الكتابة على السيارات تخدش الحياء
تزيين الزجاج بين الغزل والتهكم والمرور يعدّه مخالفة
بغداد- حسن الشمري
بسبب محدودية وسائل الاعلام في مرحلة السبعينيات مقارنة بماعليها حاليا من مواقع التواصل الاجتماعي وأنواع الهواتف النقالة في تبادل الرسائل والتعليقات ما بين مستخدمي هذه الوسائل كان الشباب يجدون في حافلات نقل الركاب مجالا لكتابة عبارات الحب والاعجاب وهواتفهم واسماء الحبيبة على مقاعد الجلوس وكان لسائقي سيارات الاجرة ايضا طريقة في التعبير عن طريق وضع عبارات تخدش الحياء داخل السيارة او حتى على جوانبها منها (أتركني انا مخطوبة ومحبوبة فلان وحبى الاول والاخير فلانة) وغيرها .
ويبدو ان تلك الظواهر عادت من جديد وبعبارات حديثة منها (عضة حية ولا حب بنية، فايخ في عالم بايخ، حتى هدف حياتي طلع تسلل) وغيرها من العبارات التي يضعها سائقو سيارات الاجرة والمركبات تنامت في الاونة الاخيرة بشكل ملفت . رصدت (الزمان) هذه الظواهر من خلال اراء شرئح مختلفة فكانت بين من وصفها الحرية الشخصية للفرد ومنهم من قال انها ظاهرة سيئة وغير حضارية فيما وصفها البعض الاخر بانها ظاهرة جيدة خصوصا اذا كانت تلك العبارات تحوي على ادعية وآيات قرانية وحكم ومواعظ وارشادات.
وقال سائق التكسي عامر حسين 25عاما لـ(الزمان) أمس ان (اغلب سائقي سيارات الاجرة وعموم المركبات هم من عشاق لصق المطبوعات و الصور الدلالية وكأنها موديلا يتم تقليد الاخرين بها اذ اصبحت كالاكسسورات الجمالية لسيارتهم الشخصية وهذه العبارات لا تتركز على مظهر السيارة الخارجي فقط وانما يحتوي داخلها الكثير منها والمختلف اذ يتم تحديد شخصية السائق من خلالها لكن المبالغة فيها هي دليل على الاصابة بمرض نفسي معين قد يعاني منه ذلك السائق). واضاف ان (هذه العبارات تشكل هاجسا للكشف عما كتب على زجاج السيارات والحافلات الاخرى لا سيما حينما تكتظ الشوارع بالازدحامات فهي تعد تسلية يقتل الراكب بها وقت فراغه بعيدا عن تأزم الحالة العصبية المتزامنة مع تلك الاختناقات).
وتابع (ليست العبارات فحسب بل هناك نوع من طريقة التغليف الذي تصاحبه الزركشة الغريبة اذ احسست ذات مرة وكأني اتجول في احدى مركبات الهند).
ظاهرة غير حضارية
فيما قالت علياء قاسم طالبة في كلية التربية بنات لـ(الزمان) (ان وضع الملصقات على زجاج السيارات امر غير حضاري يدل على ان السائق غير ّذواق لأن السيارة وسيلة للنقل وليست لوحة او جدار للتعبير) وان هذا الامر يفتقر الى الجمالية خاصة وان العبارات التي اصبح سائقو المركبات يضعونها مهينة ومخدشة للحياء بأستثناء بعض الذين يضعون آيات قرأنية لكنها ايضا وضعت في غير مكانها لذا وبشكل عام فأن هذه الملصقات هي امر غير حضاري وعلى السائقين رفعها).
واضافت (هذه العبارات تعبر عن رأي شخصي في بعض الاحيان وهنالك عبارت غير لائقة تثير الاشمئزاز واخرى تعبر عن الايمان بالله لبعض سائقي المركبات). واوضح علي قاسم طالب في كلية الاعلام ان(تزايد اعداد السيارات في شوارع العاصمة والتي زينها اصحابها بعبارات وملصقات مختلفة الأنواع كل منهم يكتب ما يحلو له دونما رقابة تقيده باعتبارها حرية شخصية لكنهم لا يعرفون إن الحرية لها حدود وعليهم أن يحترموا أذواق الناس ويجب أن يبتعد من يكتب العبارات على سيارته عن الانتقادات والكلام الجارح وغير اللائق والذين أغلبهم من الشباب والمراهقين الذين يلجأون الى هذه الطريقة باعتبارها المتنفس لهم). ويرى ان (بيئة هؤلاء الشباب لا توفر لهم ما يريدون والبيت عندهم أفضل ما يكون كذلك غرفهم المستقلة هي الأساس فبعضهم لا تتوفر لديهم مثل هذه الفرص فيلجأون بالطبع الى كتابة كلمات الحب والغزل للحبيبة أكيد مشاعر مكبوتة لديهم غير ابهين بوجود تقاليد اجتماعية موروثة يجب أن يتمسكوا بها فعلى شبابنا أن يجدوا متنفسا بطرق أخرى غير إعلاناتهم وهتافاتهم وصرخاتهم بهذه الطريقة).
عبارات مختلفة وهدف واحد
واوضح حيدر جمعة معلم جامعي (يختار بعض السائقين اسماء غريبة تنم عن عنف وقوة تارة وعن جمال ورّقة تارة اخرى مثل (الصاروخية) ولا اعرف ماذا يعني بها هل ان سرعتها صاروخية مثلا؟! او عبارة (اثق بشمس الشتاء ولا اثق بقلوب النساء) و (سايبة من تكبر تصير همر) ومهما اختلفت العبارات فالهدف واحد هو جذب انظار الاخرين الى سياراتهم فهم يختارون عبارات غريبة وبألوان مختلفة).
وتابع (هناك بعض السائقين يضع ميداليات تقيهم وتبعد عنهم الحسد كما يعتقدون والميداليات بمختلف نماذجها والوانها الزرقاء التي تطرد الحسد بالإضافة الى عبارات يكتبونها على الزجاج الخلفي هو تعبير عن أفكار السائق مثل عبارة (عين الحسود فيها الف عود) من كثرة خوف السائق من أي حسود وعينه كما ان لهذه الكتابات اثار سلبية تتمثل في وقوع الحوادث نتيجة انشغال بعض السائقين بقراءة تلك العبارات خصوصا اذا كانت مكتوبة بالوان تلفت النظر).
فيما قال حسين جاسم طالب في كلية القانون ان (هذه الظاهرة اخذت بالانتشار بشكل غير طبيعي وكبير على الرغم من ان هناك قانونا يقضي بمنع مثل هذه الكتابات ايا كان شكلها ومعناها لان الكتابة على زجاج السيارات سوف يشغل السواق الاخرين وربما يؤدي الى حصول حوادث سير واختناقات مروريةالى جانب الاخلال بالقوانين وقواعد السير العامة بسبب تلك العبارات فضلا عن انها ظاهرة غير حضارية ولا تعبر عن ذوق سليم ولا تليق بمجتمعنا)
موضة جديدة
ويقول احد بائعي الملصقات جواد كريم أن (في الفترة الاخيرة اجد اقبالا كبيرا وغير طبيعي من قبل السائقين في كتابة العبارات على سياراتهم حيث اصبحت تلك العبارات اشبه بالموضة)، واضاف (انني اكتب هذه العبارات التي يطلبها مني السائق ولكن في بعض الاحيان اشعر بالخجل من كتابة بعضها واحيانا اقدم النصح للسائق لتغييرها لان هناك بعض من الشباب من يطلب مني كتابة عبارات تخدش الحياء العام ولكن في نفس الوقت هناك من يطلب مني عبارات مفيدة للقارئ كأن تكون آيات قرانية او ادعية او حكم ومواعظ). فيما قال حيدر حسين (يبدو ان السيارة لم تعد وسيلة للتنقل فقط ولم يعد دورها مقتصرا على التوصيل من مكان الى اخر بل اصبحت وكأنها لوحة او جدار للرسم عليها ووضع ملصقات وعبارات اختلفت عناوينها حسب الحرية الشخصية للسائق ولعل الناظر الى سيارات الشباب هذه الايام يلاحظ بأستغراب ان الكثيرين منهم يستغلون اية مساحة خالية على زجاج السيارة او هيكلها للصق عبارات وشعارات غريبة تبدأ بأبيات الشعر والحكم والامثال وتنتهي بمقاطع من الاغاني الشهيرة والنكت وارقام الهواتف بالاضافة الى تزيين بعض السيارات بشعارت الاندية الرياضية المحلية والعالمية كنوع من انواع التشجيع والمساندة او لاغاظة انصار الاندية المنافسة)، ويشير الخطاط مالك سعيد إلى أن (رغبات السائقين في الشعارات والكتابات غير متطابقة ومتجانسة لأنهم مختلفين في الاذواق إضافة الى اختلاف آرائهم فيها والتي تتراوح بين أنها ظاهرة سيئة وغير حضارية وأنها جزء من الحرية الشخصية للإنسان في المجتمع أو أنها دخيلة ويجب توفير الأموال التي تنفق عليها). ويضيف ان (اكثرزبائنه من الشباب الذين يقتنون السيارات الثمينة والغالية ويطلبون عبارات طريفة واخرى منها تلك العبارات التي تريح الناظرين مثل عبارات (اللهم احفظها واحفظ من فيها) وعندما يقرأها الناس يشعرون بالطمأنينة والارتياح).
مخالفة قانونية
من جانبها اكدت مديرية المرور العامة ان (هذه الملصقات مخالفة يحاسب عليها قانون المرور العام
المرقم 86 لسنة 2004 وبموجب المادة 30 فقرة ج منه يعاقب كل من ارتـكــب مخالفة من هذا النوع بغرامة مالية مقدارها عشرة الاف دينار.
وقال مسؤول الاعلام والعلاقات في المديرية اللواء نجم عبد جابر لـ(الزمان) امس انه (يمنع وضع الملصقات والشناشيل وغيرها من العبارات التي تلهي السائق وتشتت تركيزه من الانتباه الى الطريق وتجذب انتباه الاخرين) مشيرا الى انه (هنالك غرامة مالية مقدارها عشرة الاف دينار بحق السائقين الذين لا يلتزمون بالتعليما ت والضوابط التي اشار اليها القـانون).
واضاف انه(تم اصدار بيان تضمن تغريم السائق الذي يجعل من سيارته عبارة عن وسيلة دعائية او اعلانية بغرامة مالية تقدر بـ30 الف دينار هناك انتشار واسع لرجال المرور الذين يقومون برصد المخالفات من أصحاب سائقي سيارات الأجرة ممن يضعون هذه الملصقات على سيارتهم).