قيس الدباغ
تهطل حبات المطر من السماء وتذوب معها ذرات التراب وتتحلل إلى ايونات موجبة وسالبة وأخرى متعادلة كما اخبرونا في المدرسة، ولكنهم لم يقولوا لنا إن تلك ذرات المطر التي تمتزج بالتراب تصنع منها أجسادنا، وتدخل في صلب تكويننا الجيني وتمهر داخل كل خلية من خلايانا من العقل والقلب الى بقية أجزاء اجسادنا،
ولا نعلم كيف تتسلل وبأي طريقة إلى أرواحنا فنبقى نحن لترابنا الأولي مهما تشعبت بنا دروب الحياة، وهذه سيدة مسيحية استقرت بعد عناء سنين عجاف في استراليا، وحالها حال كل عراقي مغترب قلبه يرنو إلى وطنه الأم، ارسلت لي مبلغا من المال على بساطته وقالت أعلم بأن رمضان قدم اليكم ارجوا منك أن تسلم جزءا منه إلى عامل التنظيف في دائرتنا السابقة لأنه صاحب عائلة كبيرة ولازال يعمل بالأجر اليومي والباقي توزعه بمعرفتك على فقراء المسلمين.
للعلم فأنا قد فارقته منذ مايقارب 13 سنة، واشترطت أن لا يعلم مصدر المال، قلت لها مازحا: أخشى م ااخشاه أن ألقاك أمامي بالجنة، ضحكت وقالت جنة الله واسعه جدا وترحب بالجميع، لا أدري ما الذي حملها على هذا الفعل هل قربها من آلله أم حنينها للوطن الأم.
وبعد استذكار ومداولة أتضح لي يقينا أن كلاهما، واحد حب آلله والحنين إلى الوطن الأم، وطوبى لكل العارفين الواصلين إلى محجة العرفان البيضاء وسلاما لكل القلوب التي تنبض بحب الفقراء.
