تقاعد الأدباء يامجلس النواب

بالمناسبة

تقاعد الأدباء يامجلس النواب

باسم عبد الحميد حمودي

بغداد

العنوان واضح لا لبس فيه،  يفهمه القاصي والداني،  اذ أغفل قانون التقاعد الجديد الادباء -دون سواهم – عن الحصول على تقاعد محتفى به،  يشعر الاديب به أنه كرم (بضم الكاف وتشديد الراء) في حياته ولم يهمش.

 انا أعلم أن الادباء جنس من البشر يهابه الجميع ولكن الكثير المحتكين بهم لا يكاد يفهمهم بوضوح،  لانهم في مرتبة ابداعية تفصلهم عن كثيرين وبذا تظل علاقتهم بمن حولهم ملتبسة رغم اللمعان الذي يحيط بهم،  لكنهم يظلون جزءا مهما من هذا الشعب وربما رأينا الكثير منهم جاع وتشرد والكثير منهم -رغم اسمه اللامع الكبير- لايملك شيئا سوى داره، وربما كان ساكنا بألايجار وهم الغالبية.

ليست هذه هي المشكلة كما يقولون لكن الاديب المبدع  يملك موقفا مثل موقف سقراط تجاه الاسكندر عندما وقف الامبراطور أمامه متبخترا شاكرا اياه على تعليمه يوما فقال له سقراط وهويجلس على الارض متبرما :(ارجو ان تتحرك قليلا فأنت تحجب الشمس عني) وابتعد الاسكندر المقدوني عن استاذه وقد ادرك حكمته وموقفه.

 اردت القول أن الادباء يباركون للجامعيين والقضاة والصحفيين امتيازهم في قانون التقاعد الجديد،  وخصوصا اخوتهم رجال الصحافة،  فقد خسر هؤلاء كثيرا من سنوات عمرهم دون أن يحصلوا على الكثير.

 اردت القول أيضا أن ادباء الوطن عملة نادرة،  والاديب الاديب منهم ،  الذي أدبه الجاحظ والمتنبي والشريف الرضي  ودرس ياقوت وابن خلدون ودرس شعر رواد التجديد في الشعر العربي : نازك والسياب والبياتي وحسين مردان (وكلهم عراقيون) ثم درس  جعفر الخليلي وذي النون ايوب ومحمود السيد، وعاش زمن محمد خضير ونزار عباس،  هذا الاديب هو وارث اسرار الحكمة العراقية منذ أول اسطورة كتبها العراقي القديم.

 هذا الاديب هو خلاصة الثقافة العربية والكردية والتركمانية والسريانية،  وبتنوع ثقافاته يكتنز العراق معرفة وتألقا ،  ولذلك، ولأكثر من ذلك فالمرجو من مجلسي الوزراء والنواب اضافة تعديل يخص الادباء،  وأنا ضامن لكم أن الاصدقاء في لجنة الثقافة والاعلام وفي مقدمتهم الاستاذ د. علي الشلاه رئيس اللجنة ونائبته التشكيلية ميسون الدملوجي وسائرالاعضاء لن يقولوا الا نعم، وادباء العراق،  الادباء حقا يستحقون هذه الاضافة.

 ولكي لا يتسع استثمار مصطلح الاديب وتغدو الصفة غير متفقة مع طبيعة الموصوف ومنجزه،  أرى الاتعتمد قوائم اتحاد الادباء الواسعة ولا القائمة (المفترض وجودها) في وزارة الثقافة،  حتى لايكون للمجاملة طريق ويختلط الحابل بالنابل كما قالت العرب، وأن تؤلف لجنة موضوعية حاسمة في تحديد صفة الاديب وابعادها عن صفة الهاوي الاعتيادي أو كاتب العمود ،  وأن  يكون الاديب شخصا تتطابق فيه الصفة على الموصوف : الشاعر والقاص ذو الخبرة والناقد صاحب المنجز والروائي  صاحب التجربةهم الادباء حقا وما عدا ذلك فهم هواة او جلاس مقاه ومؤتمرات ثقافية وليس لهم  من الادب  غير الشعور بأنهم ادباء يملكون هوية مجاملة!  قد يقول قائل انك وضعت الشروط التي تحدد الاديب عن سواه  دون أن (يقبض) الادباء شيئا فأقول أن ذلك يعد تسهيلا لمهمة اقرار التعديل المطلوب،  لكي يتضح  عدد الادباء الحقيقي عن ادباء المجاملة الذين لعبت الصحافة دورافي تقديمهم دون منجز حقيقي،  كما لعبت المصالح والمكانة الوظيفية دورا في منحهم صفة الاديب دون وجه حق.

يوما ما في السبعينيات أعيد تشكيل أتحاد الادباء ( الذي كان قد اسس عام 1959 وأغلق عام 1963) وطلبت اللجنة التحضيرية من (كافة) الادباء تقديم الوثائق التي تثبت (أدبيتهم) وفعل كثيرون ذلك، يومها كنت في لواء الديوانية -مدرسا في ثانوية الدغارة( منقولا من ثانوية الصويرة بأمر من الحاكم العسكري السابق) لكني كنت استطيع زيارة بغداد والكتابة في صحفها ومجلاتها، يومها ايضا كنت في زيارة لوزارة الاعلام وفيها السادة الاصدقاء عبد الوهاب البياتي وسامي مهدي وموسى كريدي وعبد الرحمن الربيعي وسواهم.

في غرفة الصديق موسى كريدي كان سعدي يوسف جالساوخالد يوسف وانا ونحن نناقش ضاحكين قرار الهيئة التحضيرية للأتحاد الموعود، وقررنا بالاجماع عدم تقديم اية وثيقة ، فأن قبلوا بنا كان بها وألافلا حاجة لنا باتحاد لايفرق بين شاعر مرموق كسعدي وقاص مهم كموسى وبين من يركض حاملا فايله للقبول.

 بعد فترة، طلب منا من طلب ان نقدم ورقة انتماء.. فقط،  راجيا الكف عن مماحكة من  هذا اللون،  فوافقنا وانتهى الامر.

اردت القول أن الاديب الحق غير المنتمي للادب هاويا وللمجلسين وللادباء تحياتي آملا أن تتسع الصدور لقبول هذا المقترح الذي يضع الاديب في مكانته الاقتصادية المطلوبة ويكون العراق بذلك قد حقق اضافة نوعية في تقدير مكانة الاديب ودوره الاجتماعي والثقافي.