جـــــيــــــــشــــــان أم جــــــــــيـــــــش واحــــــــــد ؟ – سامي الزبيدي
تمر هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوب كل العراقيين على اختلاف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم توارثوا الاحتفال بها جيلاً بعد جيل كما احتفلت بها كل الحكومات التي توالت حكم العراق سواءاً في العهد الملكي أو الجمهوري وحتى حكومات ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ألا وهي ذكرى تأسيس الجيش العراقي الباسل حيث تحل على العراقيين وعلى منتسبي جيشنا المقدام هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس جيش المآثر والبطولات , ورغم ان الاحتلال الأمريكي والأحزاب التي جاءت معه حاولوا بشتى الوسائل طمس تاريخ الجيش العراقي الأبي والإساءة إليه تحت مبررات غير صحيحة وغير منطقية ولأهداف خبيثة ومعروفة لكنهم لم يفلحوا بذلك لان تاريخ جيشنا الباسل وبطولاته المشهودة وسفره الخالد ومواقفه البطولية من قضايا العراق الوطنية وقضايا العرب القومية يشهد بها الأعداء قبل الأشقاء وهي محفورة في ذاكرة العراقيين والعرب و لا يمكن لأي جهة مها كانت ومهما عملت من نكرانها أو محوها واهم ما قام به الاحتلال والأحزاب التي جاءت معه والتي حاولوا من خلالها طمس تاريخ جيشنا الباسل والإساءة إليه هو القرار السيئ الصيت الذي أصدره الحاكم المدمي الأمريكي للعراق بعد الاحتلال بول بريمرالمتمثل بحل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية الأخرى والذي اعترف لاحقاً ان هذا القرار كان بضغط من الأحزاب التي جاءت مع الاحتلال وأبرزها الأحزاب الشيعية والكردية وبدعم من بعض رجال الدين المتنفذين فكان هذا القرار طعنة في قلب جيشنا الباسل تضاف الى الطعنات التي تلقاها أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت به خلال الغزو وما رافق ذلك من تدمير لكل المعسكرات والمشاءات العسكرية والمصانع الحربية وتدمير أغلب أسلحة الجيش وآلياته ومعداته ورافق صدور قرار حل الجيش عمليات اغتيالات منظمة قامت بها ميليشيات الأحزاب التي جاءت مع الاحتلال طالت منتسبي الجيش الذي تم حله أسفرت عن اغتيال المئات من القادة والأمرين والضباط والمراتب مما دفع أعداد كبيرة منهم للهجرة خارج العراق , وإمعاناً في المضي في سياسة الإساءة للجيش العراقي فقد عمدوا الى تشكيل جيش جديد لم يتم بنائه وفق أسس عسكرية مهنية صحيحة وأسس وطنية بل تم بنائه وفق أسس لم يعرفها الجيش العراقي سابقا وهي أسس الولاءات القومية والحزبية والمناطقية وجيشاً هذه أسسه فان بنائه سيكون هشاً آيل للسقوط بكل تأكيد ولتأكيد هذا البناء الخاطئ فقد أصدرت سلطة الاحتلال قراراً ثانياً أساء للجيش وللقوانين والأنظمة والسياقات العسكرية وللضبط العسكري العمود الفقري لكل جيش واثر بشكل كبير على مهنيته وحياديته وقدراته ألا وهو قرار دمج الميليشيات الحزبية والطائفية في هذا الجيش وبموجب هذا القرار منحت الرتب العسكرية المختلفة وحتى العالية منها لأعضاء الأحزاب والميليشيات المسلحة للأحزاب الذين لم يحصلوا على أية شهادة دراسية مدنية أو عسكرية وبعضهم أمي لا يقرا ولا يكتب كما تم منح الضباط الذين انهزموا الى إيران تخاذلاً وجبناً خلال الحرب الإيرانية العراقية ثمانينات القرن الماضي وكانوا برتب صغيرة ملازم أول ونقيب رتب فريق وفريق أول دون تدرج عسكري مهني وأعطيت لهم مناصب قيادية عليا في الجيش الجديد كما تم الاستعانة في هذا الجيش ببعض ضباط الجيش السابق المطرودين من الخدمة لعدم الكفاءة أو لقضايا فساد وقضايا أخرى مخلة بالشرف العسكري أتحفظ على ذكرها فكان هذا الجيش يحمل كفنه بين يديه وفي أو اختبار حقيقي له سقط سقوطا مدوياً عندما انهزم أمام مئات من الدواعش التي هاجمت نينوى وصلاح الدين والانبار وترك أسلحته وآلياته ومعداته وتجهيزاته الكبيرة للدواعش وهذه الأسلحة والمعدات كانت تكفي لتسليح جيش كامل وقد قدرت أثمانها بمئات المليارات من الدولارات , وعندما عزمت حكومة العبادي على تحرير محافظات العراق التي استولى عليها تنظيم داعش استعانت بعدد من ضباط الجيش السابق المهنيين والأكفاء وأسندت إليهم مهمة تدريب وإعداد قيادات وتشكيلات ووحدات الجيش بعد ان أزاحت القيادات الفاشلة والمتخاذلة المسيئة فكانت معارك التحرير التي عكست وجه الجيش العراقي المعروف , وكانت الأحزاب التي تسلطت على رقاب العراقيين وعلى مقاليد الأمور في البلاد قد حرمت منتسبي الجيش الذي تم حله وأسموه الجيش السابق من كل حقوقهم وحتى من رواتبهم ومخصصاتهم وحجزوا على دورهم وأملاكهم ومنعوهم من التصرف بها ومنعوهم من العمل في الجيش الجديد إلا لأعداد ورتب محدودة لحاجتهم الماسة لهم كما استعانوا ببعض ضباط الجيش السابق من ذوي الرتب العالية ممن أعلنوا انضمامهم للأحزاب المتسلطة أو ممن لهم علاقات قربى وعلاقات طائفة من بعض السياسيين المتنفذين حيث تم تزكيتهم للعمل كقادة فرق وآمرين وقادة عمليات ومدراء للصنوف في الجيش الجديد كما منعت أحزاب السلطة أغلب ضباط ومنتسبي الجيش السابق من حقوقهم التقاعدية رغم أنهم أحيلوا على التقاعد رغما عنهم وبقرار حكومي مسيس عام 2005 وصرفت لأعداد محدودة منهم رواتب تقاعدية بائسة لا تتناسب ورتبهم وخدمتهم وكان راتب العميد واللواء في الجيش السابق لا يعادل راتب ملازم أول أو نقيب في الجيش الجديد , وبعد الضغوط الشعبية وضغوط بعض السياسيين الوطنيين تم إصدار قانون جديد للخدمة والتقاعد العسكري عام 2010 والذي ادعى قادة أحزاب السلطة أنهم قد ساووا في هذا القانون بين منتسبي الجيش السابق والحالي في الحقوق لكن هذا كان مجرد ادعاء حيث بقيت الفوارق كبيرة في الرواتب التقاعدية وفي مكافئة نهاية الخدمة التي لم تصرف لمنتسبي الجيش السابق الذين أحيلوا على التقاعد عام 2005 إلا في عام 2019 وصرفت لهم على الراتب الاسمي لعام 2005 ولم تصرف على الراتب الكلي كما ينص قانون الخدمة والتقاعد العسكري في مؤامرة قذرة نفذها رئيس هيئة التقاعد السابق المدعو احمد الساعدي بدفع وتوجيه من بعض قادة الأحزاب المتنفذة بحيث استلم ضباط ومراتب الجيش السابق ربع ما استلمه أقرانهم في الجيش الحالي من مكافئة نهاية الخدمة في مخالفة صريحة لقانون التقاعد والى اليوم لم تصرف لضباط ومراتب الجيش السابق مبالغ الإجازات المتراكمة رغم المطالبات والمناشدات العديدة وهي حق آخر من حقوقهم التقاعدية المسلوبة في حين يتم تسليمها لمنتسبي الجيش الحالي عند إحالتهم على التقاعد مباشرة والانكى من ذلك تم تسليم بعض أعضاء الأحزاب المتنفذة والميليشيات رواتب تقاعدية ومكافئة نهاية الخدمة و من صندوق تقاعد منتسبي الجيش السابق وهم لم يخدموا يوما واحدا في الجيش وليس لهم ضمانات تقاعدية في صندوق التقاعد .
جيش سابق
واستمرت أحزاب السلطة وقادتها في التضييق على منتسبي الجيش السابق كما يسمونهم وما زالوا يضيقون عليهم وينعتونهم بأنهم جيش صدام والجيوش لا تسمى برؤساء الدول مهما كانت سلطة وقوة وطغيان هؤلاء الرؤساء فالجيش الأمريكي الغازي الذي عزى العراق دون أية موافقات من المنظمات الدولية وفي تحدي صارخ للقانون الدولي وللمجتمع الدولي ولإرادة حتى الشعب الأمريكي كان يطلق عليه الجيش الأمريكي وليس جيش بوش وهو جيش غازي ومعتدي قام بجرائم حرب لم يشهد لها التاريخ مثيلا والأمر نفسه يقال على الجيش الانكليزي الذي كان المشارك الأكبر والظهير القوي للجيش الأمريكي في جريمة الغزو لم يقولوا انه جيش توني بلير والحال نفسه يقال على الجيش السعودي والمصري وغيرهم من جيوش الدول التي شاركت في الغزو والعدوان على العراق فالجيوش تأتمر بإمرة النظام السياسي للبلد وتنفذ أوامره مهما كان هذا النظام فهل يقال على الجيش الذي قتل الأبرياء في واقعة الزركة في النجف وقتل معتصمي الحويجة والرمادي وغيرها من مدن العراق والذي انهزم أمام مئات من الدواعش في نينوى بأنه جيش المالكي هذه معايير السياسيين الطائفيين الحاقدين وذوي النزعات الانتقامية والثارات .
محاولات سياسية
ومع كل الذي حصل ورغم محاولات الساسة الفاشلين والفاسدين والطائفيين للتفريق بين الجيش العراقي الحالي والجيش السابق فإنهم سيفشلون بل وفشلوا في مساعيهم الطائفية الانتقامية وسيبقى للعراق جيش واحد هو امتداد لجيشنا العريق وأمجاده الخالدة وسياقات الرصينة وضبطه العالي والدليل على ذلك ان كل القادة الذين شاركوا في معارك التحرير ضد داعش هم من ضباط الجيش السابق واسألوا رئيس جهاز مكافحة الإرهاب السابق وقائد العمليات المشتركة الفريق الأول الركن طالب شغاتي وهو احد ضباط الدفاع الجوي المتميزين في الجيش السابق وكذلك الفريق الركن عبد الغني الاسدي وهو احد قادة الفرق في الجيش السابق والفريق الأول الركن عبد الوهاب الساعدي وكل قادة وآمري جهاز مكافحة الإرهاب هم من ضباط الجيش السابق وكل رؤساء أركان الجيش ومعاونو رئيس الأركان وقادة العمليات وقادة الفرق وقادة الأسلحة (القوة الجوية والبحرية وطيران الجيش ) السابقين واللاحقين وكل آمري الألوية وآمري الوحدات كلهم من ضباط الجيش السابق وكل مدراء الصنوف والخدمات ومدراء مديرية الاستخبارات العسكرية وآمري المدارس وعمداء الكليات العسكرية وكلية الأركان وكلية الحرب كلهم من ضباط جيشنا الباسل وكل وزراء الدفاع وآخرهم الوزير الحالي كلهم من ضباط جيشنا الباسل ولا أقول السابق والحال نفسه يقال على المراتب خصوصا المهنيين والفنيين في القوة الجوية وطيران الجيش وفي صنوف المدفعية والهندسة والدفاع الجوي والدروع والصبابة والتموين والنقل وغيرها من صنوف الجيش هم من مراتب الجيش السابق فتحية إكبار وإجلال لجيشنا الغيور المقدام في عيده الماسي الأغر والرحمة والخلود لكل شهداء هذا الجيش الذين رووا بدمائهم الزكية أرض العراق وأراضي دول عربية أخرى دفاعاً عن الأرض والشرف والقيم والمبادئ ولكل شهداء العراق خصوصاً شهداء انتفاضة تشرين الإبطال في هذه المناسبة العزيزة على قلوب كل العراقيين لكنها ليست كذلك بالنسبة للخونة والمتخاذلين والعملاء , وفي هذه المناسبة أوجه دعوتي الى القائد العام للقوات المسلحة والى ووزير الدفاع بإصدار الأوامر بمنع التداول بتسمية ضباط ومراتب الجيش الذين خدموا بلدهم وجيشهم خدمة وطنية صادقة وضحوا بالغالي والنفيس من اجل وطنهم وشعبهم وجيشهم بمنتسبي الجيش السابق وإعادة كل حقوقهم ومساواتهم مع أقرانهم الموجودين حاليا في الخدمة فجيشنا منذ تأسيسه والى أيامنا هذه هو جيش العراق الواحد الموحد الذي ضم بين وحداته وتشكيلاته وصنوفه كل قوميات واديان ومذاهب وطوائف الشعب العراقي ففي الحظيرة الواحدة المكونة من عشرة جنود تجد ابن الموصل مع ابن العمارة والبصرة والرمادي وديالى واربيل وكركوك والناصرية والنجف وكربلاء وما موجود في الحظيرة تجده في الفصيل والفوج واللواء وتجد من بين ضباط ومراتب الفوج الواحد واللواء الواحد العربي والكردي والايزيدي والشبكي والمسيحي والصابئي يأكلون من إناء واحد وينامون في قاعة واحدة ويتدربون في ساحة واحدة فجيشنا جيش واحد أيها الساسة الذين فرقتم الشعب الى مكونات هذا عربي وهذا كردي وهذا شيعي وهذا سني وتريدون تفريق جيشنا الباسل الى جيش حالي وجيش سابق تنفيذا لأجندات خارجية وتحقيقا لأهداف طائفية وحزبية ضيفة لا تخدم العراق وشعبه إنما تخدم أعداء العراق و بعض الدول الإقليمية وحتى العربية للأسف التي لا تريد للعرق خيرا وتريد تفريق شعبه ونهب أمواله وثرواته وتدمير قواته المسلـــــــحة وإبقائه ضعيفاً مفككاً تنهش به كل دول الجوار وغيرها وأخيراً نقول لأعداء العراق وللخونة والعملاء ان جيــــــشنا الذي وضعت أول لبنات بنائه عام 1921 هو جـيش واحد لعراق واحد وسيبقى كــــــذلك مهما تآمــــــرت وفعلتم .