ثورات تلد أخري
سعد عباس
بعد عام علي ربيع الثورات العربية، ثمة رؤيتان تتشابكان، الأولي تتلخص في أنّ الأمة “شربت مقلب عمرها” يوم توهّمت أن هذه ثورات حقاً وليست محض مؤامرات خارجية لتنفيذ مخطط تقسيم جديد أخطر من سايكس بيكو، فيما تتلخص الثانية في أنّ الثوار “الشباب” أوقعتهم براءتهم في كمائن نصبها لهم محترفو الاستبداد والفساد والسمسرة والإتجار بالدين والوطنية.
خلّونا من اللحظة الراهنة، وتعالوا نستشرف الغد تأسيساً علي هاتين الرؤيتين، بغضّ النظر عن أيها أقرب لما نؤمن به أو نميل اليه.
ألا تنطوي الرؤية الأولي علي إشارة مهمة مفادها أنّ الأمة تنتظر ثورتها؟، ثم ألا تنطوي الرؤية الثانية علي إشارة مفادها أن الأمة تسعي الي استكمالها؟.
لكنّ الحكمة تقتضي عدم التغافل عن رؤية ثالثة يتبناها معارضو الثورات، أكانوا حكاماً ودوائر حكم أم كانوا أوساطاً من الجمهور تأقلمت مع الاستبداد وكيّفت معيشتها معه وليس في واردها الانتقال الي فضاء جديد لا تعرف ما الذي يخفيه لها، ولسان حالها يقول »عصفور في اليد خير من عشرة علي الشجرة«، حتي لو كان الذي في اليد قيداً وذلّ وكان الذي علي الشجرة حرية وكرامة.
من ها هنا، تبدو صورة الغد أكثر ثورية مما كانت عليه في العام الأول للربيع العربي، ليس في بلدان تنتظر الثورة، فحسب، بل في بلدان تسعي الي استكمالها ،، أيضاً،، ذلك أن الأخيرة علي موعد مع ثورات جديدة سيقوم بها شبابها علي سرّاق الربيع وعلي رافضي التغيير في آن معاً.
ثمة دوماً كتلة حرجة، بكلمتها تنطلق الثورة لتحقيق التغيير، وبصمتها تنفتح الأبواب لاستبداد جديد يغتال الثورة، فلا يجد الشباب بداً من الثورة مجدداً.
في مقدور مّنْ قرأ منا عن ثورة الطلبة في فرنسا عام 1968، استساغة فكرة تناسل الثورات، من جهة، واستشراف صورة الغد العربي، من جهة أخري.
**
سؤال بريء:
ــ ما أبلغ من قول هيراقلطيس »الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير المستمر«؟.
جواب جريء:
ــ قوله »لا تستطيع وضع رجلك في ماء النهر نفسه مرتين، لأن الماء يتغير مثلما تتغير أنت«.
/2/2012 Issue 4127 – Date 20- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4127 – التاريخ 20/2/2012
AZP02
SAAB