بين شاعر وشعراء

بين شاعر وشعراء

حسن محمّد سعيد

عجبــــاً لمثلـِــك عاشقــاً متبــولا

قتـلَ الهــوى كيـلا يمـوتَ قتـيلا

تبكـي القصائـدُ عشقــَه وممــاتـَهٌ

إذ كــان مذبوحاً جـوًى وغلــيلا

عجباً لمثلِك شاعراً وصفَ الهوى

حيَّاً وقد ألفـَـى الهـوى مقتـــولا

عجبــــاً لمثــلِك والعجائـبُ كلـُّها

في نفسِك الحَيْرَى تقومُ ذهــولا

{ { { {

كم غامرتْ نفسي ترومُ نقائضــاً

إذ كنـــتُ عمَّـا قدَّمــتْ مســؤولا

وأنا الغريبُ بحيثُ غيري مُشبِهٌ

غيري وحيثُ أخذتُ أنقضُ جيـلا

منْ ليْ بقولِ قصيدةٍ سلكَتْ معي

شتـَّـــى دُروبٍ ذُلـِّلـــتْ تذلــــيلا؟

إنــِّي وردتُ فطاحـــلاً وفحــــولا

إنـّي ورِثـتُ مواهبــاً وعقــــولا

فذوو الطـِّوال ِالعشر ِقد نادمتُهم

فشربتُ عاطفـــة ًلهـم ومُـــيولا

ونزلتُ داراً كان قيسُ يزورهــا

فهويتُ فــوقَ طلــولِها تقبـــيلا

وأبـــيتُ عـــزّةَ صــدَّها وبثيـــنة ً

لمّا شهـِــدتُ كُثـــيِّراً وجمــــيلا

ووقفتُ حيـــث أبو نواس ٍقائــلٌ:

إنـِّي بُعِثتُ إلى الأديبِ رســــولا

إنـِّي بُعثـــت مُحطـِّما أصنامـَــكم

وأبيـدُ في هـذا الخـرابِ طلـــولا

وأبــا عُبـــادة والحبـيبَ كليهمـا

قد جئتُ أشكو عثرة ًوسبــيلا (1)

وسألتُ عن معنًى بعيدٍ راقَ لـي

وعن البديــع ِمُضلِّلي تضلـــيلا

فـأجـابـنــــي كــلٌّ بــأنَّ قريحـــة ً

عصماءَ راحتْ تكتبُ المأمـولا

فعجبتُ مِنْ قوليهما وحسِبتــُـني

عمّا علِــمتُ مسائــِلاً وجهـــولا

ورأيتُ أحمــدَ حالماً فأنـــارَ لــي

دربَ الخلودِ وكانَ لي قِنــديلا (2)

وأرانـــي الآيــاتِ تُعجـِـزُ رائيــاً

فيها المعانـــي فُصِّلتْ تفصــيلا

وأبـا فــــراتٍ زرتـُــه مُتسائـِـــلاً

عنْ أمَّــةٍ قد قتـِّلــتْ تقتــــيلا (3)

{ { { {

فإذا بصاعقـــةٍ تهُزُّ مسامـِــــعي

من فِيـْهِ تتـَّخِذ العـِـراقَ دلـــيلا

والغربة الخَرْساءُ ينطقُ صَمتُها

إذ تبصِرُ الشـِّعرَ المَقولَ جمـيلا

ومررتُ جَيْكُوراً أسائِلُ عن فتـًى

قد عاشَ مغترباً وماتَ علـيلا (4)

“فهو المسيحُ يجرُّ في المنفى”الأسى

وبويـــبَه وحضـــارة ًوعويــــلا

فلقِيتــُه يبكـي العـــراقَ وشعبـَـهُ

وصَبــيَّة ًوعجائـِــزاً وحقـــــولا

والمومِسُ العميـــاءُ تشهدُ أنَّــهُ

غنـَّى قضيَّــــتَها فكـــانَ نبـــــيلا

ورأيتُ نازكَ وهْيَ تذرفُ دمعــة ً

خَجْلَى لها فحبـَــوتُها المِــنديـلا

وأتيتُ ذا النّون ِالكريــمَ فدلّنـــي

أنَّ الهـوى لا يُبتَغى تأمـــــيلا (5)

والعاشقـينَ همُ الذيـــنَ يشفـُّهُـمْ

عِشــقُ النبــــيِّ وآلـــهِ معسـولا

فرجعتُ أدراجـــي أجـرُّ نَدامَــــة

مِمّـَا جنيتُ شقــــاوة ًوخُمــــولا

وخبرتُ سِرَّ تناقض ِالشـُّعرا ومنْ

خبرَ النـَّقِيضَ فلنْ يعيشَ طويلا!

(1) أبو عبادة هو البحتري ، والحبيب هو أبو تمّام.

(2) أحمد هو المتنبي.

(3) أبو فرات هو الجواهري.

(4) الفتى هو السيّاب.

(5) ذو النون هو ذو النون الأطرقجي.

مشاركة