زمان جديد
لؤي زهرة
لي جارٌ طيبُ , تشعُ علامة التقوى من وجنتيهِ و ابتسامة الإيمانِ تعلو محيّاه كلما حييَّته بتحيةٍ بادلني بأحسن منها .
لم يكُ بيني وبين ذلك الرجل سوى تحية الصباحِ وتلك اﻷبتسامة الجميلة التي أتفاءل بها وأنا أتوجهُ الى عملي .
باﻷمس قلت في نفسي هذا الرجل هو ضالتي , فصرت أبحث عن سبب ﻷتقرب إليه وأتحدث معه .وأتخذتُ من ذلك الخاتم اﻷحمر الكبير الذي يتختمُ به ذريعة للوصولِ الى هدفي المنشود . دنوت منه وقلتُ : معذرة سيدي ما سرّ هذا الخاتم الجميل الذي يزينُ بُنْصِرك ؟ أبتسم لي حتى بانت نواجزه
: هو خاتم سليمان أتزينُ بهِ ( كان جوابه صدمة مرعبة لي ودار في خلدي أنني أتحدثُ مع الرجل الخطأ فهو أما كاذبٌ أو مجنون)
قلت: يا سيدي هل تقصد خاتم سليمان . ابتسم وقال بثقة : نعم هو خاتم سليمان ( يا آلهي… ، هل يعقل أن يكذب هذا الرجل تلك الكذبة الكبيرة في أول حديث بيننا أم أنه يعتبرني رجلاً جاهلاً تنطلي عليه تلك الخديعة بسهولة أو أنه يراني معتوهاً ) ابتسم الرجل ُفي وجهي وراح ينزع خاتمهُ من بنصر يده اليمنى , وقبل أن أنبس ببنت شفه أستطرد قائلا : خذ الخاتم هدية مني إليك .
قلت : شكرا سيدي لو كان خاتم سليمان حقا ما تنازلت عنه بهذه السهولة .
ابتسم لي مرة أخرى ، لكنني ﻷول مرة أكتشف أن ابتسامته تنم عن مكر وخديعة وراحت الظنون تعبثُ برأسي وتيقنت بأن الرجل كاذب أو مجنون .
فقال لي :- لا عليك فأي خاتم أقتنيه يصبحُ ( خاتم سليمان ) بيدي .!
أنصرفت عنه بدون أن أستأذن منه وأنا أشعر بالندم ﻷني تحدثت معه . ليلة أمس كنت أتقلب في فراشي وأنا افكر بكلام الرجل : ماذا لو كان الرجل صادقا ؟. لماذا لم أتقبل هديته ﻷكتشف الحقيقة بدل سوء الظن الذي لازمني . وماذا سافعل لو أني أمتلكت خاتم سليمان حقا ؟!.
أدركني الصباح وأنا أحلم بالمارد والقمقم وتحقيق اﻷمنيات.
مع تنفس الصباح وانبلاج النهار خرجت أسأل جاري اﻷخر عن سر ذلك الرجل فقال لي : من تقصد الحاج سليمان ؟
يا الهي كم أنا سيء الظن وجاهل , نعم هو الحاج سليمان !
وخاتمه هو خاتم سليمان .
لقد شعرت بندم كبير لأني لم أأخذ الخاتم من ذلك الرجل الوقور ، اذ كان بوسعي من خلال الخاتم ان اصبح كاتباً مشهوراً ، أو وزيراً للمالية ، أو مقاولاً لا ترسو صفقات مشاريع المنطقة الخضراء الاّ على عروضه المزيفة ، وليس بعيداً ان يجعلني خاتم سليمان رئيس الوزراء في الحكومة بعد سنتين من الآن ، لكن السؤال الذي ظل يلازم خاطري .. هل ان هؤلاء الذين أصبحوا بمراتب عالية وبمناصب حكومية كبيرة وأصحاب جاه وأطيان كانوا يمتلكون خاتم سليمان ؟ أم ان احزابهم هي التي جعلتهم بهذا الرخاء .. ؟ وهذا يعني ان احزابهم تمتلك خاتم سليمان ؟