تظاهرات الأنبار والصمت المعلن
قد لا يعرف الكثير من الأشقاء العرب ما هو موقع الانبار وحجمها وأثرها التاريخي ودورها في بناء الحضارة الإنسانية .
فالانبار حاضرة بني العباس هي أول عاصمة للدولة العباسية تشغل مساحة ثلث العراق المجيد وتضم اليوم أكثر من مليون ونصف المليون عراقي غالبيتهم من المنحدرين من أصول عربية في اليمن والحجاز والشام مهدوا قبل مئات السنين لبناء حضارة الإنسانية عربية إسلامية عريقة وساندوا الفتوحات الإسلامية منذ فتح العراق في عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب (رض) وحتى يومنا هذا واشتراكهم في الثورات الإسلامية والعربية الكبرى ومن بينها الطريق الذي اندفعت من خلاله ارتال الجيش العراقي الباسل للدفاع عن فلسطين وسوريا والأردن خلال حرب تشرين عام 1973 ومن الأمور التي أضع عليها علامة استفهام الصمت العربي والإسلامي المطبق الذي يتزامن مع تظاهرات واعتصام أهل الانبار ضد الظلم والطغيان والدكتاتورية التي يروج لها أصحاب الرايات إتباع الطائفية والمندسين في صفوف اللحمة الوطنية لشعبنا العراقي الابي .
وهذا الصمت المتعمد يعادل إضعاف ما يعلن من مواقف تنديد وشجب لما يدور في بلدان عربية أخرى كسوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا والبحرين والسودان .
واعتقد ان الوقت قد حان قد تدير الأنظمة العربية دفة تأيدها لهذه التـــــظاهرات السلمية التي لا تصب إلا لمصلحة الشعب العراقي أليس كذلك.
اضحكوا على مصير كم أيها العراقيون إن كان للعرب به يد .
حكاية أهل العراق مع العرب طويلة وحزينة ، العراقيون منذ عقود فتحوا أبوابهم وعلى اختلاف أنظمتهم السياسية والعقائدية للعرب ، للحكومات والشعوب معاً ، للمعارضة ولمعارضة المعارضة ، للعرب الفقراء والأغنياء ، للعرب الآسيويين والعرب الأفارقة ، للعرب المتعربة والمستعربة ، للعرب القوميين والعرب الشيوعيين ، للعرب الشيعة والعرب السنة ، قائمة طويلة كان أبناء الأمة العربية لا يجدون ملاذاً إلا في العراق ، إذا استشهد مقاتل في فلسطين أو لبنان أو الجولان أو الخليج العربي أو مصر أو اريتريا أو الجزائر أو الصومال ، أقام العراقيون الدنيا ، يخرجون بلا شعور إلى شوارع وساحات بغداد للتنديد بأعداء العروبة، إذا فاز فريقٌ عربي على فريقٍ غير عربي أطلق أهل بغداد والبصرة والأنبار والموصل والناصرية الرصاص ابتهاجا.
إذا تعرض أي عربيٍ إلى اعتداء أجنبي تبدأ منابر الخطباء في النجف وكربلاء والرمادي والفلوجة وصلاح الدين وميسان والكوت بدعوة الله والتوسل إليه لنصرة العرب .
اذهبوا مرة واحدة إلى مقابر الشهداء في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر والخليج العربي والمغرب العربي ، ستجدون أبـناء العراق وقـــد سقطوا دفاعاً عن دينهم وعروبتهم متيممين بتراب وطنهم العربي الكبير.
حكاية طويلة وحزينة بعد ان خرجت جموع تعد بالملايين من أهالي الانبار والموصل وصلاح الدين تنادي بحقوق هذا الشعب المسكين وهي حقوق بسيطة ، لم يتجرأ بها خطيبٌ أو عالمٌ أو فقيهٌ مسلمٌ واحد أن يدعو الله لنصرة أهل العراق أو خلاص أهله من هذه الفتنة ، من على أشرف المنابر ، منبر الصدق والهدى والإيمان ، منبر الرسول العربي الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
يتسابق الخطباء في مكة والمدينة والمسجد الأقصى والخليج العربي والمغرب العربي والأزهر الشريف والشام إلى الدعاء لنصرة المسلمين في تورو بورو وقندهار والشيشان والبوسنة والهرسك ودارفور والواق واق والقطب الشمالي والجنوبي ، وأهل العراق يُبخل عليهم حتى في أدعيةٍ قد تستجاب وقد لا تستجاب .
الأمريكيون مسحوا هيروشيما وناكازاكي في اليابان من الخريطة عام 1945 وقتلوا مئات الآلاف وشردوا وأعاقوا الملايين من اليابانيين، وأوروبا اشتــــــــعلت بها حربٌ أحالت اخضرارها إلى يٌباب وزرقة مائها إلى دمٍ أحمر أهدرته ماكينة الحرب العالمية الثانية ليقتل الألمان من الحلفاء ملايين الأبرياء ويقتل الحلفاء من الألمان الملايين.
لكنهم بعد سنوات نسوا كل ذلك وبدءوا ببناء عالمهم الجديد وأوروبا الواحدة وهم على أعراق وديانات ومفاهيم ومعتقدات مختلفة .
العراقيون الآن ضاعت عليهم التفسيرات ، بلدهم العظيم الثري الفتي الكبير السوي الأخضر بلدهم ذو الأئمة والماء العذب يعذبه الأمريكيون والإيرانيون والعملاء فجعلوه جسراً بصراعهم المصيري مع ا هل العراق الشرفاء .
بينما بدأت في العراق تضرب القيم والمبادئ والأخلاق الأصيلة بالأطنان من المتفجرات .. !
العراق الآن تجاوز مرحلة التمغنط وبدأ يتأكسد والتأكسد بعيون الكيميائيين والفيزيائيين معاً يبقي طويلاً أنه يستمر قرونا لكننا إذا عرفنا عنصر التأكسد وعنصر إزالته فسيرون كيف سينظف العراق ويرتاح العراقيون ولا يوجد عنصر واحد آخر غير قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وحين ستنسحب . سيرتاح العراقيون وأيضا مهما كان الثمن فادحاً ،
من جيوش الأئمة والباحثين عن الجنان والمدعين والمتهاوين والمدعين بها زورا وكذباً . العراقيون أمامهم حل واحد هو خروج الأمريكان لأننا نقول للعراق . كثر أعداؤك . وقل أنصارك ولا حول لنا ولا قوة .
خالد القرة غولي- الانبار
AZPPPL