جائزة نوبل لعام 2022 – غزاي درع الطائي
تتجه أنظار العالم أوائل شهر تشرين الأول من كل عام إلى السويد والنرويج، ففي هذا الوقت يبدأ أسبوع منح جوائز نوبل السنوية، وقد بدأ أسبوع الإعلان عن جوائز نوبل هذا العام، يوم الإثنين الثالث من الشهر الجاري، وانتهى يوم الإثنين العاشر منه، وتعد جائزة نوبل الجائزة الأهم في العالم، اذ تحتل الرقم واحد من بين عشرات بل مئات الجوائز العالمية السنوية، وتمنح هذه الجائزة ذات المرموقية الأعلى مؤسسات سويدية ونرويجية تقديراً للإنجازات الأكاديمية والثقافية والعلمية للأفراد والمنظمات من مختلف دول العالم، وتعود جائزة نوبل لمانحها ألفرد نوبل (21 أكتوبر/ تشرين الأول 1833م ــ 10 ديسمبر/ كانون الأول 1896م)، وهو مهندس وكيميائي سويدي، اخترع الديناميت عام 1867م، وأوصى بمعظم ثروته التي جناها من الإختراع إلى جائزة نوبل التي سُميت بإسمه، فقد كرس الجزء الأكبر من شركته لتأسيس جوائز نوبل التي تمنح سنويا دون تمييز لجنسية الفائز، وتُمنح جائزة نوبل سنويا للأفراد والمنظمات التي تحقق إسهامات بارزة ومؤثرة في العالم في ست مجالات هي: الفيزياء والكيمياء والآداب والسلام والفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) أو الطب والإقتصاد، وقد بدأ منح جوائز بوبل في المجالات الخمس الأولى عام 1901م، أما جائزة نوبل للعلوم الإقتصادية فقد أنشئت عام 1968م، ومنحت أول مرة عام 1969م، لمناسبة مرور ثلاثة قرون على تأسيس البنك المركزي السويدي، ولا توجد جائزة نوبل للرياضيات، علما أن الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم قد قررت عدم استحداث أي جائزة بعد استحداث جائزة نوبل للإقتصاد، وتتولى الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جوائز نوبل في مجالات الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، وتتولى الأكاديمية السويدية منح جائزة نوبل للآداب، فيما يمنح معهد كارولنسكا جائزة نوبل للفسيولوجيا أو الطب، أما جائزة نوبل للسلام فتمنحها اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، وتقام احتفالات توزيع الجوائز سنويًا في العاصمة السويدية ستوكهولم، باستثناء حفل جائزة نوبل للسلام، الذي يقام في العاصمة النرويجية أوسلو، وذلك في العاشر من ديسمبر/ كانون الاول من كل عام، وهو اليوم الذي توفي فيه ألفريد نوبل، ويُمنح الفائز فضلا عن الجائزة النقدية ميدالية ذهبية وشهادة، وتبلغ قيمة الجائزة النقدية عشرة ملايين كرونة سويدية (ما يقرب من 900 ألف دولار)، ومن تقاليد جائزة نوبل أنها تُمنح للأحياء دون الأموات، ويمكن أن تُمنح لأكثر من شخص على أن لا يتعدى عدد الأشخاص الذين يتقاسمون الجائزة الثلاثة، ولقد مُنحت جوائز نوبل لعام 2022م على الوجه الآتي:
وظائف الاعضاء
- جائزة نوبل للفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) أو الطب: أعلن معهد كارولينسكا في ستوكهولم، في الثالث من تشرين الأول الجاري، منح جائزة نوبل في الطب هذا العام للسويدي سفانتي بابو(Svante Pääbo)? الباحث في مدينة لايبزيغ الألمانية، عن النتائج التي توصل إليها حول التطو البشري، وقد وُلد بابو في ستوكهولم عام 1955م، ويعمل في معهد (ماكس بلانك) للأنثروبولوجيا التطورية في مدينة لايبزيغ الألمانية منذ 1999م، وبابو هو مدير وعضو علمي في معهد (ماكس بلانك) الألماني للأنثروبولوجيا التطورية، ويُعد أول باحث يقوم بوضع تسلسل لجينوم الإنسان البدائي. وجاء في قرار منحه الجائزة: (من خلال الكشف عن الاختلافات الجينية التي تميز جميع البشر الأحياء عن أشباه البشر المنقرضة، فإن اكتشافاته توفر الأساس لاستكشاف ما يجعلنا بشراً متفردين).
2 . جائزة نوبل للفيزياء: أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في ستوكهولم، في الرابع من تشرين الأول الجاري، منح جائزة نوبل في الفيزياء إلى الفرنسي ألان أسبيكت (Alain Aspect) والأمريكي جون كلاوسر (John Clauser) والنمساوي أنتون تسايلينغر (Anton Zeilinger)? لأبحاثهم في مجال فيزياء الكم، وقالت لجنة نوبل إن الباحثين الثلاثة كوفئوا من أجل أعمالهم الرائدة على صعيد (التشابك الكمي)، وهي آلية يكون فيها جزيئان كميان مترابطين بصورة كاملة، أياً كانت المسافة الفاصلة بينهما، وشكَّلت هذه الآلية ثورة في مجال علم المعلومات الكمية مهدت الطريق لتكنولوجيات جديدة.
3 . نوبل للكيمياء: أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، في الخامس من تشرين الأول الجاري، فوز الأميركية كارولين بيرتوتزي (Carolyn Bertozzi) والأميركي كي. باري شاربلس (K. Barry Sharpless) والدنماركي مورتن ميلدال (Morten Meldal) بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2022م، تقديرا لاكتشافهم تفاعلات تسمح للبنات البناء الجزيئي بالترابط معا لإنتاج مركبات جديدة مطلوبة، ولجهودهم في (تطوير كيمياء النقر والكيمياء المتعامدة الحيوية)، وقالت الهيئة المانحة للجائزة في بيان منح الجائة: إن التقنيات المعروفة باسم الكيمياء النقرية والكيمياء الحيوية المتعامدة تُستخدم الآن على مستوى العالم لاستكشاف الخلايا وتتبع العمليات البيولوجية، وسبق لـ (كي. باري شاربلس) بالفوز بالجائزة نفسها عام 2001م.
4 . جائزة نوبل للأدب: أعلنت الأكاديمية السويدية في السادس من تشرين الأول الجاري، منح جائزة نوبل للآداب لهذا العام إلى الكاتبة الروائية الفرنسية آني إرنو (Annie Ernaux) وعللت لجنة نوبل اختيارها إرنو البالغة من العمر 82 عاماً لما أظهرته من شجاعة وبراعة في اكتشاف الجذور والبُعد والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية، وتدرس إرنو في متاباتها باستمرار ومن زوايا مختلفة حياة تتميز بتباينات قوية، فيما يتعلق بالجنس واللغة والطبقة، ولقد كان طريقها إلى التأليف طويلًا وشاقًا.
5 . جائزة نوبل للسلام: مُنحت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام، في السابع من أيلول الجاري، جائزة نوبل للسلام لهذا العام لناشط مدافع عن حقوق الإنسان أليس بيالياتسكي (Ales Bialiatski) من بيلاروسيا، ولمنظمتين غير حكوميتين إحداهما روسية والأخرى أوكرانية، وهما: منظمة حقوق الإنسان الروسية (ميموريال)، ومنظمة حقوق الإنسان الأوكرانية (مركز الحريات المدنية).
6 . جائزة نوبل للإقتصاد: أعلنت الأكاديمية السويدية في العاشر من تشرين الأول الجاري، منح جائزة نوبل للإقتصاد إلى ـثلاثة اقتصاديين أمريكيين، هم: بن برناركي (Ben S. Bernanke) ودوغلاس دايموند (Ben S. Bernanke) وفيليب ديبفيغ (Philip H. Dybvig)? عن أبحاثهم عن البنوك والأزمات المالية العالمية، وجاء في قرار منح الجائزة: (لقد عززت أفكار الفائزين بالجائزة من قدرتنا على تجنب الأزمات الخطيرة وعمليات الإنقاذ الباهظة)، وأن (من النتائج المهمة في أبحاثهم سبب أهمية تجنب انهيار البنوك)، و(إن أبحاث الفائزين ذات أهمية عملية كبيرة في تنظيم الأسواق المالية والتعامل مع الأزمات المالية)، وتُعرف هذه الجائزة رسمياً باسم جائزة البنك المركزي السويدي في العلوم الاقتصادية.
ولو أجرينا مراجعة لما تقدم، لوجدنا أن عدد الفائزين بجائزة نوبل لعام 2022م قد بلغ (12) فائزا، بينهم امرأتان (أمريكية وفرنسية)، ومنظمتان عالميتان غير حكوميتين لحقوق الإنسان، إحداهما روسية والأخرى أوكرانية، وكانت الدول التي حصلت على جوائز نوبل لهذا العام، هي: أمريكا (ست جوائز)، فرنسا (جائزتان)، وجائزة واحدة لكل من : السويد، الدنمارك، بيلاروسيا، والنمسا، ومن المؤسف له أن لا يكون العرب من الحائزين على جائزة نوبل، وكما هو واضح فإن الحرب الروسية الأوكرانية التي اشتعلت في الرابع والعشرين من شباط الماضي، كان لها تأثيرها المباشر على منح جائزة نوبل للسلام لهذا العام، ومن الأماني المتجددة لنا كل عام بوصفنا عربا هو نيل جائزة نوبل، ليس في مجال الآداب وحسب بل وفي مجالات الجائزة الخمسة الأخرى، والذي يدقق في أمر الفائزين يرى أن لأمريكا وأوربا الحظوة الكبرى هذا العام وكل عام، ونحن لا نتمنى الحصول على جائزة نوبل (تشريفا وإكراما)، بل نظير إبداعات ونشاطات علمية وأدبية واقتصادية وسياسية فاعلة.وكل عام والأنظار متجهة نحو جائزة نوبل في مثل هذه الأيان، بغض النظر عن مختلف الأقوال، سلبا أو ايجابا، التي تتعرض لها هذه الجائزة ذات الأهمية الأكبر في العالم.