تعلم العيش معاً (1)
هل نستحق وطن أم خيمة ؟
كان سقوط النظام الدموي على يد القوات الامريكية وحلفائها من الدول الاخرى نقطة تحول كبير في تاريخ العراق السياسي ، وكان على العراقيين جميعا الوقوف جنبا الى جنب من اجل اعادة بناء ما خربه النظام الدكتاتوري والحصار والحروب المتعددة والاحتلال وازالة اثار ما خلفته تلك الماسي التي وقعت على المجتمع العراقي، وعلى ضوء الشعارات التي كانت تطرحها القوى الحاكمة اليوم، كان هناك امل كبير في انتقالنا من الطغيان والقمع والتفرد وكم الافواه ومصادرة الحقوق ، الى بناء مجتمع يتمتع فيه المواطن بحقوق وحريات ويحتكم بحياته لدستور دائم ودولة المؤسسات، ولكن ما حصل اثبت حقيقة مرة ، الا وهي، ان ما كان يعلن من قبل تلك القوى، هو ذر رماد في العيون، لقد اصبح دستورا دائماً ولكن في وطن كل شيء فيه مؤقت ومتجاوز على القانون !!.
لقد جرى الباس ما كان يحصل في العراق لباس الطائفية من جانب والقومية وامراضها من جانب اخر ، وعلت هذه الاسطوانة في خطابات القوى السياسية ، ورضوخا امام تسميات الاعلام الغربي، منذ مؤتمر صلاح الدين تقريبا وصولا الى مؤتمر لندن وبالتالي تجسدت بتطبيقاتها العملية في مجلس الحكم وبعدها الحكومة الاولى ولازالت تنخر في المجتمع العراقي، لطالما شعارات هذه الطائفة او تلك تعلو على ابواب الوزارات والجامعات وغيرها من المؤسسات، لا بل انها اصبحت تهدد وحدة الشعب والوطن ووجوده.
لقد جرى تغذية روح التعصب القومي والطائفي والشوفينيات وغيرها من تلك الامراض، بدماء ومعارك وضحايا كثر ، كي تعبد الطريق لتلك العصبيات وللمصالح الشخصية الضيقة التي ليس للمواطن وحياته الامنة وحقه في الوطن والوطن الامن وثرواته مكان يذكر بها!!
ان استمرار تحكم تلك المصالح الضيقة بحياة المجتمع والمواطن والوطن لهي اكبر انتهاك وتجاوز على كرامة البشر وحقهم في حياة كريمة، لا بل وطموحهم الشرعي والمشروع من اجل بناء حياة ومستقبل مستقر للاجيال القادمة.وعليه فنحن اليوم احوج من اي وقت مضى للجرأة في فتح ملفات لطالما ، ارادها… ويريدها، البعض ان تكون مغلقة بالرغم من ان الوطن و المواطن العادي والبسيط والذي يحلم بخبزه اليومي ووطن امن هم من دفعوا الثمن ولازالوا بسبب هذه السياسات المريضة التي تعيق تسليط الضوء على هذه الملفات وحلها. ان الامن والسلم الاجتماعي لا يمكن تحقيقة بتخمير المشاكل !!كما انه لا يمكن ان يتحقق ولن يتحقق في ظل هذا التشظي بكل تنوعاته. اننا احوج اليوم لفتح ملف الطائفية والمظلومية وما يتعلق بها من مخلفات ، ليس لصب الزيت على نارها، ولكن من اجل نزع فتيلها ودحض ثقافتها وتحريم لا بل وتجريم تصنيف الناس على اساسها، خدمة لصالح بناء انسجام اجتماعي داخل الوطن الواحد، الذي يجب ان يبنى على اساس المواطنة وحقوق الفرد التي يصونها القانون ودولة المؤسسات، دون اي خصوصيات لهذا الراس النووي او ذلك المفاعل السياسي او المعامل الديني!!!!
ان هذه المشكلة لا يمكن حلها ببيان سياسي، وانما من خلال فهم جماعي لاسبابها ومسؤليتنا بها، وما يتحملة السابقون منا فيها، وبالتالي الاعتراف بالسياسات الخاطئة وماتركته من اثار على المجتمع والشعب والوطن باكمله، والعمل على معالجة تلك الاثارعلى اساس المساواة بين المواطنين، واعتماد المواطنة كاساس لتلك المساواة واحترام الثقافات المتنوعة لابناء الشعب وخلق الوسائل لدعمها وتطويرها ، واحترام وتنمية حق الفرد في مسؤليته عن مستقبله وحياته، اما الاستمرار بعكس الخلافات الجديدة – القديمة والتي ” لو عاد اصحابها لما تذكروها” على حياة اجيال ليس لها اي علاقة او ذنب ، الا ذنب المكان، بما حصل قبل مئات السنين، وشحذ الطاقات والافكار لتغذية تلك الخلافات او التصورات التي اكل الدهر عليها وشرب، وجر الاجيال الجديدة لدفع ثمن تلك الخلافات، لا يتطلب منا ألا تجريم هذه الثقافة، وليس احياءها والتعبد في ظلالها، ناهيك عن ان الاجيال الحالية لا تتحمل مسؤولية ماحدث، كما ان التسبيح بما مررنا به فقط دون معالجة واقعنا والتطلع لما يطلبه المستقبل منا، لن ولم يسهم في رسم مستقبل افضل لا لهذه الاجيال ولا لغيرها ، بل ان المستقبل الافضل لهذه الاجيال يمر يتشجيعها لمعالجة اثار ذلك من خلال الحوار والاحترام المتبادل والتسامح. والتخطيط لمستقبل افضل لا تعاني منه الاجيال المقبلة من حرمان وتشريد وحيف وقتل بسبب امراض طائفية او قومية شوفينية او تسلط الدكتاتورية التي تنمو طرديا مع مصادرة حرية الفرد والتغييب للاخر ، ان من ينكر ان ماسي العراق والعراقيين كانت بسبب مصادرة الحريات وكم الافواة والتفرد في الحكم وتغييب الاخر ، لا فرق بينه وبين ” سياسة الاب القائد وحزبه وثقافتهم الدكتاتورية”.
كريم الربيعي- بغداد
AZPPPL