تراكمية البناء الإيجابي – جاسم مراد

تراكمية البناء الإيجابي – جاسم مراد

كان واضحاً في التشخيص ، خطاب السيد عمار الحكيم في عيد الأضحى ، فالوضع السياسي العام ، والعلاقات السياسية بين مختلف الأطراف متأزمة ، فاللـــــــجوء للبناء على قاعدة التراكم الإيجابي لما تحقق خلال الفترة الوجيزة الماضــــــية أو ما سبق هو الحل للازمة الـقائمة ، وهو الطريق الأمثل للمضي نحو ترصين العلاقات الوطنية ، وتعزيز مؤسسات الدولة وتطويرها ، واستمرارية مكافحة الفساد ، وتحريك واستنهاض المتوقف من المنشئات والمصانع والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية .

المخلصون ليس همهم ، استبدال وزير مقابل وزير ، ولا مدير عام ، مقابل أخر ، ولا حتى رئيــــــــس وزراء مقابل أخر ، المخلصون همـــــهم الخروج من الازمة عبر الدفاع عن التراكم الإيجابي لكـــــــل شخصية في السلطة عملت بإخلاص وحقـــــــقت نتــــائج مقـــبولة أو متقدمة .

فعملية الاستبدال ، على أساس الولاءات المذهبية والعرقية والحزبية ، لا يمكن أن تبني الدولة ، ولا تخلق الاستقرار ، ولا حتى أن تخلق نظاماً إداريا قادراً لتحمل المسؤوليات ، والاستجابة لمتطلبات المواطنين وتمشية معاملاتهم وتلبية حقوقهم على وفق مجريات الدولة الرصينة .

إذا اردنا الاستفادة من تجارب العالم ،فهناك الكثير من الدول وفق النظام الانتخابي البرلماني أو الرئاسي، كثيرا ما تبقي على رؤساء الدوائر والوزراء ، بل حتى إعادة انتخاب الرأس الأول بالدولة لكون هذه الشخصيات مخلصة في عملها ولديها الكثير من التراكم الإداري مما يجعلها اكثر فعالية في توظيف الطاقات وتطوير الإدارات وخدمة الناس والمجتمع ، ففي تلك الدول صحيح إن الفوز في الانتخابات مهم كونه فوزاً تنافسياً وفق شروط واليات العمل الديمقراطي ، لكن الأهم هو ترصين الدولة وتطوير مؤسساتها وتقديم افضل ما يستحقه المواطن في هذا العصر ، عصر التكنلوجيا والتقدم والحياة الأفضل للإنسان معيشيا واقتصاديا وتربويا وخدميا.

التملق والانتهازية

نحن في العراق اخطئنا طيلة _ 19_ عاما فقد اعتبرت الكتل السياسية والأحزاب السلطة غنيمة ، وليس خدمة للإنسان ، وتعاملنا مع المذاهب والعرقيات ، هي جهة الاستبدال المثلى في دوائر الدولة ، وكدنا جميعاً أن نشعر بالزهو وفعالية التملق والانتهازية ، لكل من يرتفع شأناً ماديا خلال أربعة سنوات الحكم إذ كان ذلك من أعضاء البرلمان أو في دوائر الدولة ، ولم نقف بالضد ضد هذا الصعود المادي الخرافي، مما جعل المرتشون يتزايدون والنهابون يتنافسون مع بعظهم والفاسدون يشكلون قوة مؤثرة في استبدال هذا ، وطرد ذاك ، ووقف هذا المشروع ، وتشغيل ذاك ربع طاقته ، والدفاع عن هذا الفاسد ، وطرد ذاك المخلص . هذا الوضع الذي وصلنا له ، سببه الشخص الغير مناسب ، في مكان مهم مناسب ، مما جعله غير قادر أن يعطي ويخلص ويبدع ، كون إمكانياته محدودة وعقله غير مبدع ، ورغبته في العمل متوقفة عند حدود حجم الاستفادة الذاتية من هذا العمل . وعندما نقول ذلك لا نتجاوز على أحد وإنما هذا هو طبيعة وشريعة العمل على وفق التوزيعات المذهبية والعرقية والطائفية ، ليس بالعراق وحده وإنما في كل الدول التي تعتمد سياسة المشيخة وتوزيع المغانم بين حاشية السلطة ، وما حصل في سيرلانكا وثارت الناس هو نتيجة لهذه السياسة .السيد عمار الحكيم رئيس تحالف قوى الدولة ، كان مبدعا في التشخيص ، ومتقدما في وضع الحلول المبنية على أهمية خلق وتوسيع التراكم الإيجابي ، في الدولة والسلطة معاً ، فالحزب الناجح ، والكتلة السياسية المخلصة وطنيا هي التي تشتغل على تعضيد دور البنائين والمخلصين في الدولة والسلطة ، لا  لتغييرهم ، لكون البناء هو الذي يحقق الفائدة للدولة والمجتمع ، ويجعل هذا الحزب وتلك الكتلة التي تعمل وفق منطق المصلحة العامة هي المقبولة شعبياً ..

ما يؤسفنا هو وضعنا الراهن ، رغم مرور هذه السنوات الطويلة ، فلا تمكنا من بناء دولة حضارية بمؤسسات رصينة ، ولا نجحنا في تحقيق كوادر علمية قادرة لتحمل مسؤولياتها والنهوض  بالبلاد ، وهذا الأمر ليس عيباً بالقدرات والطاقات العراقية الخلاقة ، وإنما العيب كل العيب بهذا النظام المبني على الحصص والجماعات . لذا من الضرورة بمكان إذا ارادت هذه الأطراف مجتمعة ، أن تعزز الإيجابي وتبقيه في موقعه لكون أداءه كان جيدا ومخلصاً ، وان تستبدل السيء النهاب الضعيف بشخصيات عراقية وطنية وما اكثرها .

مشاركة