تاريخ مضطرب وماض عنصري للأمريكان يهيمنان على مهرجان ساندانس السينمائي

لوس‭ ‬انجليس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬يسلّط‭ ‬مهرجان‭ “‬ساندانس‭” ‬السينمائي‭ ‬الضوء‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬المضطرب‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وماضيها‭ ‬العنصري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬أفلام‭ ‬تتناول‭ ‬مواضيع‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬سفينة‭ ‬معروفة‭ ‬لنقل‭ ‬العبيد‭ ‬إلى‭ ‬النزعة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتعامل‭ ‬بها‭ ‬الشرطة‭ ‬مع‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬حركة‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭.‬

ويعرض‭ ‬المهرجان‭ ‬الذي‭ ‬يُقام‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬للسنة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭-‬19،‭ ‬أفلاماً‭ ‬وثائقية‭ ‬ودرامية‭ ‬تتناول‭ ‬العدالة‭ ‬العرقية،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬فيلما‭ “‬ديسندنت‭” ‬و‭”‬رايوتسفيل،‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إيه‭”.‬

وتزور‭ ‬المخرجة‭ ‬مارغريت‭ ‬براون‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ “‬ديسندنت‭” ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬السبت‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬ضمن‭ ‬المهرجان،‭ ‬مسقط‭ ‬رأسها‭ ‬ألاباما‭ ‬حيث‭ ‬رست‭ ‬سفينة‭ “‬كلوتيلدا‭” ‬وعلى‭ ‬متنها‭ ‬110‭ ‬من‭ ‬العبيد‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1860،‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬حظر‭ ‬تجارة‭  ‬عبر‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭.‬

ويعيش‭ ‬أحفاد‭ ‬العبيد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬نفسه،‭ ‬ويخبرون‭ ‬حكايات‭ ‬أسلافهم‭ ‬التي‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العائلة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تملك‭ ‬السفينة،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أيضاً‭.‬

وعُثر‭ ‬على‭ ‬حطام‭ ‬السفينة‭ ‬التي‭ ‬أغرقها‭ ‬صاحبها‭ ‬عمداً‭ ‬لتجنب‭ ‬الملاحقة‭ ‬الجنائية،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018،‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬تحديد‭ ‬مكان‭ ‬حطام‭ ‬سفن‭ ‬العبيد‭ ‬نادر‭ ‬جدّاً‭.‬

وتقول‭ ‬براون‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تصوير‭ ‬الفيلم‭ ‬قبل‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ “‬كنت‭ ‬أعلم‭ ‬أنّ‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬السفينة‭ ‬سيشكّل‭ ‬دليلاً‭. ‬إنها‭ ‬طريقة‭ ‬تسمح‭ ‬للأشخاص‭ ‬بتتبّع‭ ‬أصولهم‭ ‬شخصياً‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭”.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬أحفاد‭ ‬العبيد‭ ‬الذين‭ ‬هرب‭ ‬أسلافهم‭ ‬من‭ ‬العبودية‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مهمشة‭ ‬تحيط‭ ‬بها‭ ‬مناطق‭ ‬تنتشر‭ ‬فيها‭ ‬صناعات‭ ‬ثقيلة‭ ‬تؤدّي‭ ‬ملوّثاتها‭ ‬إلى‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان‭.‬

وبحسب‭ ‬الفيلم،‭ ‬شيّدت‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬المصانع‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬استأجرتها‭ ‬عائلة‭ ‬ميهر‭ ‬التي‭ ‬تملك‭ “‬كلوتيلدا‭”. ‬ورغم‭ ‬تعاون‭ ‬عائلة‭ ‬ميهر‭ ‬مع‭ ‬براون‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقي‭ ‬سابق،‭ ‬لم‭ ‬يشارك‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ “‬ديسندنت‭”.‬

وتعتبر‭ ‬براون‭ ‬أنّ‭ “‬الأشخاص‭ ‬كانوا‭ ‬خائفين‭”‬،‭ ‬مضيفةً‭ ‬أنّ‭ “‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬لطرح‭ ‬نقاش‭ ‬حول‭ ‬تعويض‭” ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬العبودية‭.‬

وتضيف‭ “‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬التعويض‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كلمة‭ ‬خادعة‭. ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬خادع‭ ‬في‭ ‬العدالة‭. ‬أتمنّى‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬نقاش‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭”‬

وفي‭ ‬فيلم‭ “‬رايوتسفيل،‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إيه‭” ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ “‬ديسندنت‭”‬،‭ ‬تكشف‭ ‬سييرا‭ ‬بيتنغيل‭ ‬مدناً‭ ‬نموذجية‭ ‬وهمية‭ ‬استخدمتها‭ ‬الشرطة‭ ‬والجيش‭ ‬في‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لقمع‭ ‬احتجاجات‭ ‬مطالبة‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭.‬

وتُظهر‭ ‬لقطات‭ ‬مدرجاً‭ ‬مليئاً‭ ‬بقادة‭ ‬عسكريين‭ ‬وهم‭ ‬يضحكون‭ ‬ويصفقون‭ ‬أثناء‭ ‬وضع‭ ‬رجل‭ ‬أسود‭ ‬في‭ ‬سيارة‭ ‬حديثة‭ ‬تابعة‭ ‬لوحدة‭ ‬مكافحة‭ ‬الشغب،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬قرية‭ “‬رايوتسفيل‭” ‬الوهمية‭.‬

وتشير‭ ‬بيتنغيل‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ “‬أفراد‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ ‬وعملاء‭ ‬سريين‭ ‬وقادة‭ ‬في‭ ‬الشرطة‭ ‬وعسكريين‭ ‬بارزين‭ ‬وسياسيين‭ ‬وأعضاء‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭” ‬في‭ ‬اللقطات‭. ‬وتعتبر‭ ‬أنّ‭ “‬رؤية‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬تضحك‭ ‬على‭ ‬ظلم‭ ‬مماثل،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬عرضه‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬بصورة‭ ‬أقل‭ ‬ألماً‭ ‬وعضباً‭ ‬تعطينا‭ ‬فكرة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬التصرفات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭”.‬

وصُممت‭ ‬شوارع‭ “‬رايوتسفيل‭” ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬أرشيف‭ ‬تدريبات‭ ‬عسكرية‭ ‬ولقطات‭ ‬إعلامية،‭ ‬بطريقة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الحاجات‭ ‬وأعمال‭ ‬الشغب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬عشرات‭ ‬المدن‭ ‬الأميركية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

تشير‭ ‬مديرة‭ ‬المهرجان‭ ‬تابيثا‭ ‬جاكسون‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الظلم‭ ‬العنصري‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬مواضيع‭ “‬تصفية‭ ‬الحساب‭ ‬المعقدة‭” ‬و‭”‬المساءلة‭” ‬التي‭ ‬تناولها‭ ‬صانعو‭ ‬الأفلام‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬المهرجان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.‬

وتقول‭ ‬براون‭ “‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تُطرح‭ ‬حالياً،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭”‬،‭ ‬مشيرةً‭ ‬إلى‭ ‬المعركة‭ ‬القائمة‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬التصويت‭ ‬والتي‭ ‬وصفها‭ ‬الديموقراطيون‭ ‬بأنّها‭ ‬هجوم‭ ‬شامل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الولايات‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الأقليات‭ ‬العرقية‭.‬

وتضيف‭ “‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المحادثة‭ ‬ضرورية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬وأتت‭ ‬متأخرة‭”.‬

وتعتبر‭ ‬أنّ‭ ‬مشاهدة‭ ‬ما‭ ‬بُني‭ ‬عليه‭ ‬النظام‭ ‬كعسكرة‭ ‬الشرطة‭ “‬تعطينا‭ ‬دافعاً‭ ‬لندرك‭ ‬أننا‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭”.‬

ويستمر‭ ‬مهرجان‭ “‬ساندانس‭” ‬السينمائي‭ ‬الذي‭ ‬افتتح‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬الجاري،‭ ‬حتى‭ ‬30‭ ‬منه‭.‬

مشاركة