تأثير الصراع السياسي على المشهد الأمني – سامي الزبيدي

تأثير الصراع السياسي على المشهد الأمني – سامي الزبيدي

الصراع السياسي المحتدم والمستمر في البلاد بين الأحزاب والكتل السياسية على المناصب والمكاسب والغنائم ينعكس بشكل سلبي على الأوضاع الأمنية في البلد ,فالخلافات والصراعات  السياسية بين الأحزاب والكتل تؤثر بشكل كبير على أمن الوطن والمواطنين فمتى ما استقرت الأوضاع السياسية وتصافى السياسيون بينهم يستقر الوضع الأمني نسبياٌ وإذا طغت الخلافات والمناكفات السياسية على العلاقة بين السياسيين والأحزاب والكتل السياسية ازداد الوضع الأمني تأزماٌ وتدهوراُ حيث تشهد بغداد والمحافظات تصاعداً ملحوظاً في التفجيرات بالعجلات المفخخة أو الأحزمة والعبوات الناسفة والاغتيالات والخطف وغيرها من العمليات الإجرامية والضحية دوماً هم المواطنين الأبرياء وهذا ما يحدث بعد أزمة  كل أزمة سياسية وبعد كل خلافات على المناصب والمكاسب بين الكتل والأحزاب خصوصاً المتنفذة منها ومع تصاعد هذه  الخلافات يتصاعد مؤشر التدهور الأمني بشكل كبير خصوصاً في العاصمة بغداد حيث مراكز القوة والنفوذ للأحزاب والكتل السياسية وحيث مقرات الحكومة والأجهزة والمؤسسات الأمنية  كما يمتد هذا التدهور الى بعض المحافظات المهمة التي يتواجد فيها ثقل لبعض الأحزاب السياسية المتنفذة  حيث تصاعدت وتيرة الخروقات الأمنية كتفجير العجلات المفخخة والعبوات الناسفة وتتصاعد أعمال الميليشيات المسلحة مثل الاغتيالات والسطو المسلح وعمليات الخطف وغيرها  , وكل هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية المدبرة هي انعكاس للصراع السياسي المحتدم بين الأحزاب الفاعلة والمؤثرة في العملية السياسية المشوهة التي جاء بها الاحتلال وللخلافات المستمرة على المناصب والمكاسب والغنائم بين الكتل والأحزاب السياسية التي تمتلك كلها ميليشيات مسلحة ومجهزة بأسلحة وآليات وتجهيزات من الدولة ولها تأثير كبير على المشهد الأمني  لان سلطتها ونفوذها أعلى من سلطة الدولة ولا تتمكن القوات الأمنية والسيطرات ونقاط التفتيش من اعتراضها أو التصدي لها  وبواسطتها تتمكن الأحزاب والكتل السياسية المتنفذة تحريك المشهد الأمني والتأثير فيه متى تشاء وكيف ما تشاء وفي هذا الصدد أشار رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية بعد التفجيرات الأخيرة التي ضربت بغداد وبعض المحافظات إن هذه التفجيرات ذات طابع سياسي وحزبي في تأكيد واضح على تأثير المشهد السياسي على الوضع الأمني في العراق وهذا الأمر تستغله الجماعات المسلحة و الإرهابية التي تلبس زى الميليشيات الذي هو زى القوات الأمنية وتستقل نفس عجلاتها وتتمكن من  اختيار المكان والوقت الملائمين لتنفيذ عملياتها الإرهابية وبكل سهولة لتزيد المشهد الأمني سوءاً , ثم إن الأجهزة الأمنية مسيسة وتخضع مناصبها العليا للمحاصصة الحزبية والطائفية لا لاعتبارات المهنية والاختصاص والكفاءة والتدرج فأغلب قادتها وقادة المناصب الاستخباراتية قد حصلوا على مناصبهم ورتبهم بسبب انتماءاتهم الحزبية وليس بالتدرج الوظيفي المهني  ولا وفق معايير الكفاءة والمهنية والخبرة والتجربة ونتيجة لذلك  يتولى ضباط الدمج والضباط المحسوبين على الأحزاب والكتل السياسية من غير المهنيين والذين لا يمتلكون الكفاءة      والخبرة والتجربة مناصب القيادة للأجهزة الأمنية العليا والمهمة ومناصب الاستخبارات ويكون هدف هؤلاء الأول خدمة أحزابهم وكتلهم التي أوصلتهم لهذه المناصب لا خدمة الوطن والمواطنين مما يؤثر هذا الأمر بشكل كبير على تدهور الوضع الأمني و ضحية ذلك دوماً المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم وممتلكات الدولة, فإذا بقيت الخلافات والصراعات السياسية بين الكتل والأحزاب  والتي سببها المباشر الصراع على تقاسم المناصب والمكاسب والغنائم  والسلطة والنفوذ بين هذه الكتل التي تريد الحفاظ على مناصبها ومنافعها الاقتصادية والمالية وعلى حساب معاناة الشعب العراقي وآلامه وإذا بقيت مليشيات الأحزاب السياسية تعمل بكل حرية خارج نطاق القانون والنظام, وإذا بقيت الأجهزة الأمنية مسيسة ومناصبها العليا والمناصب القيادية لتشكيلاتها وأجهزة استخباراتها تخضع للمحاصصة الحزبية والطائفية ,  وإذا بقيت هذه الأحزاب والكتل تعمل من اجل مصالحها الذاتية والفئوية والطائفية بعيدا عن مصلحة الوطن العليا ومصالح الشعب وتتجاهل حقوق الشعب ومطالبه وأولها تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية والأكاديمية والمتخصصة والاهم من ذلك المجربة والنزيهة لإنقاذ البلد من أزماته المتلاحقة والوصول به الى بر الأمان بعد أن دمره الفاسدون والفاشلون وسراق المال العام وناهبي ثروات الوطن وخونة الشعب والوطن حتى أوصلوه الى حافة الهاوية فان الصراع السياسي والتدهور الأمني  سيجر البلد الى عواقب وخيمة والى نفق مظلم لا بصيص من  نور في آخره .

مشاركة