جئنا لنبقى

فاتح عبدالسلام
ماالمشروع الوطني المختلف الذي لم يعرفه العراقيون طوال أحد عشر خريفاً وستجيء به نتائج الإنتخابات العراقية التي لم تعلن بعد لكن الجميع بات يعرف كيف توزعت الأصوات طوعاً وكرهاً؟
ماالمشروع الذي قاله أحدهم ويستطيع الإيفاء به في حل المشكلات الكبرى التي يعني الفشل فيها ضياع ثروات البلاد وركوب موجة دماء جديدة والتنازع بين اقليم كردستان والحكومة المركزية؟
ثمة قيل وقال في فيض الشعارات التي لم يكن أحد يصغي لها أو ربما يدرك معناها لأنها تتحدث عن وجود سكاني وجغرافي ونفسي واقتصادي وإداري يخص الدانمارك والسويد وبلجيكا وبدرجة أقل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وليس الشطرة وتلعفر وطويريج والكفل والضلوعية وأبو غريب والمجر الكبير.
هناك مَن يقول لماذا يتم استباق الأوضاع وأن ما سيحصل بعد اعلان النتائج سيأتي بالخير الذي يعني الإستقرار وحقن الدماء على نحو خاص قبل التنمية والتخطيط لتحويل بغداد الى عاصمة من دون حواجز كونكريتية وليس عاصمة بقامة مدن مستحدثة بعمر أحياء بنيت في الستينيات والسبعينيات في بغداد.
الآن الصراع على تشكيل الحكومة التي هي سلطة حكم وليس حكومة اجرائية تشكل عادة بعد الانتخابات النيابية في دول العالم. يبدو أنّ العراق لايزال في انتظار حكومة من نوع جئنا لنبقى، بالخاكي أو بالعمامة بالشروال أو بالعقال بالدشداشة أو بربطة العنق، جئنا لنبقى، ذلك شعار البعثيين الذي رفعوه عام سبعين من القرن الماضي وعلسته سرفات الدبابات الأمريكية وأقدام العراقيين الذين حلموا بالتغيير المنتظر طويلاً قبل صدمتهم.
سيشكلون الحكومة بعد ستة أشهر أو ثلاثة من النتائج أو لنقل سنة، أيوجد أهمية للوقت في العراق الذي لا توجد فيه أهمية للدماء الغزيرة التي تسيل ونصفها من سوء تدبير الحكم وانسياق السياسيين وراء قوى الخارج المتحكمة في العراق حتى اللحظة، وكل ما يقال لنفي ذلك هو كلام المتهمين المدافعين عن أنفسهم من خلال أدوات الجريمة ذاتها.
من يريد أن يتفاءل عليه أن يعي معنى التفاؤل قبل أن يمارسه. لأنَّ التفاؤل وسط الدماء نوع من الاشتراك في الجريمة.

رئيس التحرير 

لندن