ثرثرة

ثرثرة محفوظ داود سلمان قيثارتي ضاعت وقد هربت بعيداً في طريق… كانت تثرثر عن شفاه حبيبتي وتقول : أنهما جرارٌ من عقيق… قيثارتي كانت وراء النخل ، تكمن في دروب الريح ، تغزل نسجها ضوءاً من القمر العتيق… كانت تقول لديكِ بعضٌ من جرار الطيب ، عطر الطلْع أكمامٌ تفتقُ عن رحيق … وتقول عن نهديك : أنهما سلالٌ من عبير كانت تثرثر عن حكايا أو مواسم من قطافٍ في قميص من حرير … قيثارتي تنأى وراء السهل تعبث في الكروم وتنشر الأخبار : أن جدائلاً منشورةً كانت تغّطي كاحليكِ على سرير … قيثارتي جنّتْ بأشرعة الرياح وغادرتْ عبر البحار… وتقول عن عينيك :لؤلؤتان ضمّهما صهيل الموج ـ ليس له قرار … كانت تشِيع بكل أمسيةٍ بأنكِ تقضمين الضوء من قعر المرايا ـ كان نزف العري وحشياً ـ تنمُّ عليهِ لوحات الجدار … قيثارتي كانت تثرثر : أن أقماراً تجيء هناكَ عاريةً وتكمن في نوافذكِ الكثار… قيثارتي ذهبت بعيداً تقرأ الابعاد تجتر الحدُاء… كانت مشافرها مجّرحةً تحدّث عن عيون الريم واسعةٌ سماء البيد ، تأرق في مجاثمها الظباء… كانت تثرثر في العرائش أن في ساقيك: ساقيتين من نغمٍ وغاردينيا تكســِّرها حقول القمح ، كنت تطّوقين بها جبينكِ والمساء… كانت تثرثر عن طفولتكِ ـ البراءةِ والتوهجِ هل عَرفتِ أنين ساقيةٍ تصلصل و الدلاء… وخبرتِ أناتِ الرحى ، والفقرَ ممتداً كموسيقى تساقط من ثقوب الناي ، أو قصب الغناء … ورجوتها أن لا تحدّث شاهداً ، فهنالك أكتنزت شفاه حبيبتي بالتوت ، كان النحل أودع في عيون حبيبتي عسلاً ، وشقَّ الناهدان رداءَها عن : حلمتين وكبرياء… ورجوتها أنْ لا تحدّث عابراً ان المعابر والقناطر في المساء تقطعتْ وحبيبتي نامت ونام على السياج مسهداً عندي المساء … كانت تشيع بان عصفورين كانا ينقران التوت فرّا هاربين الى فضاء … وعلى رواية عاشقٍ من بعض قريتنا : بأنكِ أنت مزّقت القميص فهاجرا مترافقين الى سماء : كانت تلملم من خيوط الأفق بعض الغيم تستر ماتبّقى من رؤاكِ تجيء اسراب اليمام تغفو على شفتيكِ تبحث عن طعام حيث المواسم غادرتْ ، والتوت جف وكانت الأمطار تهطل في حديث الناس يبتلُّ الكلام … وتقول عن زيت القناديل العتيقة ، كان ليل الحب يأكلها فتعرى في الشبابيك الزهور… أو يسقط اللبلاب مجروحاً ، ويدْمى ريشها في الليل أسراب الطيور … وتحّرض الفقراء أن يضعوا على شفتيكِ بعض الجمر من نار الشتاء … او يزرعوا الجوريَّ أحمرَ والزنابق من دماء… وتنث موسيقى من التانغو ، وأحياناً من الجاز القديم ، تكسّر الاضواء تسهر في زوايا حانةٍ عبر الطريق كانت تنشّر بعض أخبارٍ هناكَ ، تضيع في الفجر العميق … أو تأرث النار الشفيفة والاسى ، والكبْر يوقد من حريق … علمتها ان لا تثرثر في طريق العابرين… وضممتُ في شفتيَّ بالكرز الملوّن ثغرها الدامي الحزين