تغيّرات السياسة الأمريكية وخروج العراق من عنق الزجاجة حيدر صبي احداث كثيرة وصراعات جمة رافقت العملية السياسية ومنذ ان اطاحت امريكا بنظام صدام وما نتج عنه بعد سنوات من اصطفافات دولية وإقليمية ” ايران روسيا والصين وبعض من دول العالم الثالث ” ومحور اخر ضم ” السعودية وتركيا وقطر وأمريكا واغلب دول الاتحاد الاوربي ” بداية امريكا لم يك امامها خيار الا ان تسلم الحكم الى الشيعه وعلى فرض انهم المكون الاكبر بعد ان رفض السنة الدخول في العملية السياسية في حينها لذا تبنوا مبدأ المقاومة فأسسوا مليشيات سنية ” كتائب ثورة العشرين وجيش انصار السنة وجيش الطريقة النقشبندية وجيش عمر والفاروق وغيرها ” وهذه من المفترض اسست لمقاومة ما يسمى بالاحتلال الامريكي غير انها عمليا اخذت تقاتل الحكومة العراقية وتقتل وتهجر المواطنين الشيعة رافقتها عملية تهجير عكسية من المكون الاخر وعلى ايد مليشيات شيعية ايضا خصوصا بعد احداث هدم قبة العسكريين في سامراء .. على الا نبخس تلك المجاميع حقها حيث كانت بين الفينة والاخرى تقوم بعمليات ضد الجيش الامريكي ولكنها كانت في الاغلب ليست ذات تأثير بحيث تفرض واقعا جديدا على الارض . اذن لماذا امريكا انقلبت على الشيعه والحكومة بعد ذلك ؟؟ وعلى فرض هي من رعى التغيير بعمليات عسكرية كلفت الحكومة الامريكية الملايين من الدولارات وأعطت اكثر من خمسة آلاف قتيل من جنودها من اجل اسقاط نظام البعث ؟ ولماذا راحت تدعم المجاميع السنية والشخصيات البعثية بعد ذلك لوجستيا وإعلاميا ؟؟ .. فماهية مصلحة امريكا جراء تغيير تلك السياسة ..؟ لنأتي أولا على المليشيات السنية ولم غيرت اولوياتها والأهداف التي انشأت من اجلها ؟؟ كان لتأسيس جيش المهدي وما رافق احداث 2005 وصاعدا السبب في جعل المليشيات السنية تغير من بوصلة اجنداتها من مقاومة لمحتل الى عصابات قتل وتهجير بحق الشيعة فمارست القتل على الهوية والتفجيرات في السيارات المفخخة كي توقف اندفاع جيش المهدي نحو المناطق السنية من جهة وتدخل الرعب في صفوف الشيعة من جهة اخرى بعمليات مروعه شهد عليها الكثيرون ووثقت من قبل المنظمات الدولية ومنظمان حقوق الانسان وهي ايضا اي تلك المجاميع لا تؤمن بالتغيير الجديد وحسب ما تحمل من براغماتية فكرية وفقط تؤمن ان الحكم لا يليق الا بها !! وباقي الرعية مجرد هوامش محكومون من قبل رئيس أوحد قوي على شاكلة صدام ومن ثم ان تلك الرعية عليها ان تدافع عنهم وقت الشدائد وبإمرتهم والا يتدخلوا في مسالة الحاكمية مطلقا وهم مؤمنون ان الحكم لهم وحتى ان جاء بالسيف والقوة !! .. ثم لنأتي على موقف امريكا من الطائفتين واقصد طائفة الشيعه “الاغلبية الحاكمة” وطائفة السنة المهمشة وحسب ما رددوه ويرددوه الى الان !! حيث ان امريكا محكومة بمنظومة اسست وفق مرتكزات ثابتة تجيد قواعد اللعبة وبأسلوب ممنهج ومخطط ولأهداف ستراتيجية موضوعة سلفاً .. السعودية وقطر وتركيا مع دول اخرى داخلة ضمن تلك المنظومة وتعمل ووفق نظام ثابت . على ان لا يستطيع أي من تلك الدول من تغيير سياسته الا اذا حصل على مباركة جميع الأعضاء المنضويين لتلك المنظومة .. وما يهمنا هنا هو المملكة السعودية صاحبت الثروة والمال والفكر المتطرف المنسجم مع اهداف المنظومة العالمية لذا فمن غير الممكن ان تخرج امريكا عن خط السعودية وليس العكس !! ولهذا نرى ان امريكا تعرضت للانتقادات من قبل روسيا والصين وايران وبعض من دول العالم المعتدل والخارج عن منظومتهم التي نوهنا عنها . وأظن المواكب للسياسة الامريكية يذهب مع ما ذهبنا اليه . وفيما يخص الازمة الاخيرة وبعد احتلال مسلحي داعش لمدينة الموصل وما نوه عنه وزير الخارجية الامريكي جون كيري حول تعرض السنة الى نوع من التهميش والإقصاء وكذلك توجيهه انتقادات لسياسة المالكي والذي قال ما نصه ” بات المالكي اليوم مختلفاً عليه حتى من قبل فرقائه الشيعه ” ؟ اي انه اراد القول ” يجب ان يكون للسنة حضور ووجود وقرار في الحكومة المقبلة والا فان داعش ستلتهم جميع المناطق السنية وسيصطف اهالي تلك المناطق معهم بعد ان يتيقنوا من ان امريكا والسعودية والمجتمع الدولي سيقف معهم ويدعمهم ” ولهذا فإن ما جرى هو عبارة عن ضغط امريكي بمرآة سعودية عكست تخوفها من استقرار لدولة شيعية سَتكوّن مع ايران قوة كبيرة مستقبلا يهدد النظام السعودي وبقية انظمة الخليج العربي وحسب رؤى دول الخليج قاطبة . فما هو الحل إذن ؟؟ .. حتى يُقْطَع الطريق على ما تروم دول الاقليم تحقيقه وحتى يتم القضاء نهائيا على المجاميع المسلحة وايقاف نزيف الدم وحتى لا يتحول العراق الى سوريا اخرى والا يتعرض للتقسم ومن اجل ان تعيش كافة طوائف الشعب العراقي بسلام وامن يجب ان تتغير السياسات السابقة وأن يحصل تقارب بين السياسيين السنة وبين حزب الدعوة من جهة وبين الدعوة والاكراد من جهة اخرى وفيما اذا ما عرفنا ان كلا من كتلة المواطن والأحرار متقاربة نسبيا مع المكون السني والاكراد او هي اقرب للسنة والاكراد منها الى حزب الدعوة ومنه ستكون هناك المباركة السعودية والتركية والقطرية حاضرة ومنها سنحصل على مباركة امريكا ودول العالم والأمم المتحدة “على ان هذا الحل سيكون وقعه مؤلم جدا على الشيعة ” لكن تجربة الإحدى عشر سنة الماضية جعلت من الشعب العراقي شعبا ممزقا الى طوائف واثنيات وقوميات متصارعة فيما بينها . لذا فاذا ما اراد العراق اليوم الخروج من عنق الزجاجة عليه ان تعمل الاحزاب المختلفة عملا كبيرا ويعطي كلا منهم تنازلات للاخر وفق مبدأ وتفاهمات سياسية تعيد ترتيب اوراق المشهد السياسي مرة اخرى ووفق اجندة وطنية خالصة ودون السماح لاي دولة من ان تؤثر على اي من القيادات السياسية مرة اخرى ولا بأس في ان تكون هناك حكومة اغلبية سياسية ممثلة من جميع الطوائف وليس شرطا ان يكون السيد المالكي هو من يشكل هذه الحكومة حيث ليس من الصعوبة على الائتلاف الشيعي ان يجد شخصية اخرى قادرة على رأب الصدع وردم الهوة بين المكونات خصوصا فيكون بذلك قد لبينا نداءات سياسيي الداخل وحتى تدحض حججهم مستقبلا وكذلك سيكون هناك دعما دوليا واقليما لذلك الحراك الجديد خصوصا بعد ما سمعنا من تصريحات للخارجية الامريكية مؤخراً وما قاله اوباما بان ” المالكي لم يوفق في استقطاب السنة بعد ان اقصاهم وهمشهم وحتى انه همش وأقصى حتى الاحزاب الداخلة معه في الائتلاف الشيعي اشارة الى ” كتلة المواطن والأحرار ” ؟ . على انه استدرك قائلا ان العراقيين هم اولا واخيرا من سيختارون قياداتهم ؟؟ فهل يستطيع ساسة العراق من الحاق الهزيمة بالمجاميع المسلحة ومن خلال توافقهم على مبدأ مصلحة العراق اولا وأخيرا ام اننا سنشاهد مأساة اكثر بشاعة من تلك التي اقدمت عليها تلك المجاميع لقتل جماعي لشباب العراق وهتك اعراض الاسر العراقية واستباحة الدم ونحر الرؤوس وفيما اذا اصرت الاحزاب السياسية على مواقفها ودون اعطاء اية تنازلات بعضها الى البعض الآخر ؟؟ .