جوهــر التطــور

جوهــر التطــور

 

 

الأعوام التي تلت الاحتلال الأمريكي للعراق عام (2003) عبرت عن انحراف تاريخي لما تمخص عنها من دمار وخراب ومأسي وفتن اجتماعية خلفتها بيئات طائفية وعنصرية وفئوية ساهم في اثارتها المحتل وأعوانه الذي جعل منهم (ملوك الطوائف المهزومين) الذين تحركهم الغرائز الشريرة المرتبطة بنسيجهم الفكري الناتج عن النظريات العنصرية والطائفية المتحجرة والتي لاتقبل جدلاً لكونها حصيلة منهج اقترن بعبادة الخطأ بوعي او دون وعي , وفي هذه الضروف الصعبة تكون المسؤولية في المواقع القيادية العليا اكثر اهمية وخطورة ليس على الشعب فقط وانما على المسؤول لأن الشعب يأتي بمن يتلمس فيه القدرة والكفاءة في السلطة ولم يتحمل بقائه في السلطة اذا ظهر انه لم يكن قادراً على ادارة البلاد والعبور بها من ظرفها (الخانق) الى اكثر تطور ونهوضاً عما كانت عليه .

 

ولقد حددت اليات العملية السياسية في العراق ذلك, واكدت على تداول السلطة بطرق سليمة وعبره قوانين النظام السياسي الديمقراطي (قانون نظام الأنتخابات) حيث يتم اختبار الأشخاص لموقع المسؤولية في البرلمان والحكومة , وكان لظاهرة الفساد الأداري المالي انعكاساتها السلبية والخطيرة على هذه الممارسة ومساراتها الديمقراطية وقد افرزت نتائج معاكسة لما يتطلع اليه المواطن أحياناً ولم تلب رغباته في عناصر كفوءة ووطنية وحريصة وقد تكررت هذه الحالة مع الوعيد بالمناهج التي لايأخذ منها شيء يفيد المواطن , واصبح الوطن وحياة المواطن حقل تجارب لهذه العناصر الفاشلة التي استغلت ضروف المواطن واتخذت منه سلماً لتحقيق اهدافها , فلقد اثبتت هذه العناصر الهزيلة عدم قدرتها على المسؤولية التي انتدبت لها من قبل الشعب وخيبت ظن المواطن الذي يتطلع للخلاص مما يعانيه .

 

اليوم وبعد ان ظهرت نتائج الأنتخابات البرلمانية وبدأ الحراك السياسي بين اطراف الكتل والأحزاب السياسية فالبعض يريد اعادة انتاج التجربة السابقة (الفاشلة) حكومة الشراكة والمحاصصات السياسية والطائفية والعرقية تحت عناوين وأقنعة مزيفة , والبعض الاخر يرد المظي قدماً بالتغير وتقديم النموذج الجديد الذي وعد به قبل الأنتخابات وهو اقامة حكومة الاغلبية ولكن صعوبات عديدة امام هذا المشروع ومريديه , ولكن ارادة الناخب قد اجمعت على المضي في هذا الطريق الذي هو طريق حكومة الاغلبية الوطنية العابرة للطوائف والاديان والقوميات حكومة تضع المواطنة والكفاءة مقياس للأختيار في الوظائف والمسؤوليات وتفتح الباب لمشاركة الجميع في بناء الوطن بدون تهميش أو ابعاد لأي طائفة او مكون , حكومة وطنية في ظل دولة الاتجاه الواحد وهذا ماهو معلن في مشروع حكومة الاغلبية الذي اعلن عنه المالكي وهو مندفع بهذا الاتجاه دون تشظيه في قراره او تبديد في جهوده فهو صامد مكتنز الاداء وواضح في ما يبغي وسيشكل الحكومة وفق هذه الرؤى والتي نتمنى ان تحقق امنيات الفقراء في الأرتقاء الى مرفئ التقدم والبناء والحفاظ على سيادة البلد واستقلاله بتعزيز وحدته الوطنية .

 

 

خالد محسن الروضـــان- بغداد

 

مشاركة