل معهُ .
توقفتْ تبحثُ عن رقمِ هاتفهِ لتسمعَ صوته قد يكونَ للمرة الأخيرة لكن الوقت تأخر. لقد أنتهى كلَ شيء جاءها صوت المنادي ” الهاتفُ مغلقٌ أو خارجِ نطاقِ الخدمةِ ” .



















