توطيد الموضوعية وقوة الإستقطاب – عادل سعد

كاظم هاشم نعمة

توطيد الموضوعية وقوة الإستقطاب – عادل سعد

ما الذي يجعل قناة 24 الفرنسية ذات البث الفضائي بالنسخة العربية الذي يغطي كل قارات العالم تعيد بث مقابلة سياسية ذات طبيعة تحليلة مع الاستاذ الدكتور كاظم هاشم نعمة  .

على مدى اكثرمن ثلاثة اشهر ابتداءً من اول نيسان الماضي  ،اطلت( 24)بها على مشاهديها تسع  مرات  ،بل وتستعين بها مع كل شد سياسي وتصاعد في الازمات التي استمكنت  العالم خلال الماضية من العام الحالي 2022 ما يجري بين روسيا واوكرانية  ، مثلث الازمات في الشرق الاوسط  ، دبلوماسية العروض العسكرية في بحر الصين  ، الحروب السبيرانية ، التوابع الاخرى ، ارتفاع اسعار الطاقة  ، او احتمالات انقطاعها ، ازمة مبيعات الغذاء ، المخاطر البيئية من تغيرات مناخية غير مسبوقة  . لاشك ان ماتحدث به الدكتور نعمة في تلك المقابلة يرقى الى الفحص السريري الاختصاصي بكل ما يحمل هذا المؤشر من  وسائل ايضاح  .قيمة التحليل لدى الدكتور كاظم انه يتحدث بموضوعية راصدٍ على اطلاع واسع بمجريات هذا العالم،وهي موضوعية تترفع عن الانزواء وراء معلومات سطحية بل تستعين  بالمعلومة الموثقة والقدرة الاستنتاجية ، وبأنحياز شجاع الى الحقيقة  ، وعلى حد علمي، لا اعتقد انه اخطأ في تحليل أية قضية  تناولها  . اعرف كاظم هاشم نعمة منذ نصف قرن عندما كان استاذاً في كلية العلوم السياسية جامعة بغداد وقد استكتبته لمجلة الف باء عندما توليت مسؤولية القسم السياسي فيها ، وتوطدت بيننا علاقة حوارية  استمرت خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي وجزءاً من العقد التاسع  . كان يتصل بي هاتفيا في الشهر الواحد عدة مرات في دعوات على عشاء تزينه (الكبة) التي تعملها زوجته السيدة الفاضلة ام علي   بمهارة نادرة جداً ، .

باحث اكاديمي

على اي حال  ، كاظم هاشم نعمة باحث اكاديمي على درجة من قوة الاستقطاب لطروحاته برغم لغته العالية التي تمتنع عن النزول الى المفردات البسيطة واستخدامه لمصطلحات لم يسمع بها اقرانه من استاذة ومدرسين فكيف الحال مع طلبته في دراسات البكلوريوس والماجستير والدكتوراه .  كانت الحصص الدراسية التي يتولاها الدكتور كاظم (وجبة) علمية دسمة في مضامينها الجوهرية ومقبلاتها،  وكان الطلبة حريصين على حضورها برحابة وتخوف  واندهاش وتركيز  واستمتاع علمي  مع انه  يلقي محاضراته بالفصحى اجمالاً  دون ان يلجأ الى اية مفردة عامية ،  وكان ذلك يغيض العديد من الاساتذة ، بل اقترح  بعضهم  عليه ان يتساهل في استخدام مفردات مفهومة شعبياً لكنه اعتذر مما ذكرني بقصة استاذ جامعي في احدى الجامعات التي تحتل منزلة متقدمة في تصنيف شنغهاي عندما تعرض له احد طلبته قائلا  محاضراتك جافة اواجه صعوبة كبيرة في استيعابها، فما كان من  الاستاذ الا القول ( عليك  ان ترطبها بعرق عقلك) . التحليل عند كاظم هاشم نعمة مهمة استقصائية ، لاتكتفي بتفكيك  الحدث وارجاعه الى عناصره  الاساسية .  بل يحرص على تتبع جذوره في مداولة غاية في الانسيابية الذهنية التفصيلية الموجزة مع استخدام هوامش  تاريخية واحداثيات سائدة الان، في اطار استنتاجات مستقبلية منوها  بالمناخات الجيوسياسية والاقتصادية ومحركات النفوذ دون ان يٌسقط من الوقائع التاثيرات القيادية الشخصية حيث يدخل البعد النفسي من اوسع الابواب .

محلل سياسي

لقد تفرد الدكتور نعمة  بمنهج تحليلي  خاص به واملي ان يجد هذا المنهج فرصته لدى محللين سياسين اخرين مازالت طروحاتهم عند حدود التعليق الاخباري فحسب ، وقد اشرت الى تلك الظاهرة الاخبارية  في مقالة لي نشرتها صحيفة الوطن العمانية بعنوان (شجار الفضائيات) واعادت صحيفة طريق الشعب  نشرها  ضمن  (من الصحافة العربية)  ، واعتقد ولست جازما  ان الدكتورهاشم حسن اعاد نشرها ضمن صحيفة كان يتولى رئاسة تحريرها  ،   لقد تناولت في تلك المقالة  جوقة المحللين الذين لايملكون من مظاهر التحليل سوى ربطات عنق  وقمصان ناصعة ومفردات على قياس معين  .افراد هذه الجوقة مازالوا يتنافسون على الاطلالات التلفازية بما يرضي انحيازات تلك  الفضائيات مقابل عمولات تدفع فوراً ونقداً  بعد المقابلة ، واجزم ان ما يفعله هؤلاء المحللون  هي عمليات تسميم للرأي العام الذي يفترض ان يصغي الى طروحات متوازنة  بعيداً  عن التأجيج  ، أو الانكفاء ، او الاحباط  . امام ذلك ، كيف تغيب  وزارة الخارجية العراقية من مسؤولية استشارة مفكر سياسي بحجم القيمة العلمية لكاظم هاشم نعمة في القضايا التي تهم العراق ، وكيف لا يكون له حضوره الاستشاري بقرار يجعله على صلة مباشرة مع الوزير ، بل كيف لايعزز رئيس الوزراء مكتبه الاستشاري به  ولو عن بعد  ، الاهم كيف لاتسمي جامعة بغداد احد كراسيها الدراسية بأسمه  ،   انصح هولاء  المسؤولين بقراءة  مؤلفه (نظرية H) فحسب ليعرفوا  قيمة الاجتهاد  الذي يتمتع  به هذا المفكر  ،علما انه اصدر حتى الان اكثر من اربعين كتابا باللغتين العربية والانكليزية  وله فضل الاشراف على اساتذة في العلوم السياسية.

مشاركة