توقيع: أصدقاء سوريا أمام خياري الحوار أو الحرب

توقيع: أصدقاء سوريا أمام خياري الحوار أو الحرب
فاتح عبدالسلام
ونحن على بعد أيام قليلة وربما ساعات من عقد مؤتمر “أصدقاء سوريا” في تونس نري القائمين عليه لا يزال يدفعون إلي الواجهة بثلاث رؤي تحت دعوة نبيلة واحدة هي “وقف القتل”. إنَّهم يدعمون رؤية التغيير في سوريا من خلال النموذج اليمني، ويرفضون أنْ يكون هناك سيناريو عراقي يهدد مستقبل سوريا ووحدتها “طبعاً سمعة ما يجري في العراق معروفة.. ومشبوهة أيضاً”. وخلف هذين الرأيين، توجد فكرة تبحث لها عن آليات وطرق للتصريف والتصرف ربّما مستحيلة مفادها إرسال قوة أممية عربية مشتركة لوقف العنف في سوريا.
لا تزال الآراء تقال في إطار خارجي، فهي إمّا تقال من دول عربية علي محور دمشق أو علي خلافه، تنبّه إلي مخاطر التقسيم وسيناريو الاحتلال الامريكي للعراق والحرب الأهلية التي جرت تحت ظلّه العالي. وإمّا أن تكون آراء قيادات المعارضة السورية وأغلبها في الخارج أيضاً.
بيدَ إنّ المأزق الحقيقي هو في إعادة تعريف المشكلة العظمي في سوريا اليوم على نحو مستقل ومحايد عبر السؤال الآتي: هل وصلت الأمور إلي نقطة اللاعودة نهائياً؟ أي هل وصل الوضع الي نقطة تمنع الحوار مع نظام سياسي لا يزال يسيطر علي الحكم بالمعني الأمني والسياسي والعسكري والمؤسساتي؟ وارتباطاً بذلك، هل وصل عدد القتلي إلي الحدّ الذي لا يمكن إعادة بحث المشلكة علي وفق معطيات »وطنية داخلية« برغم من الدماء الزكية التي لا أحد يستطيع إخفاءها تحت شعارات جريانها من شرايين إرهابية؟
عندما يلتقي أصدقاء سوريا، سيواجهون تلك الأسئلة حتماً وعليهم أن يجدوا لها إجابات أو تعريفات واضحة. حيث إنَّ إقرار أنَّ لا حوار مع النظام والدفع باتجاه السلاح والتسليح للقتال ضده في المناطق الساخنة وغير الساخنة في سوريا، يعني إعلان حرب من أية جهة تتبني ذلك. وهو أمر لا بدّ من ايجاد استحقاقاته الحقيقية ولا يجوز توريط قطاعات غاضبة في الشعب السوري بخيار كارثي غير جاهزين له، ويكونون قد دُفعوا إليه عبر خطب أو مؤتمرات أو وجهات نظر لن يتعامل النظام في دمشق برحمة معها ومن ثم تزيد من سفك الدماء من الجانب الذي لا يزال شعاره »سلمية.. سلمية«.
إنَّ أصدقاء سوريا أمام مسؤولية تاريخية، فربّما كانت قراراتهم أخطر من قرار لم ير النور في مجلس الأمن أو قرارات تتخبط ذات اليمين وذات الشمال في الجامعة العربية.
المسألة، هي الإجابة الشافية إن كان خيار الحوار لا يزال قائماً حتي لو كان كسيحاً.. أو إنّ خيار الحرب هو البديل بالرغم من إنّه في تفاصيله وهمي وحماسي وخطابي. ولعلّ تركيا وإسرائيل يعرفان ذلك قبل سواهما.
قضية الحرية للشعب السوري استحقاق تاريخي، وإنّما يجري عن سوء تدبير أو من غير قصد تدجينها أو سحقها أو تضييعها.
/2/2012 Issue 4128 – Date 21- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4128 – التاريخ 21/2/2012
FASL