ترامب يستقبل الرئيس الكوري الجنوبي ويأمل انجازا بشأن كوريا الشمالية

واشنطن‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) -‬الزمان‭ ‬

تبدو‭ ‬المهمات‭ ‬عسيرة‭ ‬ولا‭ ‬يستوعبها‭ ‬الزمن‭ ‬الضيق‭ ‬الا‭ ‬ان‭   ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفخر‭ ‬بأنه‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬ست‭ ‬أو‭ ‬سبع‭ ‬حروب‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر،‭ ‬لكنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬بعيدا‭ ‬كلّ‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬احتواء‭ ‬التهديد‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬تطرحه‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬زعيمها‭ ‬كيم‭ ‬جونغ‭ ‬أون‭ ‬خلال‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭.‬

وبغضّ‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التوجّه‭ ‬السياسي‭ ‬للحكومات‭ ‬الأميركية،‭ ‬ديموقراطية‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬جمهورية،‭ ‬تعدّ‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬الأولوية‭ ‬المطلقة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ويسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬الإثنين‭ ‬إلى‭ ‬الإلقاء‭ ‬بثقله‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النزاع‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬قائما‭ ‬بين‭ ‬الكوريتين‭ ‬والذي‭ ‬يشكّل‭ ‬تهديدا‭ ‬للمنطقة‭ ‬برمّتها،‭ ‬خلال‭ ‬استقباله‭ ‬نظيره‭ ‬الكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬لي‭ ‬جاي‭-‬ميونغ‭ ‬المؤيّد‭ ‬للحوار‭ ‬مع‭ ‬بيونغ‭ ‬يانغ‭.‬

ومعروف‭ ‬عن‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬قطب‭ ‬العقارات‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬ينتهج‭ ‬دبلوماسية‭ ‬شخصية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الصفقات‭ ‬يصفها‭ ‬بالغريزية‭ ‬‮«‬توقه‭ ‬إلى‭ ‬تصدّر‭ ‬عناوين‭ ‬الإعلام‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬فيكتور‭ ‬تشا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬الجمهوري‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ (‬2001-2009‭) ‬المكلّف‭ ‬بالشؤون‭ ‬الآسيوية‭.‬

وبعد‭ ‬‮«‬قمّة‭ ‬في‭ ‬ألاسكا‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تسر‭ ‬وفق‭ ‬مبتغاه،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الرئيس‭ ‬متحمّسا‭ ‬أكثر‭ ‬لهذا‭ ‬اللقاء‭ ‬مع‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬كي‭ ‬يأتي‭ ‬بنتيجة‭ ‬جيّدة‭ ‬جدّا‮»‬،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كشف‭ ‬هذا‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الكورية‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ (‬CSIS‭) ‬في‭ ‬واشنطن‭.‬‮ ‬

واجتمع‭ ‬ترامب‭ ‬بالزعيم‭ ‬الكوري‭ ‬الشمالي‭ ‬ثلاث‭ ‬مرّات‭ ‬في‭ ‬لقاءات‭ ‬تاريخية،‭ ‬أوّلها‭ ‬في‭ ‬سنغافورة‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2018‭ ‬وثانيها‭ ‬في‭ ‬هانوي‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬شباط‭/‬فبراير‭ ‬2019‭ ‬وثالثها‭ ‬على‭ ‬خطّ‭ ‬الهدنة‭ ‬المنزوع‭ ‬السلاح‭ ‬للعام‭ ‬1953‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2019‭ ‬عندما‭ ‬اجتاز‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬رمزيا‭ ‬الحاجز‭ ‬الفاصل‭ ‬ليخطو‭ ‬خطوات‭ ‬معدودة‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭.‬

‭ ‬‮«‬غرام‮»‬‭ ‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬‮«‬الغرام‮»‬‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الزعيمين،‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قول‭ ‬ترامب،‭ ‬لم‭ ‬تفض‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬إلى‭ ‬أيّ‭ ‬تقدّم‭ ‬كبير‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2025،‭ ‬باتت‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬مختلفة‭ ‬كثيرا‭ ‬عما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العقد‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الألفية‭ ‬الجديدة‭.‬

وصحيح‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬عزلة‭ ‬وعرضة‭ ‬للعقوبات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬لم‭ ‬تخفّف‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬تطوير‭ ‬برامجها‭ ‬النووية‭ ‬والبالستية‭ ‬العسكرية‭ ‬وتحالفت‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬وأرسلت‭ ‬لها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬جندي‭ ‬وأسلحة‭ ‬لمؤازرتها‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬بحسب‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الكورية‭ ‬الجنوبية‭ ‬والأميركية‭.‬

ولفت‭ ‬تشا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬‮«‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬غير‭ ‬مكترثة‭ ‬للحوار‭ ‬مع‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والأميركيين‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬تتلقى‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬روسيا‮»‬‭. ‬وحتّى‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ (‬2021-2025‭)‬،‭ ‬خلف‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬رئاسته‭ ‬الأولى‭ ‬وسلفه‭ ‬في‭ ‬رئاسته‭ ‬الثانية،‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬مدّ‭ ‬جسور‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬مسؤولين‭ ‬كوريين‭ ‬شماليين،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭. ‬وقد‭ ‬يجد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬قلب‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬النظام‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الرئيس‭ ‬لي‭ ‬حليفا‭ ‬للتقرّب‭ ‬من‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭.‬

وحلّ‭ ‬الرئيس‭ ‬الكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬الجديد‭ ‬خلفا‭ ‬محلّ‭ ‬يون‭ ‬سوك‭ ‬يول‭ ‬الذي‭ ‬أقيل‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬بعد‭ ‬محاولته‭ ‬فرض‭ ‬الأحكام‭ ‬العرفية‭ ‬في‭ ‬البلد‭.‬

مقاربة‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭ ‬

ويتّفق‭ ‬لي‭ ‬المحسوب‭ ‬على‭ ‬اليسار‭ ‬مع‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬انتقاد‭ ‬الكلفة‭ ‬الباهظة‭ ‬للتحالف‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبلده‭ ‬حيث‭ ‬يتمركز‭ ‬28500‭ ‬جندي‭ ‬أميركي‭.‬

لكنه‭ ‬لا‭ ‬يشكّك‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬المناورات‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬سخط‭ ‬الجارة‭ ‬الشمالية‭.‬

وقبل‭ ‬واشنطن،‭ ‬زار‭ ‬لي‭ ‬السبت‭ ‬اليابان‭ ‬حيث‭ ‬أعاد‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬التزامه‭ ‬بالتحالف‭ ‬الثلاثي‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انتقادات‭ ‬اليسار‭ ‬للماضي‭ ‬الاستعماري‭ ‬الياباني‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

وفيما‭ ‬انطلق‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬أوّل‭ ‬جولة‭ ‬خارجية‭ ‬له‭ ‬كرئيس‭ ‬جديد‭ ‬لكوريا‭ ‬الجنوبية‭ (‬ما‭ ‬عدا‭ ‬القمم‭ ‬الدولية‭)‬،‭ ‬دخل‭ ‬كيم‭ ‬جونغ‭ ‬أون‭ ‬على‭ ‬الخطّ‭ ‬مجدّدا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإشراف‭ ‬السبت‭ ‬على‭ ‬تجارب‭ ‬صواريخ‭ ‬دفاعات‭ ‬جوية‭ ‬تستخدم‭ ‬‮«‬تكنولوجيا‭ ‬خاصة‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أفادت‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬المركزية‭ ‬الكورية‭ ‬الشمالية‭.‬

وحذّرت‭ ‬بيونغ‭ ‬يانغ‭ ‬سيول‭ ‬السبت‭ ‬من‭ ‬مغبّة‭ ‬التصعيد‭ ‬واتّهمت‭ ‬جنودها‭ ‬بإطلاق‭ ‬طلقات‭ ‬تحذيرية‭ ‬الثلاثاء‭ ‬عند‭ ‬الحدود‭ ‬بعد‭ ‬توغّل‭ ‬وجيز‭ ‬لقوّات‭ ‬الشمال‭.‬

وفي‭ ‬مسعى‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬خطر‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬اللذين‭ ‬ما‭ ‬زالا‭ ‬تقنيا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬منذ‭ ‬النزاع‭ ‬بينهما‭ (‬1950-1953‭)‬،‭ ‬اعتمد‭ ‬الرئيس‭ ‬الكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬مقاربة‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭ ‬هي‭ ‬تجميد‭ ‬وخفض‭ ‬وتفكيك‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الكوري‭ ‬الشمالي‭.‬

ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تلقى‭ ‬استحسان‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬التحاور‭ ‬مع‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ريتشل‭ ‬مينيونغ‭ ‬لي‭ ‬المحلّلة‭ ‬لدى‭ ‬مركز‭ ‬ستيمسون‭.‬

مشاركة