قيس الدباغ

يجهد الحكام في استعباد الجيل الأول والثاني اما الجيل الثالث فيولد عبدا من الفطرة قد قتلت بذرة الحرية في نفسه منذ الولادة وإستمرأ حياة الذل وتأقلم على الطاعة العمياء والعبودية وإذا سمحت له الظروف بشيء بسيط من الحرية يعود سريعا طائعا الى حظيرة العبودية ، ويجد نفسه ضائعا بلا سيد يقهره ويجلد ظهره بالسياط.
وقد تأقلمت اجساد العبيد وعقولهم على هذا النوع من الحياة، ولايجد العبيد انفسهم مطلقا في ميدان قتال أو رفع سلاح واذا ما قامت الظروف بقتل حاكم ظالم يقف العبيد منتظرين صابرين حاكما آخر ليؤدوا له فروض الطاعة ويقطعوا من افواه أطفالهم ونسائهم ويقدموا ثمار جهدهم للظالم سواء ان كان هذا الظالم بهيئة حاكم أو صاحب سلطة روحية وفي كثير من الدول التي طبقت فيها انظمة الاصلاح الزراعي ووزعت الأراضي على العبيد وتم اقصاء السادة والشيوخ المتنفذين سرعان ما هجر العبيد المتحررين اراضيهم الزراعية التي اصبحت بورا بسبب النزاعات والتناحر فيما بينهم وشدوا الرحال الى المدن البعيدة ليعملوا في المهنة التي يجيدونها جيدا وهي العبودية حيث سلموا أنفسهم لعبودية المدن الكبيرة واشتغلوا في في مهن العتالة وتنظيف الشوارع والذين اسعفهم الحظ عملوا في سلك الشرطة والجيش وفي رتب متدنية وهذا المكان وفر لهم جوا من العبودية والطاعة العمياء للأوامر وأصبحوا يتباهون بزيهم العسكري الذي لايفارق أجسادهم حتى في النوم وهذه الظاهرة قديمة قدم التاريخ.
وكم من الثورات حدثت في العالم القديم والحديث قاد جموع العبيد شلة من الأحرار ولكنها فشلت جميعا بسبب تهاون العبيد وعدم تقبلهم للحرية والحياة الجديدة وكم من مفكر ثائر أفنى حياته في سبيل الحرية قتل بأيدي العبيد قتلة شنيعة وليس أمر بن رشد عنا ببعيد حيث سعى الرجل بكل جهده لتخليص الناس من العبودية الفكرية للبشر والعودة لعبودية الإله وذهب ضحية فكره المستنير مصلوبا على باب جامع وهو بن الثمانين عاما في حين تم تكريم كل الشيوخ الذين أسسوا لعبودية الانسان لأخيه الإنسان ورسخوا فكر الطاعة العمياء للحكام ووضع القيود في رقاب البشر والاغلال في معاصمهم واقدامهم والاقفال على عقولهم وقلوبهم ،
واذا ما ومضت في فكر احدهم فكرة حرة رمي بالزندقة والكفر والتجديف مع سيل جارف من الحجارة والنعال ويكون عبرة لكل من تحدثه نفسه بالخروج عن المألوف والتقليدوهكذا يلد العبيد أجيال تتبعها أجيال ترفض التفكير رفضا مطلقا لانه مرتبط بالتحريم .