تجار متبرعي الأعضاء ـ عبد الله القاق
أن يتم الاحتفال مؤخرا بانضمام الاردن لموسوعة غينيس العالمية لتسجيله العدد الاكبر في مجال التبرع بالاعضاء تعتبر شهادة دولية لما يحقق الاردن في مجالات متعددة بهذا العمل التطوعي والانساني والذي خطا الاردن خطوات كبيرة في المجال الصحي حيث تم انجاز اول عملية نقل كلية في عام 1972 والتي كانت لمؤسسة الخدمات الطبية الملكية الدور الاول في تحقيقها وانجازها كما قال وزير الصحة في الاحتفال الذي جرى برعاية سمو الامير رعد بن زيد رئيس الجمعية الاردنية لتشجيع التبرع بالاعضاء.. فدخول اسم الاردن في سجل هذه الموسوعة تم بتضافر جهود كافة القطاعات الصحية والعلمية في الاردن حيث تم التبرع بـ 4000 قرنية لأحباء فقدوهم مانحين النور لغيرهم.
هذا الاعلان الذي جرى الاحتفال به في المستشفى التخصصي من حملة عيوني حياة التي نظمتها الجمعية في العام الماضي وتم خلالها تجميع 3540 بطاقة توصية للتبرع بالقرنيات متجاوزة الرقم الذي حققته جامعة اون لوين الامريكية والتي جمعت 2262 بطاقة تبرع بالاعضاء يدل على مدى الوعي الصحي والثقافي لدى المواطنين والذي اكد رئيس مجلس ادارة ومدير عام المستشفى التخصصي الدكتور فوزي الحموري ان الهدف من اطلاق هذه الحملة هو تشجيع الاردنيين على ثقافة العمل التطوعي والتذكير بأهمية التبرع بالاعضاء خاصة من فئة الشباب.
فمثل هذه الجمعية ينبغي دعمها من اجل تفعيل اعمالها ودورها الطليعي في خدمة الوطن والمواطنين وتجسيد فكرة تشجيع المواطنين على التكافل فيما بينهم لتخفيف المعاناة التي قد يسببها فقدان احد اعضاء جسم الانسان فضلا عن تشجيع اولياء امور الافراد الذين توفاهم الله التبرع بالاعضاء التي يمكن ان يُستفاد منها في انقاذ حياة انسان اخر، او تحسين نمط حياته وهذه الاعضاء هي القلب والكليتان والقرنيتان بغية ابراز مدى اهمية التبرع بالاعضاء لدى المواطنين من خلال قيام الاطباء المتخصصين وعلماء الدين وقادة الرأي في المجتمع باعداد المحاضرات الخاصة في هذا المجال ودعم البحوث العلمية المتعلقة بهذه الزراعة والعمل على ابراز النموذج الحي لأهمية هذه الخطوة من خلال القيام بحملات توعية اعلامية شاملة.
ولعل ضرورة استصدار قانون لانشاء المركز الوطني لزراعة الاعضاء وهو ما دعا اليه سمو الامير رعد بن زيد خلال الحفل الذي شاركت به بحضور الوزراء والنواب ولفيف من طلبة الجامعات والاعلاميين تعتبر من القضايا الهامة والمستعجلة لمجلس النواب بحيث يحدد الاهداف الضرورية لذلك بحيث يتم الاستخدام العلاجي الجراحي للاعضاء البشرية الذي ينطوي على استبدال عضو سليم مستخرج من منقول منه حيا او ميتا بالعضو المريض، فانشاء هذا المركز بقانون يُفعِّل دوره واعماله، بحيث يتولى ادارة وتنظيم عمليات نقل الاعضاء والانسجة، فضلا عن دوره في تصنيف الاعضاء والانسجة المتبرع بها وتسجيل راغبي زرعها وفقا لنوع الانسجة والفصيلة والمناعة والاشراف والرقابة على المستشفيات والمراكز الطبية المرخص لها باجراء عمليات نقل وزرع الاعضاء وهذا المركز مهمته التأكد من انه لا يجوز نقل اعضاء او اجزاء منها او انسجة من جسم انسان لآخر الا للضرورة القصوى التي تقتضيها المحافظة على حياة المنقول اليه او علاجه من مرض جسيم وان لا يترتب على هذا النقل تهديد خطير لحياة المنقول منه كما نصت عليه بعض القوانين والانظمة بالدول العربية. والواقع ان زراعة الاعضاء او نقلها هي واحدة من اكثر انجازات الطب الحديث اعجازا، فزراعة الاعضاء غالبا ما تكون الحل الوحيد والاخير في المراحل المتقدمة من الفشل العضوي كما في امراض القلب والكبد والكلى، المزمنة الامر الذي اعطى وما زال يعطي الامل في الحياة لملايين المرضى على مستوى العالم.. ففي الاردن تجري عملات زرع الاعضاء بنجاح تام.. واثبت اطباؤنا وخبراؤنا الاختصاصيون نجاعة اعمالهم حتى اصبح الاردن قبلة للمرضى من الدول الشقيقة والصديقة نظرا لريادة الصحة العامة فيها، خاصة وان البرامج التي يقدمها الاطباء الاردنيون تمثل نماذج طيبة ومتقدمة بالعمل الطبي. ومن الواضح القول ان التبرع بالاعضاء هو الاصل في عمليات زراعة او نقل الاعضاء والانسجة، ولكن للاسف فانه مع ندرة هذه الاعضاء فقد بدأت في بلدان عربية وافريقية اخرى عمليات التجارة فيها على المستويات العربية والاقليمية في التصاعد.. مما ادى الى تزايد الانتهاكات والاستغلال خاصة ضد الفقراء لصالح الاغنياء ولصالح بعض شركات الوساطة والسمسرة في عمليات عابرة للبلدان فيما يُعرف بسياحة زراعة الاعضاء وهو الامر الذي يعتبر انتهاكا واضحا وصارخا لحقوق الانسان الاساسية الامر الذي يجب ان يكون الامر متضمنا في قانون هذا المركز الجديد.
لقد رصدت منظمة الصحة العالمية مؤخرا نمو ظاهرة سياحة زرع الاعضاء في العديد من الدول في منتصف التسعينيات من القرن الماضي حيث تشير الدراسات الى ان حجمها بلغ 10 في المائة من اجمالي ممارسات زراعة الاعضاء على مستوى العالم وذلك في ضوء عدم كفاية الدراسات الوافية وغياب الاحصاءات الموثقة حولها رغم مؤشرات انتشارها اقليميا وعالميا… الامر الذي يستدعي من الحكومات المسؤولة تكثيف جهودها للحد من الظاهرة بسرعة، عن طريق استصدار التشريعات اللازمة لتجريمها بالاضافة الى تنسيق الجهود بين الجهات المحلية والاقليمية والدولية في هذا المجال للحد من انتشار السوق السوداء عليها.
ولعل اباحة الازهر لهذه التبرعات بالاعضاء يجعل الامر ميسورا على الجميع للقيام بهذه الاعمال التطوعية خاصة وان الدكتور سعدالدين الهلالي استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر قال مؤخرا ان الاصل في الاشياء الاباحة الا اذا ما وجد ما يحرم والاصل في اي شيء هو العلم وبالاخص موضوع زراعة الاعضاء ونقلها.. مشيرا الى ان جمهور الفقهاء المعاصرين اجمعوا على ان موضوع نقل الاعضاء كالقرنية مثلا او الكبد او الكلى يمكن وجائز ايضا لان الميت دماغيا له بعض احكام الموت اي ان اي امر او نهي وله مقصد. خطوات صحية متميزة.. ندعو كل المواطنين الى التبرع بالاعضاء دون تردد.. فتبرعوا واستمروا في مسيرة العمل الجاد للنهوض بالوطن انطلاقا من قول جلالته اطلقوا طاقاتكم… تخيلوا المستقبل… وقودوا المسيرة… فلكم كل الدعم من الآن وانا فخور بان اكون واحدا من اشد داعميكم.
الامل كبير في ان تتضافر كل الجهود لانجاز مشروع المركز الوطني لتشجيع نقل وزراعة الاعضاء في مجلس النواب قريبا حتى يكون لهذا العمل الدور الفاعل والبارز نحو تحقيق الاماني والاهداف التي من شأنها الحفاظ على صحة المواطنين جميعا.
رئيس تحرير جريدة الكاتب العربي الاردنية
AZP07