جْبَلَهْ وعقرب أريزونا – ثامر مراد
حاولتُ عشرات المرات ان اتجنب الكتابة عن حادثة – جبله – لأسباب نفسية شخصية ولكن لم استطع ذلك . الحادثة كانت ولازالت وستظل تحفر في تجاويف روحي الى اخر يوم في حياتي . ليس الموضوع متعلق بالقتل والجريمة المنطوية تحت القانون المزيف – او لنقل من استخدم القانون لتمرير غضب شخصي تجاه مخلوق اخر – لايهم من يكون ذلك المخلوق – قريب ام نسيب ام غريب . الشيء الوحيد الذي هزني هو تلك – الروح الحاقدة الخالية من ادنى مفهوم من مفاهيم الانسانية والرحمة بكل اشكالها – والا كيف يمكن تفسير قتل اطفال ليس لهم اي علاقة بكل مايحدث في هذا العالم ، او ماعلاقة النساء البائسات اللواتي سافرت ارواحهن الى عالم الموت لاسباب تتعلق باشياء اخرى وليس لهن ادنى مسؤولية لاي شيء يتعلق بتلك الجريمة البشعة. الحديث عن هذه الجريمة طويل ومتشعب وسمعت وقرأت وشاهدت الكثير عن تفاصيل تتعلق بالموضوع . الشيء الذي اجبرني على الانتفاض فجأة ومحاولة تناول الموضوع من زاوية اخرى هو تلك العلاقة التي نطلق عليها – الانسانية او الرحمة . حينما تنسلخ هذه الانسانية من المخلوق البشري يتحول عندها الى وحش في صورة انسان بكل ماتعنيه هذه العبارة من معنى . الانسان البشري المهاجم في حالة جريمة – جبله – تحول الى وحش يرتدي زي القانون لتنفيذ رغبة وحشية طغت عليه تماما. حينما اربط هذه الفاجعة بموضوع اخر – عثرت عليه بالصدفة في النت- يتعلق بشخص وزوجته قررا العيش في صحراء اريزونا بعيدا عن كل مايتعلق بالحضارة ومحاولة تجميع مياه الامطار بطريقة ذكية لخلق حياة صافية نقية بكل مفاهيم الانسان – يعثر ذلك الزوج على عقرب سامة اثناء حفر الارض ويحملها مع التراب في المسحاة وينظر اليها – ويقول يجب ان نكون حذيرين اثناء الحفر ولكن لا اعرف ماذا افعل بهذه العقرب ، هل اقتلها ام ابقيها تواصل حياتها؟ – وفي لحظة تعاطف انساني مع الطبيعة والحياة يذهب بها بعيدا عن موقع الحفر ويضعها على الارض ويمنحها فرصة جديدة للحياة. فعل هذا من منظور انساني بحت مع العلم لو ان تلك العقرب وصلت اليه – لسعته وصادرت حياته بسمها القاتل . لنفرض ان الرجل الضحية في قضية – جبله – مطلوب للقانون ورجل خطير جدا – اليسَ من الافضل محاصرة البيت حتى يخرج بنفسه ويسلم نفسه للقانون ، وبالتالي ستكون خسائرنا لاتذكر – بدلا من ذبح كل تلك المخلوقات البشرية بلا رحمة . اقسم بالله كلما تذكرت تلك الحادثة استمر بذرف الدموع حتى تجف اخر قطرة من تلك الدموع. الموقف بالنسبة لي يعادل كل حالات القتل التي سمعت عنها او شاهدتها. الحديث طويل والم الروح يكاد يخنق كل ماتبقى من معنويات الرجولة في زمن صار كل شيء فيه مخيف. لو كنت انا المسؤول عن القضاء في قضية – جبله – لأصدرت امرا باعدام كل من شارك في تلك المجزرة امام بيت تلك العائلة المفجوعة . ملاحظة عرضية – سمعتُ من احد الاشخاص ان الرجل المغدور قبل موته بلحظات اتصل باشقاءه او اقرباءه وقال لهم – خلصت عتاد راح نموت كلنا – وماتوا جميعاً كما قال . انا لله وانا اليه راجعون ……..سلاما لفقراء العراق.